< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الإعتكاف/ مسألة 40/ اشتراط الرجوع في الاعتكاف.

مسالة 40: يجوز له ان يشترط حين النية الرجوع متى شاء حتى في اليوم الثالث، سواء علق[1] الرجوع على عروض عارض او لا، بل يشترط الرجوع متى شاء حتى بلا سبب عارض ولا يجوز له اشتراط جواز المنافيات[2] كالجماع ونحوه مع بقاء الاعتكاف على حاله، و يعتبر أن يكون الشرط المذكور حال النيّة[3] ، فلا اعتبار بالشرط قبلها أو بعد الشروع فيه وإن كان قبل الدخول في اليوم الثالث

    1. شفي الدرس السابق قلنا بان اعتبار ان يكون العذر بالغاً الى حد الضرورة في نفوذ الاشتراط يلغي فائدة الاشتراط اذ معه يجوز الخروج سواء اشترط ام لا وبناءً على هذا نقول بان صحيحة ابي ولاد يصح الاستدلال بها لتعميم العارض الى مطلق العارض وعدم اختصاصه بالبالغ حد الضرورة

بان نقول ان مورد الرواية هو العارض ولا يشترط ان يبلغ الى حد الضرورة ولكن لا يصح الاستدلال بها على ما اخترناه وهو التعميم حتى لصورة اشتراط الرجوع متى شاء، ولكنه يكفي لهذا التعميم الذي اخترناه الأدلة السابقة

    2. الموجود في كلمات الفقهاء ايقاع المنافيات والمقصود بالجواز هنا الجواز الوضعي أي انه لو اشترط لا يترتب عليه أثر، وعلل عدم الجواز بانه لا دليل على نفوذ مثل هذا الاشتراط فان الدليل دل على نفوذ اشتراط الفسخ ولم يدل على نفوذ اشتراط فعل المنافي فلا يمكن الالتزام بصحة هذا الاشتراط ونفوذه لعدم الدليل عليه فنرجع الى اصالة عدم النفوذ[4]

تنقيح موضوع المسالة:

الامر الأول: ان المسالة لا تختص باشتراط فعل الجماع بل هي تعم جميع المنافيات كما أشار الى ذلك السيد الماتن (قده) وغيره.

الامر الثاني: الظاهر ان المقصود اشتراط ايقاع المنافيات بان يشترط في اعتكافه ان يفعل المنافي كالبيع والشراء اما مطلقاً او عند عروض عارض

الامر الثالث: الظاهر ان المقصود هو اشتراط فعل المنافي مع إرادة بقاء الاعتكاف كما أشار اليه السيد الماتن (قده) اما اذا كان اشتراط فعل المنافي مع إرادة فسخ الاعتكاف فان هذا يرجع الى اشتراط فسخ الاعتكاف وقد دلت الأدلة على نفوذه، وكلامنا مع إرادة بقاء الاعتكاف، وفي موردنا يستدل على عدم الجواز بوجوه:

الوجه الأول: ان يقال بان النصوص المتقدمة دلت على جواز اشتراط فسخ الاعتكاف فيكون نظير اشتراط فسخ العقد وحل الاحرام عند عروض عارض، والمقصود هو اشتراط فسخ الشيء، ولم تدل النصوص على جواز اشتراط فعل ما ينافي الاعتكاف مع فرض بقاء الاعتكاف، فلا دليل على صحته ونفوذه فلا يترتب على هذا الاشتراط أثر ولو لأصالة عدم ترتب الأثر وهذا معنى عدم الجواز الوضعي

الوجه الثاني: ما أشار اليه البعض من التمسك بالأدلة الدالة على بطلان الشروط المخالفة للكتاب والسنة وهذا شرط مخالف للكتاب والسنة، ففي الجماع مثلا هو مخالف للكتاب كالآية الشريفة ((وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)) والسنة أيضا تدل على ان هذا الشرط مخالف للسنة

بل ذكر بعضهم بان الأدلة الدالة على بطلان الشروط الموجبة لتحليل الحرام تشمل المورد فان اشتراط الجماع اثناء الاعتكاف يؤدي الى تحليل الحرام

الوجه الثالث: هناك اشكال في أصل انعقاد الاعتكاف مع هذا الاشتراط لان هذا الاشتراط يوجب خللا في النية ومع وجود الخلل في النية لا اشكال في البطلان بل الظاهر ان هذا يؤدي الى بطلان أصل الاعتكاف

وعلى كل حال فالظاهر انه لا اشكال في أصل المسالة

والفرق بين هذا الشرط وبين اشتراط الفسخ واضح فمن جهة ان الأدلة دلت على جواز اشتراط الفسخ ولم تدل على جواز اشتراط فعل المنافي

ومن جهة أخرى فان اشتراط الفسخ يختلف عن فعل المنافي لان معناه انه يفسخ العقد بينما هنا يشترط فعل المنافي للشيء مع بقاء ذلك الشيء لا انه يشترط فسخ الاعتكاف

    3. هذا هو الصحيح، والمقصود من الاشتراط قبل النية هو الاشتراط الغير المستمر والباقي الى حين النية والا كان مقترنا بها، كما ان الاشتراط بعد الشروع في الاعتكاف لا يترتب عليه الأثر

واستدل على ذلك بأدلة

الدليل الأول: صحيحة ابي بصير وموثقة عمر بن يزيد المتقدمتين والاستدلال بهما يكون باعتبار تشبيه الاشتراط في الاعتكاف فيهما بالاشتراط في باب الاحرام وهو يقتضي اتحادهما في وقت الاشتراط، ووقت الاشتراط في باب الاحرام هو وقت نية الاحرام

الدليل الثاني: ما ذكره السيد الخوئي[5] (قده) من ان هذا هو مقتضى معنى ومفهوم الشرط لان معنى الشرط هو ارتباط فاذا كان الاشتراط في عقد او في إيقاع حينئذ يتحقق مفهوم الشرط ويصدق عليه ان هذا اشتراط لأنه حصل ربط بين الشرط وبين العقد او الإيقاع

فاذا صدق مفهوم الشرط لأنه حصل به الربط فتشمله الأدلة الدالة على ان المؤمنين عند شروطهم

واما إذا لم يقع الشرط في عقد او إيقاع فان مفهوم الشرط لا يتحقق فهذا ليس بشرط كما لو اشترط ان يخيط له زيد ثوبه فهذا إذا صح تسميته بالشرط فهو شرط ابتدائي ولا دليل على وجوب الوفاء به ولا تشمله الأدلة الدالة على ان المؤمنين عند شروطهم فهو اشبه بالوعد فلا يجب الوفاء به وان كان يستحب

وما نحن فيه من هذا القبيل فاذا اشترط الرجوع حال النية يصدق مفهوم الشرط فتشمله الأدلة الدالة على نفوذ الشرط واما لو اشترطه ليس ضمن النية فهذا ليس بشرط فلا يشمله الأدلة الدالة على نفوذ الشرط لأنه لا يصدق عليه مفهوم الشرط

بالنسبة الى الدليل الأول فقد ذكرنا بان هذا الاستدلال مبني على افتراض وجود عموم في التشبيه واما إذا قلنا بانه لا يوجد عموم في التشبيه بل التشبيه بلحاظ الجهة التي كانت منظورة للمتكلم، ومعه لا يمكن ان نقول بانهما يجب ان يتحدا بلحاظ وقت النية ولعل التشبيه بلحاظ أصل الاشتراط كالحل والفسخ وهذا يكفي في منع الاستدلال بالروايات ويدعى بانه في المقام لا يوجد ما يدل على عموم التشبيه

واما ما ذكره السيد الخوئي (قده) فالاشتراط قبل النية او بعد الشروع بالاعتكاف لا يستلزم نفي الارتباط فلو كان واقعا قبل النية فلا ريب انه يشترط الرجوع عن الاعتكاف الذي سينويه فحصل الارتباط بين الاعتكاف الذي سينويه وبين هذا الشرط فالارتباط متحقق غاية الامر ان هذا اشترط للرجوع لا في نية الاعتكاف وهذا نحتاج الى دليل على اعتباره أي اعتبار ان يكون الاشتراط وقت نية الاعتكاف ولا يجوز ان يكون قبله ويمكن الاستدلال له بالروايات إذا تمت واما ان نستدل له بعدم تحقق مفهوم الشرط فهذا ليس بواضح.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo