< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/01/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة٦/ الإفطار في أثناء ما يشترط في التتابع

قال السيد الماتن : و منه ايضا ما اذا نسى فنوى صوما آخر و لم يتذكر الا بعد الزوال

هذا الفرع من حيث الحكم كسابقه فلا يكون مخلا بالتتابع و ليس ذلك الا من جهة اننا عممنا الدليل لمطلق الاعذار فيكون شاملا للنسيان .

قال السيد الماتن : و منه ايضا ما اذا نذر قبل تعلق الكفارة صوم كل خميس فان تخلله في اثناء التتابع لا يضر به ولا يجب عليه الانتقال إلى غير الصوم من الخصال في صوم الشهرين لأجل هذا التعذر

ما ذكره السيد الماتن من الحكم مقيد بان يكون النذر قبل تعلق الكفارة لانه اذا كان النذر بعد تعلق الكفارة [1] و كان وجوب الصوم عليه بعنوان الكفارة وجوبا تخييريا _كما اذا كانت الكفارة مخيرة _فانه يجب عليه الانتقال الى البدل و ذلك باعتبار ان النذر ينعقد فيجب الوفاء به و اذا وجب الوفاء به فانه لا يتمكن من ان يأتي بالصوم المشروط فيه التتابع

و بعبارة اخرى يمكن للمكلف امتثال كلا التكليفين فيفي بالنذر و يأتي بالكفارة في ضمن غير الصوم من الخصال

و انما الكلام فيما لو كان وجوب الصوم تعيينيا و لو باعتبار ان المكلف غير قادر على البدائل الاخرى و انه هل ينعقد النذر هنا ام لا ؟

و الرأى الراجح هو ان النذر لا ينعقد باعتبار انه يوجب الاخلال بما هو واجب فعلا لان المفروض انه صدر من المكلف موجب الكفارة و وجبت عليه الكفارة و هى متعينة في صوم شهرين متتابعين فصوم الشهرين المتتابعين واجب عليه فعلا فاذا نذر صوم كل خميس فانه يكون اخلالا عمديا بهذا الواجب الفعلي و من هنا يستشكل في انعقاد النذر.

هذا كله فيما اذا كان النذر بعد وجوب الكفارة

اما اذا كان النذر قبل وجوب الكفارة _و هو الفرع الذي ذكره الماتن_ فان هذا النذر لا يوجب الاخلال بالواجب الفعلي لانه حين النذر لا يوجد وجوب صوم فعلي في حقه فيكون النذر راجحا شرعيا صحيحا فينعقد و يجب الوفاء به و مع وجوب الوفاء به لا يكون قادرا على التتابع المعتبر في الصوم الذي وجب عليه بعد النذر كيف يكون قادراعلى التتابع و الحال انه يجب عليه صوم كل خميس بعنوان الوفاء بالنذر لكن الماتن بالرغم من هذا ذكر انه لا يكون صوم الخميس بعنوان النذر مضرا بالتتابع فيكون حاله حال الافطار لاجل المرض مثلا الذي لا يضر بالتتابع و لهذا لا يجب عليه الانتقال الى باقي الخصال فيما اذا كانت الكفارة مخيرة

ما ذكره السيد الماتن علل في كلماتهم بصدق العنوانين الواردين في بعض الروايات السابقة و هما حبسه الله و هذا مما غلب الله عليه باعتبار انه بعد انعقاد النذر يكون المكلف مامورا شرعا بالوفاء بهذا النذر فيكون مامورا بان يصوم في كل خميس فيكون محبوسا عن التتابع و مغلوبا عليه من قبل الله تبارك و تعالى

و ما اخترناه سابقا ان المستفاد من الروايات بمناسبات الحكم و الموضوع هو كون المدار في عدم الاخلال بالتتابع المعذورية _و لذا قلنا بشمول التعليل للسفر الاضطراري و لم نقل بشموله للسفر الاختياري وفاقا للسيد الماتن بالرغم من انه حتى في السفر الاختياري الشارع يوجب على المكلف الافطار في السفر لكنه لا يصدق عليه انه عذر لان الموضوع حققه المكلف باختياره بخلاف السفر الاضطراري _فالمناسب ملاحظة ان سبق انعقاد النذر يعتبر عذرا موجبا لصدق العنوانين المتقدمين او لا ؟

قد يقال ان المعذورية موجودة في المقام باعتبار انعقاد النذر قبل تعلق الكفارة شرعا و هو الذي يحبسه عن التتابع

و في المقابل قد يقال لما كان النذر اختياريا حسب الفرض فكانما هو باختياره حقق موضوع الاخلال بالتتابع فيكون اشبه من هذه الجهة بالسفر الاختياري الذي منعنا عن صدق المعذورية عليه باعتبار ان السفر حصل باختياره

وان ترتب الحكم الشرعي عليه بوجوب الافطار و قطع التتابع

احتمالان في محل الكلام و الاول اظهر لان النذر المتقدم يعتبر عذرا و قياسه بالسفر الاختياري ليس في محله لانه في باب السفر المفروض انه سافر في اثناء صوم الكفارة و هو يعلم انه عندما يسافر سيكون مقهورا شرعا بالافطار و مع علمه هذا يكون سفره اختياريا و لا يكون معذورا في الاخلال بالتتابع بينما في محل الكلام لم يفترض ان النذر يكون ممن يعلم انه ستجب عليه الكفارة و سيكون الوفاء بنذره موجبا للاخلال بالتتابع بل المفروض انه نذر و هو خالي الذهن عن مسألة الكفارة فيكون نذره مشروعا و منعقدا فيجب الوفاء به فاذا ابتلي بموجب الكفارة يكون معذورا في ترك التتابع

و من هنا يكون ما ذكره السيد الماتن تام بالشرط الذي ذكره

فيكون الحاصل انه يجب عليه الوفاء بالنذر و لا يضر ذلك بالتتابع و لا يجب عليه الانتقال الى الخصال الاخرى لان المكلف و ان كان واقعا مخلا بالتتابع لكن المستفاد من الادلة ان التتابع المعتبر هو سنخ تتابع لا يضر به الاخلال عن عذر فلا موجب اساسا للانتقال الى الخصال الاخرى لانه متمكن من الصوم مع التتابع المعتبر فيه.

 

نعم لابد من تقييد ما ذكرناه بما اذا فرضنا ان الوفاء بالنذر يستلزم قطع التتابع اما اذا فرضنا ان الوفاء بالنذر لا يستلزم ذلك بمعنى انه يمكن الوفاء بالنذر مع عدم قطع التتابع و ذلك فيما اذا لم يقصد بصوم يوم الخميس ان يأتي به بعنوان النذر بل يقصد به ان يكون صائما في ذلك اليوم باى عنوان كان في مقابل ان يكون مفطرا فانه حينئذ لا مانع من الصيام و لا ينقطع التتابع بذلك بل يجب عليه ذلك بنية الكفارة فيكون صومه امتثالا لكلا التكليفين .

 


[1] هذا الفرع لم يتعرض له السيد الماتن.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo