< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/10/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الإعتكاف/ مسألة 35

مسالة 35: إذا خرج عن المسجد لضرورة فالأحوط مراعاة أقرب الطرق ويجب عدم المكث إلا بمقدار الحاجة والضرورة. ويجب أيضاً أن لا يجلس تحت الظلال مع الإمكان بل الأحوط أن لا يمشي تحته أيضاً بل الأحوط عدم الجلوس مطلقاً [1] [2] إلا مع الضرورة.

    1. كان الكلام في الجلوس مطلقا ولو لم يكن تحت الظلال وقد منع منه بعض الفقهاء واستدلوا للمنع ببعض النصوص التي تنهى عن الجلوس مطلقا كصحيحة الحلبي وصحيحة داود بن سرحان

وقلنا بان الاستدلال بهاتين الصحيحتين لاثبات المنع من الجلوس مطلقا اجيب عنه بوجهين:

الأول: ما ذكره صاحب الحدائق من انه لا بد من تقييد الاطلاق فيهما بصحيحة داود بن سرحان الثانية التي منع فيها من الجلوس مقيدا بان يكون تحت الظلال

وقلنا في جوابه بان المطلق والمقيد في المقام متوافقان وانما يصار الى التقييد فيهما بالشرطين المتقدمين وهما وحدة الحكم فيهما وان يكون المقيد له مفهوم، الا ان المقيد في محل الكلام لا مفهوم له فيبقى الاطلاق على حاله، ولكن قلنا بانه يطرح حينئذ سؤال بانه اذا كان الحكم مطلقاً فلماذا فيده بان يكون تحت الظلال في صحيحة داود بن سرحان الثانية، بل قد يقال بان هذا التقييد لغو فلاجل ان نصون كلام المتكلم الحكيم عن اللغوية فلابد ان نقول بان فائدة التقييد لاثبات ان المنع ليس موضوعه هو مطلق الجلوس والمتيقن من الممنوع هو ما اذا كان تحت الظلال وبهذا نصل الى نفس النتيجة التي وصل اليها في الحدائق

وجوابه هو ما ذكروه من الوجوه في هذا التقييد ونظائره مثل قوله تعالى (( وربائبكم اللاتي في حجوركم)) فقالوا بان هذا قيد غالبي وهو لا يمنع من اطلاق الحكم بالحرمة، وفي بعض الأحيان يكون المقيد هو مورد السؤال كما في قول السائل: في الغنم السائمة زكاة ؟ فيجيب الامام (عليه السلام): (( في الغنم السائمة زكاة)) او يكون هو محل الحديث، الا ان المشكلة في ان هذا الجواب لا يتم في محل الكلام لان التقييد في الصحيحة لم يكن قيدا غالبيا كما انه ليس موردا للسؤال ولا هو مورد اهتمام وليس هو مورد الحديث فيبقى الكلام في ان هذا التقييد قد يكون لغوا لو لم نقل بما ذكرناه سابقا

والاهم من هذا لاثبات ما وصل اليه صاحب الحدائق هو ان صحيحة داود بن سرحان الثانية واردة في مقام بيان حقيقة الاعتكاف فيكون لها ظهور في ان النهي عن الجلوس تحت الظلال هو المعتبر في الاعتكاف لا ان المعتبر فيه هو عدم الجلوس مطلقا. ومن هنا يكون هذا الظهور في هذه الصحيحة موجبا لتقييد الظهور في الصحيحتين السابقتين

الجواب الثاني عن الاستدلال بالصحيحتين: ما ذكره في المستمسك بقوله«لا يبعد أن يكون المراد منه ( النهي في الصحيحتين) النهي عن الجلوس الزائد على مقدار الحاجة وهو غير ما نحن فيه.»[3] ، ولعل السيد الخوئي[4] قد اتم هذا المطلب بذكر الوجه في عدم الاستبعاد الذي ذكره في المستمسك بان ظاهر العطف ب(ثم) في قوله: ((ثمّ لا يجلس)) في الصحيحتين هو ان الجلوس المنهي عنه يحتاج الى فترة زمنية بحيث يكون الجلوس بعد قضاء حاجته التي خرج لاجلها،

وقد تبين مما ذكرناه ان الوجه الأول تام بالملاحظة التي ذكرناها، وما ذكره السيد الخوئي (قده) لا يبعد ان يكون تاما وان لم يكن بذاك المستوى من الوضوح، وبهذا يتضح عدم امكان الاستدلال بالصحيحتين.

وذكر السيد الخوئي[5] (قده) بانه في احدى الصحيحتين بعد ان عطف النهي عن الجلوس ب(ثم) كرر المطلب في ذيلها وعطف بالواو، فبناءا على هذا الذيل لا يكون للرواية ظهور في كون الجلوس بعد قضاء الحاجة بل يكون لها ظهور في ان الممنوع منه هو مطلق الجلوس، وذكر بانه يمكن دفع هذا الاشكال بوجهين: الأول ما تقدم من لغوية التقييد اذا كان مطلق الجلوس هو الممنوع منه،

والجواب الثاني: ان الاطلاق خلاف المتعارف جدّاً، فإنّ التشييع بلا جلوس وإن أمكن ولكن العيادة بدونه غير ممكنة عادةً، للافتقار إلى المكث عند المريض والاستفسار عن صحّته وانتظار يقظته لو كان نائماً، فلا مناص من حمل النهي على إرادة الجلوس بعد قضاء الحاجة، فيخرج عن محلّ الكلام

ونظيف انه يمكن ان يكون الذيل مجرد تاكيد لما ورد في صدر الرواية لا انه في مقام بيان مطلب جديد حتى يكون منافيا لما ذكر في صدرها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo