< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الإعتكاف، شروطه

الدليل الخامس: -على عدم بطلان الإعتكاف بالخروج عن إكراه- ما ورد في تقريرات السيد الخوئي (قده) من ان الخروج عن إكراه من مصاديق الإضطرار حقيقة -غاية الأمر ان الضرورة في مورده نشأت من تهديد الغير بينما في غير هذا المورد تنشأ من أمور أخرى خارجية- فتشمله الأدلة الدالة على جواز الخروج في حالة الضرورة والإضطرار كما سيأتي بيانها.

لكن يقع التساؤل عن انه بعد ما كان مفاد الأدلة هو جواز الخروج للحاجة فمن أين أتى السيد الخوئي (قده) بقيد الإضطرار؟ والظاهر انه إستفاد من الروايات، حيث ان الوارد فيها جواز الخروج للحاجة التي لابد منها، فمنها إستفاد أن موضوع جواز الخروج ليس مطلق الحاجة بل الحاجة التي لابد منها، أي الحاجة التي يضطر اليها، نعم بعض الأدلة خالية عن هذا القيد ومطلقة من ناحيته، لكن هذا الاطلاق لابد من حمله على ما هو موجود في باقي الروايات، فتكون النتيجة انه يجوز الخروج للحاجة التي يضطر إليها.

ويلاحظ عليه: أن ما ذكره من أن الموضوع في الأدلة ليس مطلق الحاجة بل هو الحاجة التي لابد منها صحيح -وإن كانت توجد رواية تقول الخروج لحاجة من دون قيد لكن لابد من تقييدها بالخروج لأجل الضرورة التي لابد منها، لوجود هذا القيد في بعض الروايات-، لكن هذا الكلام يعني أن الموضوع كما لا يكون مطلق الحاجة، كذلك لا يكون مطلق الإضطرار والضرورة، بل هو الحاجة التي لابد منها، أي يضطر إليه المكلف. وعليه لا تكون الأدلة شاملة لمحل الكلام -وهو الخروج الإكراهي-، لأنا نشك في صدق عنوان (الحاجة التي لابد منها) على الخروج عن إكراه، نعم يصدق عليه (الخروج إضطراراً). أما إذا قلنا بأنه ذلك العنوان يصدق عليه فهذا يرجع إلى كلام السيد الحكيم (قده) المتقدم.

 

الدليل السادس: التمسك بالأولوية في الروايات التي رخص الشارع بالخروج فيها لبعض الموارد، بتقريب أن جواز الخروج لتشييع جنازة أو لعيادة مريض ونحو ذلك من الحاجات والضرورات العرفية، فالترخيص في ما هو أشد يكون أولى كما هو الحال في الخروج الإكراهي، لأن الإضطرار في مورد الخروج الإكراهي أوضح وأشد من الضرورة العرفية للخروج لتشييع جنازة مثلاً، ولذا فالدليل الدال على جواز الخروج في تلك الموارد يدل على جواز الخروج في الأشد من باب الأولوية.

بل قد يقال أن أحد موارد جواز الخروج والترخيص المصرح به في الروايات المعتبرة هو الخروج للغائط كما في صحيحة إبن سنان[1] ، ومن الواضح أنه لا خصوصية لموردها ولذا فلا إشكال عندهم من التعميم لحالة البول، وكأنّ الملاك في تجويز الخروج للغائط هو دفع الضرر عن نفسه بعد تحريم الشارع عليه إحداث هذا الفعل في المسجد، فيضطر للخروج دفعاً للضرر عن نفسه، وإذا كان الملاك هو ما ذكر ففي مورد الخروج الإكراهي يتحقق الملاك، لأن المكلف إنما يخرج من المسجد لدفع الضرر المتوعد به، والصحيحة لم يذكر فيها عنوان الحاجة، بل ذكر فيها بعض أشياء منها الخروج للغائط، أما باقي الروايات فالموجود فيها الخروج لحاجة لابد منها. نعم، هذا الإضطرار في الغائط حصل بسبب الحكم الشرعي، بحيث لولاه لما إضطر إلى الخروج، وهذا بخلاف الإضطرار في محل الكلام، فإنه لا يكون بسبب الحكم الشرعي. بل يمكن أن يقال أن الإضطرار في الخروج الإكراهي أيضاً يكون بسبب الحكم الشرعي وهو وجوب دفع الضرر المحتمل المعتد به عن النفس، ولولا هذا الحكم لما إضطر إلى الخروج، بل تحمّل الضرر.

وفيه أن الأولوية ليست واضحة، فلا يمكن الإستناد إليها لإثبات الحكم الشرعي. لأن الموارد المذكورة -ما سوى الغائط- التي ثبت فيها جواز الترخيص تدخل تحت عنوان الحاجة العرفية، والحال أن الخروج الإكراهي لا يصدق عليه عنوان الحاجة كما تقدم في الدليل السابق، بل هو إضطرار لدفع الضرر عن نفسه. فالأولية ليست واضحة، خصوصاً إذا إلتفتنا أن الكلام في الحكم الوضعي (الصحة والفساد) لا في الحكم التكليفي، لأن الكلام إذا كان في الجواز التكليفي فيمكن أن يقال بالأولوية، بدعوى أن الجواز في الضرورة الخفيفة -كتشييع جنازة- يدل بالأولوية على الجواز في الضرورة الشديدة -كالخروج الإكراهي-، أما في الأحكام الوضعية فلا يمكن أن نقول بها لعدم وضوح الأولوية فيها، إذ من الممكن أن نفترض عدم البطلان في الأخف من دون أن يثبت ذلك في الأشد.


[1] وسائل الشيعة، الشیخ الحر العاملي، ج١٠، ص٥٥٠، كتاب الإعتكاف ب٧، ح٦، ط آل البيت. هي ما يرويه عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ليس للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا إلى الجمعة أو جنازة أو غائط

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo