< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/10/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الإعتكاف/ مسألة 43/ التعليق في الاعتكاف.

مسألة 43 : لا يجوز التعليق في الاعتكاف، فلو علّقه بطل، إلّا إذا علّقه على شرط معلوم الحصول حين النيّة فإنّه في الحقيقة لا يكون من التعليق[1] .

    1. وقد اختار هذا الراي أكثر من واحد من فقهائنا ففي الجواهر عبر بنفس التعبير الوارد في المتن، ويقع الكلام في ان التعليق يمكن فرضه على انحاء ولابد من تنقيح محل الكلام على أساسها:

النحو الأول: ان يكون نفس الفعل الصادر من المكلف معلقاً على امر او شرط لا يعلم حصوله

النحو الثاني: تعليق الانشاء على شرط غير معلوم الحصول والمقصود هو انشاء الالتزام بالاعتكاف فان ما ينشأه المعتكف هو الالتزام بالاعتكاف، كما ان العاقد ينشيء الالتزام بالملكية والزوجية في العقود

النحو الثالث: ان يكون المنشأ معلق على ذلك الشرط كالملكية في باب العقود لا انشاءها، والمقصود هو المنشأ بوجوده الفعلي لا بوجوده الانشائي فانه بوجوده الانشائي نفس الانشاء ولا يمكن التفكيك بينهما اذ يستحيل تحقق الانشاء بلا مُنشَأ

هذا من جهة ومن جهة أخرى فان التعليق تارة يكون على شرط معلوم الحصول حين النية وأخرى يكون على شرط مشكوك الحصول حينها وان علم بحصوله بعد ذلك

ومن جهة ثالثة تارة يكون التعليق على ما هو من شرائط صحة الفعل من قبيل ان يعلق اعتكافه على ان يكون المسجد الذي يريد الاعتكاف فيه مسجدا جامعا وأخرى يكون تعليقه على امر اخر لا علاقة له بصحة الاعتكاف كما لو علقه على مجيء ولده من السفر

والظاهر ان محل الكلام هو تعليق المنشأ بوجوده الفعلي على امر غير معلوم الحصول حين النية مما لا دخل له في صحة الاعتكاف، واما تعليق الفعل الخارجي فهو غير معقول أصلاً لان التعليق يعني التوقف والانتفاء عند الانتفاء والافعال الخارجية يدور امرها بين الوجود والعدم لأنه فعل خارجي فإما ان يكون موجودا او معدوما وليس فيها احتمال الوجود التعليقي بل يكون هذا اشبه بالجمع بين النقيضين فلو افترضنا تحقق الوجود الخارجي فلا معنى لتعليقه، نعم يوجد في الأفعال الخارجية تخلف الداعي كما لو ضرب شخصاً باعتقاد انه زيد ثم تبين انه عمرو وكما لو اقتدى بزيد ثم تبين انه عمرو فالاقتداء حصل هنا ولا يوجد تعليق وانما هو تخلف الداعي،

واما تعليق الانشاء فالظاهر انه غير معقول فالإنشاء لا يقبل التعليق لنفس السبب الذي ذكرناه انفا لان الانشاء يراد به ابراز المنشأ فالمعتكف بإنشائه الاعتكاف يريد ابراز وإيجاد التزامه باللبث في المسجد بشرائط معينة، ومن الواضح انه يدور بين الوجود والعدم فإما ان يبرز الالتزام او لا يبرزه بل لعل الانشاء من الأفعال الخارجية فهو لا يقبل التعليق

ومن هنا يتبين ان محل الكلام هو تعليق المنشأ بوجوده الفعلي لا بوجوده الانشائي كما لو علق الالتزام بهذا الاعتكاف بشرط شفاء ولده من المرض وبعبارة بسيطة هو تعليق الالتزام على شرط والالتزام ينتفي بانتفاء الشرط، وهذا التعليق ممكن بل هو حاصل كما هو الحال في باب الوصية فهي انشاء ملكية معلقة على الوفاة فالإنشاء فعلي ولكن المنشأ بوجوده الخارجي معلق على الوفاة، وكذا الواجبات المشروطة فإنشاء الوجوب فعلي ولكن الوجوب معلق على شرط غير معلوم الحصول،

واما ما ذكره السيد الماتن من التعليق على امر معلوم الحصول وهذا وان كان هو تعليق في الظاهر ولكنه بعد فرض العلم بتحقق هذا الشرط فكأنه ليس معلقا، فهذا أيضا خارج عن محل كلامنا بل الكلام في الشرط الذي لا علم له بحصوله في المستقبل

واما التقسيم الثاني فالظاهر ان محل الكلام هو ما كان التعليق على امر ليس شرطا في صحة الاعتكاف فانه لو علقه على شرط في صحة الاعتكاف فالظاهر انهم فارغين عن صحة هذا التعليق وجوازه، بل يظهر من بعضهم ان هذا التعليق واجب فلو لم يعلم بان هذا مسجد جامع ام لا واراد الاعتكاف فلابد ان يعلق اعتكافه على ان يكون هذا المسجد جامعاً،

ويستدل على عدم جواز التعليق في الاعتكاف بالمعنى الذي ذكرناه بوجوه:

الوجه الأول: الاجماع، وناقشوا فيه بعدم وجود هكذا اجماع وان قيل بتحققه في باب العقود والايقاعات على بطلان التعليق فيها، ولو تمت دعوى الاجماع فاحتمال المدركية وارد للوجوه التي استدلوا بها على عدم جواز التعليق في الاعتكاف

الوجه الثاني: دعوى منافاة التعليق لحصول النية المعتبرة في باب العبادات،

والمناقشة فيه ان المنافاة المدعاة في محل الكلام لابد ان يكون المقصود منها المنافاة الحاصلة من جهة عدم الجزم والتردد في نيته وحينئذ يكون جوابه عدم الدليل على اعتبار النية الجزمية في باب العبادات، فالمعتبر فيها قصد الامتثال والتقرب وهو حاصل في المقام والنية الاحتمالية كالنية الجزمية في تحقق قصد التقرب بها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo