< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/01/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة١/ لا يجب إتمام صوم التطوع

ذكرنا في البحث السابق أن صاحب الجواهر تمسك بصحيحة جميل و رواية عبدالله بن سنان لإثبات جواز الإفطار إلى الليل في الصوم المندوب، و قلنا أن رواية عبدالله بن سنان و إن كانت تامة دلالة إلا أنها ضعيفة سنداً، أما صحيحة جميل فتكلمنا في دلالتها فقط، و لم نتكلم في سندها، فنقول:

 

أن الشيخ ذكرها في التهذيب بسند صحيح و فيه "النضر بن سويد" و هو ثقة بلا إشكال، لكن الموجود في الإستبصار هو "النضر بن شعيب" الذي لم ينص على وثاقته أحد، و هذا الترديد كاف في طرح الرواية سنداً.

 

بل لا يبعد أن يكون ما في الإستبصار هو الصحيح، لأن "محمد بن الحسين بن أبي الخطاب" الوارد في سند الرواية يروي عن "النضر بن شعيب" في موارد عديدة.

 

قد يقال: أن "إبن أبي الخطاب" أيضاً يروي عن "النضر بن سويد" في موارد، فلا ترجيح لأحد الإحتمالين.

 

لكن نقول: بعد البحث في الروايات وجدنا أن "إبن أبي الخطاب" يروي عن "النضر بن سويد" في ثلاثة موارد، يمكن المناقشة في جميعها:

 

أما المورد الأول: و هي رواية خالد بن ماد القلانسي، ينقلها صاحب الوسائل عن الشيخ بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن سويد، عن خالد بن ماد القلانسي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:.....الحديث.[1]

 

فنحتمل حصول الإشتباه فيها و أن الصحيح هو " النضر بن شعيب" بإعتبار أن طريق الشيخ إلى "خالد بن ماد القلانسي" في الفهرست يمرّ ب"النضر بن شعيب"، و أنه هو الراوي لكتاب "خالد بن ماد القلانسي".

 

و أما المورد الثاني: و هي رواية عبدالغفار الجازي، ينقلها صاحب الوسائل عن الشيخ بإسناده عن محمد بن الحسين، عن النضر بن سويد، عن عبد الغفار الجازي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام).....الحديث.[2]

 

فيحتمل فيها أيضاً ان يكون المقصود "النضر بن شعيب".

السيد الخوئي في المعجم تحت عنوان "محمد بن الحسين" ذكر هذه الرواية في مبحث اختلاف الكتب و قال ما مضمونه: ان الموجود في نسخة من الوسائل هو "النضر بن شعيب" و هو الصحيح و يكون موافقاً لموضع آخر من التهذيب و للوافي و للوسائل في موضع آخر، و يستدل على ذلك بأن الراوي لكتاب "عبدالغفار الجازي" هو "النضر بن شعيب" كما في طريق النجاشي اليه.

 

و أما المورد الأخير: و هي رواية عبدالغفار الجازي التي يذكرها صاحب الوسائل عن الشيخ بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن النضر بن سويد، عن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:.....الحديث.[3]

 

فالسيد الخوئي أيضاً ناقش هذه الرواية و قال ما مضمونه: ان الصحيح هو "النضر بن شعيب" بقرينة ما جاء في الاستبصار، و بقرينة الراوي و المروي عنه، فان "محمد بن الحسين" يروي كثيرا عن "النضر بن شعيب".

 

إذن لا يمكن الاستدلال برواية جميل و لا برواية عبدالله بن سنان لإثبات جواز الإفطار في الصوم المندوب.

 

نعم هناك رواية أخرى يمكن ان يستدل بها في المقام و هي ما رواها صاحب الوسائل عن الشيخ في التهذيب عن العباس بن معروف، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان[4] ، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام

في قوله الصائم بالخيار إلى زوال الشمس، قال: إن ذلك في الفريضة، فأما النافلة فله أن يفطر أي وقت شاء إلى غروب الشمس.[5]

 

هذه الرواية تدل على المطلوب و هى تامة سندا و ان كان طريق الشيخ الى سماعة ضعيف ب"محمد بن سنان" حيث انّا لم نبنِ على وثاقته، الا ان الشيخ الصدوق روى هذه الرواية بسنده الى سماعة، و طريقه اليه في المشيخة صحيح.

كما ان الشيخ الكليني رواها أيضاً في الكافي بسند صحيح بناءا على ان المراد من "إبن سنان" الوارد في السند هو "عبدالله بن سنان" كما هو مقتضى انصراف لفظ "إبن سنان".

و الشيخ نفسه ذكر هذه الرواية في موضع آخر من التهذيب بسند صحيح.

 

و هناك روايات أخرى تدل على المدعى ولكنها تصلح للتأييد لضعفها السندي كالرواية العاشرة في نفس الباب.

 

قال السيد الماتن: و إن كان يكره بعد الزوال.

 

الفرع الثاني

 

الظاهر ان الموجود في فتاوى الفقهاء هو الحكم بالكراهة كما ذكر السيد الماتن.

 

و استدل للكراهة _بعنوان انه حكم شرعي في الكتب الاستدلالية كالجواهر _بروايتين :

الاولى : رواية مسعدة بن صدقة [6] التي يرويها في الوسائل عن الشيخ الطوسي باسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن هارون بن مسلم وسعدان عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه أن عليا عليه السلام قال: الصائم تطوعا بالخيار ما بينه وبين نصف النهار فإذا انتصف النهار فقد وجب الصوم.

الاستدلال بها مبنى على ما ذكره الشيخ تعليقا عليها في التهذيب

قال : فالمراد به ان الأولى إذا كان بعد الزوال أن يصومه، وقد يطلق على ما الأولى فعله أنه واجب انتهى ،

و الذي يستفاد من كلامه ان المراد بوجوب الصوم تأكد استحبابه و بما ان ذلك لا يثبت كراهة الترك حاول صاحب الجواهر اثبات ذلك بقوله : المفهوم الأول يقضي بكون المراد من الوجوب مجازا الراجح الفعل المكروه الترك انتهى.

 

و كأن مراده انه بعد الاتفاق على حمل الوجوب في الرواية على تأكد الرجحان والاستحباب

يقال اذا لاحظنا فعلا راجحا و كان تركه مرجوحا و لاحظنا فعلا راجحا و كان تركه غير مرجوح يكون الاول آكد في الرجحان و من هنا يكون هو الانسب بحمل الوجوب عليه .

وعلى كل حال يبدو ان اثبات الكراهة بهذه الرواية ليس واضحا.

الثانية: رواية معمر بن خلاد[7] التي يرويها في الوسائل عن الشيخ الطوسي باسناده عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: كنت جالسا عنده آخر يوم من شعبان فلم أره صائما - إلى أن قال - قلت له: جعلت فداك صمت اليوم؟ فقال لي: ولم؟ - إلى أن قال: - فقلت: أفطر الآن؟ فقال: لا فقلت: وكذلك في النوافل ليس لي أن أفطر بعد الظهر؟ قال: نعم.

 

هذه الرواية من حيث السند تامة

 

اما من حيث الدلالة فان الظاهر من قول الامام عليه السلام (نعم) في مقام الاجابة على سؤال السائل ، انه ليس لك ان تفطر بعد الظهر و هذا نهى عن الافطار بعد الظهر و لابد من حمله على الكراهة استنادا الى الروايات السابقة الصريحة في جواز الافطار للغروب فتدل على المطلوب

و احتمال ان يكون المراد بقوله عليه السلام (نعم) هو انه لك ان تفطر بعد الظهر كما ذكر خلاف الظاهر .

و اذا لم يتم هذا الاستدلال و بالتالي لم تنهض كل من الروايتين لاثبات المطلوب يمكن الاستعانة بالأدلة الدالة على التسامح في ادلة السنن لاثبات الكراهة على القول بها .

 


[4] نحن بنينا في أبحاث سابقة على وثاقته.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo