< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/01/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة٧/ صور التتابع

كان الكلام في إلحاق الشهر المنذور بالشهرين المتتابعين، و قلنا أن الإلحاق ثابت لوجود رواية تامة سندا و دلالة، غاية الأمر هذه الرواية لا تشترط الزيادة على النصف لتحقق التتابع كما هو الحال في الشهرين المتتابعين، فلا وجه لما نسب الى بعضهم من اشتراط الزيادة على النصف في شهر المنذورالا مسألة القياس على روايات الشهرين أو إلغاء خصوصية الشهرين فيها، و كلا الوجهين ضعيفان، خصوصا اننا استفدنا من روايات الشهرين التتابع بين عنواني الشهرين لا التتابع بين أجزاء و ايّام الشهرين و هذا المعنى لا ينطبق على الشهر الواحد. على انه هذه الرواية صريحة في عدم اشتراط الزيادة على النصف في الشهر المنذور.

 

قال السيد الماتن: كما لا إشكال في عدم جواز التفريق اختيارا مع تجاوز النصف في سائر أقسام الصوم المتتابع.

يقع الكلام في جواز إلحاق سائر أقسام صوم المتتابع بالشهر المنذور من حيث جواز التفرقة بين أيامه بعد تجاوز النصف.

السيد الماتن قال لا أشكال في عدم جواز الالحاق، بإعتبار ان مورد النص هو الشهر المنذور فيه التتابع دون غيره.

 

هنا يقع البحث في موردين:

 

الأول: الصوم المتتابع اذا لم يكن شهرا، كما اذا كان 20 يوما، و هذا المورد لا يلحق بالشهر المنذور لخروجه عن مورد الرواية قطعا.

 

الثاني: الصوم المتتابع شهرا فيما اذا وجب بغير نذر،ككفارة قتل العمد و الظهار بالنسبة الى العبد فان الواجب عليه فيهما هو شهر واحد لا شهران متتابعان كما هو الحال في الحر.

و محل الكلام في جواز الالحاق و عدمه بالشهر المنذور هو هذا المورد.

 

حكي عن بعض علمائنا كالشيخ الطوسي و يحيى بن سعيد و العلامة في بعض كتبه ذهابهم الى الالحاق. و العلامة في المختلف ذكر وجوها للإلحاق ولكن كلها ضعيفة و نذكر هنا اقل هذه الوجوه ضعفا و هو:دعوى شمول كلمة "جعل" الواردة في صحيحة موسى بن بكر السابقة للمقام، بإعتبار ان الجعل كما يكون بالنذر كذلك يكون بفعل ما يوجب الكفارة كقتل العمد أو الظهار، لانه يصدق على القاتل عمدا انه جعل على نفسه صيام شهرين متتابعين او شهرا.

 

و نوقش دعواه بان الظاهر من كلمة "جعل" هو ما اذا كان بالنذر و امثاله كالعهد و اليمين، و لا يصدق على الفعل الذي يوجب الكفارة. كيف و الحال انه قد لا يعلم أو لا يقصد الكفارة عند ارتكاب القتل أو الظهار، بل الصحيح ان الشارع جعل و اوجب عليه صوم الكفارة لا انه هو جعل على نفسه ذلك.

 

ثم ان السيد الخوئي ذكر مطلبا و هو التفصيل بين صوم المتتابع شهرا لأجل الظهار فيجوز فيه التفرقة بين أيامه بعد تجاوز اكثر من النصف و بين ذلك اذا كان بغير الظهار كقتل العمد فلا يجوز فيه التفرقة مطلقا كما هو مقتضى عدم الالحاق.و دليله على ذلك هو استظهار عدم اختصاص بعض روايات الظهار التي تحكم بجواز التفرقة بعد تجاوز اكثر من النصف بالحر بل يشمل العبد أيضا، فهو يتمسك بإطلاق هذه الروايات.

 

و الرواية هي صحيحة منصور بن حازم يرويها الشيخ صاحب الوسائل عن الشيخ الكليني عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور ابن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) – في حديث – قال في رجل صام في ظهار فزاد في النصف يوما قضى بقيته[1]

و هذه الرواية مطلقة حيث لم تقيد بالحر فهي تشمل العبد أيضا و قال ان القوم لم يلتفتوا الى هذه النكتة.

 

الذي هو واضح من كلام السيد الخوئي انه اعتمد على الرواية المروية في الباب الثالث (العنوان المتقدم)و هذا النص قد نسلم ان فيه اطلاقا يشمل العبد لكنها مقتطعة من حديث ينقله صاحب الوسائل في الباب الرابع الحديث الاول بنفس السند و كأن صاحب الوسائل نقل هذا النص بالمعنى اما الحديث المنقول في الباب الرابع فهو عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في رجل صام في ظهار شعبان ثم أدركه شهر رمضان، قال: يصوم رمضان ويستأنف الصوم، فان هو صام في الظهار فزاد في النصف يوما قضى بقيته.[2]

و الذي يظهر من صدر الرواية ان موردها هو صوم شهرين متتابعين _و الا لو كان موردها صوم شهر فلا وجه للاستئناف بعد شهر رمضان اذ المفروض انه صام شهرا متتابعا _ و الامام عليه السلام حكم بالاستئناف من جهة ان القاعدة في الشهرين المتتابعين ان التتابع يتحقق بصوم اكثر من شهر و الحال ان مورد الرواية من صام شهرا فقط فيكون حكمه الاستئناف

و عليه فلا اطلاق للرواية خصوصا ان الوارد في ذيلها ( فإن هو صام في الظهار ) حيث ان مرجع الضمير هو الشخص الذي صام في ظهار شعبان و ادركه رمضان الذي كان حكمه الاستئناف [3] هذا اذا صام و زاد في النصف يوما يكتفي بهذا المقدار و لا يجب عليه الاستئناف .

نعم لم ترد لفظة ( هـو ) في الرواية على نقل بعض الكتب لها لكن ليس ذلك بالامر المهم باعتبار اننا لم نتمسك بلفظة (هـو) لاثبات عدم الاطلاق فانه حتى لو لم تكن (هو) موجودة بان كانت العبارة هكذا (فان صام في الظهار) لا يختلف الحال باعتبار ان فاعل صام هو الذي تقدم في صدر الرواية و هو الرجل الحر.

 

في تقريرات السيد الخوئي ذكر تقريبان لاثبات هذا الحكم في كفارة الظهار مطلقا و هذان التقريبان يثبتان الاطلاق حتى اذا لاحظنا الرواية بأكملها من دون اقتطاع كما هى مروية في الباب الرابع

التقريب الاول : هو ان مرجع الضمير في قوله (فان هو صام ) طبيعى الرجل لا خصوص من حكم عليه بالاستئناف الذي هو الحر فالرواية في صدرها و ان كانت تتكلم عن الحر لكن الضمير في الذيل لا يرجع اليه بل الى طبيعي الرجل يرد عليه : ان ما ذكر مما لا قرينة عليه اذ الظاهر من الضمير انه يرجع الى المتقدم في الصدر و هو الرجل الحر .

التقريب الثاني : و حاصله ان مفاد الرواية عرفا ان الاعتبار في باب الظهار بتجاوز النصف من غير خصوصية للحر فالرواية وان كانت واردة في الحر لكن ظاهرها ان العبرة بتجاوز النصف سواء كان نصف شهر او نصف شهرين و هذه الاستفادة العرفية قد يكون منشؤها التصريح بلفظ الظهار في قوله (فان هو صام في الظهار )وعدم الاكتفاء بقول (فان هو صام)مما يفيد ان هذا هو حكم الظهار مطلقا و قد يكون منشؤها التعبير بالنصف كما احتمله البعض حيث ان هذا التعبير قد يفيد ان المعيار على النصف _لا على الشهرين_ سواء كان نصف شهر او نصف شهرينش ان هذه الامور قد نسلم انها توجب الاشعار لكنها لا توجب الظهور و الانصاف ان الرواية لا يمكن الاعتماد عليها لاثبات التعدي الى صوم الشهر الواجب بالظهار وعلى تقدير التعدي نقول هذا ليس الحاقا له بالشهر المنذور الذي وردت فيه الرواية السابقة اذ الشهر المنذور يكتفى فيه بصوم النصف متتابعا بلا زيادة و الحال ان كفارة الظهار بناء على التعدي و اطلاق الرواية يشترط فيها الزيادة على النصف بنحو التتابع فيكون هذا في الحقيقة الحاقا له بالشهرين .

 


[3] اى من وجب عليه شهران متتابعان في ظهار و هذا لا يكون الا في الرجل الحر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo