< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

35/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الصوم النية مسألة 16
ان الروايات المانعة ان كانت مختصة اساسا بصوم يوم الشك على انه من رمضان فلا اشكال في ذلك , لإن الروايات المجوزة تكون مختصة بما اذا صامه بنية شعبان , ومع افتراض ان الروايات المانعة مطلقة فلابد من تقييدها بالروايات المجوزة وتكون الروايات المفصلة دليل على هذا الجمع , فحينئذ لابد من حمل الروايات المانعة ما اذا كان صامه بنية شهر رمضان , وهذا الجمع الذي ذُكر اُعترض عليه من ان هناك من الاخبار ما يأبى هذا الجمع , فبعض الروايات يأبى من الحمل على شهر رمضان , وعمدتها روايتين الاولى صحيحة كرام[1] المتقدمة سابقا حيث انها تمنع من صوم اليوم الذي يشك فيه , حيث ان الامام منعه عن صوم يوم الشك بعنوان الوفاء بالنذر لا بنية رمضان , مع انه اذا صامه بنية القضاء او النذر يكون الصوم بنية شعبان , فبعض الروايات تمنع الصوم مطلقا فيمكن حملها على ان المنع فيما لو كان الصوم بنية رمضان , لكن هذه الصحيحة تأبى هذا الحمل , لإن الامام نهى السائل عن صوم يوم الشك بنية شعبان على ان يكون وفاءا لنذره , ومن هنا تكون هذه نقطة ضعف في هذا الجمع , وهذا الاشكال بلحاظ هذه الصحيحة تحدثوا عنه واشار اليه السيد الحكيم في المستمسك[2] ويظهر انه سلم بالإشكال ولذا فهو لم يستبعد في حمل هذه الرواية على الكراهة , لكن مع تخصيص الكراهة في موردها أي في النذر في يوم الشك , والسيد الخوئي ذكر جوابا حاصله :-
(نعم هناك رواية واحدة قد يظهر منها المنع وإن لم يكن بعنوان رمضان، وهي صحيحة عبد الكريم بن عمرو المقلب ب‌ - كرام - قال : قلت لأبي عبد الله ( ع ) : إني جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم، فقال : صم، ولا تصم في السفر، ولا العيدين، ولا أيام التشريق، ولا اليوم الذي يشك فيه .فإن الظاهر أن المراد من اليوم الذي يشك فيه ما تردد بين شعبان ورمضان، وإلا فليس لنا يوم آخر تستعمل فيه هذه اللفظة وقد دلت صريحا على النهي، مع أن المفروض صومه بعنوان الوفاء بالنذر، لا بعنوان رمضان كما لا يخفى. ويندفع بعدم ظهور الرواية في ورودها في فرض النذر، بل ظاهرها مجرد الجعل على النفس والالتزام بالصوم خارجا، ولو أراد النذر لقال : إني جعلت لله على نفسي . . الخ كما لا يخفى، ومن المعلوم أن متعلق هذا الجعل هو الصوم الذي لا يكون واجبا في نفسه، وإلا فالواجب كرمضان غني عن الجعل المزبور . وعليه فالنهي الوارد فيها قابل للحمل على الصوم بعنوان رمضان. وبعبارة أخرى التزم هذا الجاعل أن يصوم طيلة حياته، إن واجبا فلوجوبه وإن ندبا فلالتزامه به . وبما أن الصوم يوم الشك مظنة قصد الوجوب فمن الجائز أنه عليه السلام منعه عن الصوم بهذا القصد وبعنوان رمضان . وأما الصوم ندبا حسب التزامه وقراره فالرواية غير ظاهرة في المنع عنه بوجه( .[3]
ويلاحظ عليه :-
اولا : ان الجعل على النفس ليس فيه ظهور على خصوص الجعل(بمعنى الالتزام) وانما الذي يظهر من بعض الروايات ان النذر كذلك كما يقول مثلا جعلت على نفسي كذا او كذا فيسأله الامام عليه السلام هل قلت لله علي .
ثانيا : لم يُذكر من شروط النذر ان لا يكون واجبا , فقد ذكروا ان النذر يتعلق بكل طاعة كترك المكروه او فعل المستحب او فعل واجب فالمعتبر في النذر هو ما فيه رجحان .
ثالثا: يبدو من الكلام السابق انه لا يتوقف عليه[4] اثبات ما يريد اثباته فالمهم هو ما ذكر في الفقرة الاخير (ان صوم يوم الشك مظنة ) أي يحتمل ان يصوم الناذر هذا الصوم بنية رمضان وهذا وحده يكفي في حمل الرواية على صومه بنية شهر رمضان اما ربط ذلك بالواجبات فغير واضح.
ومن هنا يظهر ان النوبة لا تصل الى ما ذكره بعضهم من انها تسقط عن الاعتبار _وذلك لوجود الروايات المتواترة الدالة على صحة الصوم بنية شعبان , وحينئذ يكون هذا التواتر موجبا للأطمئنان بعدم صحة هذه الرواية اذا اخذت على ظاهرها( النهي عن الصوم بنية شعبان ) _ فأنه لا مانع من حملها على نية صوم شهر رمضان كما هو الحال في الروايات الاخرى , فلا تصل النوبة الى اسقاط الرواية عن الاعتبار وعن الحجية , هذا بالنسبة الى صحيحة عبدالكريم بن عمرو واما معتبرة الاعشى فقد ورد فيه هذا التعبير (واليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان ) فيمكن ان يقال ان الرواية هي اساسا تختص بصوم يوم الشك بنية شهر رمضان فلا تدل على المنع في محل الكلام , واذا سلمنا هذه الملاحظة وهي ان اليوم الذي يشك فيه اصطلاحا (أي اصطلاح الروايات) هو الاول من شهر رمضان وعلى هذا يكون اضافة (من رمضان) في الرواية مستدركا والا فقوله (اليوم الذي يشك فيه) كافٍ , وبما ان الذي ورد في الرواية هو عبارة (واليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان ) والمراد منه صوم اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان فإذا جعلنا من شهر رمضان متعلقة بصوم تكون العبارة نهى رسول الله صلى الله عليه واله عن صوم اليوم الذي يشك فيه على انه من رمضان فتكون الرواية مختصة اساسا في صوم يوم الشك من رمضان فلا داعي لحملها على ذلك , وهذا احتمال في هذه الرواية واذا تعذر وناقشنا فيه فحينئذ تُحمل على صوم يوم الشك على انه من رمضان جمعا بينها وبين الروايات التي جوزت صوم يوم الشك على انه من شعبان .
اما الاشكال السابق وهو انه يستلزم حمل الروايات المطلقة على الفرد النادر, لأننا قلنا ان هذا الجمع هو نفس الجمع السابق الا ان الروايات المذكورة فيه تكون مؤيدة للجمع السابق فكيف يكون حمل الروايات بعد الاعتراف بأطلاقها على الفرد النادر(صوم يوم الشك بنية شعبان ) .
ويجاب ان كثيرا من الروايات ذكرت تمامية شهر رمضان دائما وان شهر شعبان ناقص دائما وقد ألف الشيخ المفيد الرسالة العددية لهذا الغرض (لحل التعارض بين الروايات) فمن الممكن ان يصوم الشخص بنية رمضان ويتأكد هذا اذا التزمنا كما سيأتي بأن الممنوع منه ليس هو صوم شهر رمضان على نحو الجزم , بل حتى اذا صامه برجاء ان يكون من شهر رمضان, فلا يكون مجزيا وتشمله ادلة المنع , وحينئذ لا يكون حمل تلك الروايات المانعة حملا لها على الفرد النادر .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo