< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

97/10/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: ادلة الاستصحاب

ثم انه «قدس سره» بني علي هذه الامور:«... أن الأحكام الوضعية:

منها: ما تكون متأصلة بالجعل.

ومنها: ما تكون منتزعة عن الوضع أو التكليف الشرعي.

أما الأولى: فكالأمور الاعتبارية العرفية، كالملكية والرقية والزوجية والضمان وغير ذلك منشآت العقود والايقاعات وما يلحق بها، فإنها - على ما تقدمت - متأصلة في وعاء الاعتبار وليست منتزعة عن الأحكام التكليفية، بل في بعضها لا يتصور ما يصلح لان يكون منشأ الانتزاع، كالحجية والطريقية، وقد تقدم تفصيل ذلك في جعل الطرق والامارات.

وأما الثانية: فكالجزئية والشرطية والمانعية والسببية فان هذه الأمور كلها انتزاعية لا تنالها يد الجعل التأسيسي والامضائي، لا استقلالاً كجعل وجوب ذي المقدمة، ولا تبعا كجعل وجوب المقدمة.

أما الجزئية والشرطية والمانعية: فواضح أنها من الانتزاعيات، سواء كان منشأ الانتزاع تكليفا أو وضعا.

فالأول: كالتكليف بعدة من الأمور المتباينة التي يجمعها وحدة الغرض، فإنه من تعلق التكليف بكل واحد منها وانبساطه عليها تنتزع الجزئية والشرطية والمانعية حسب اختلاف كيفية تعلق التكليف بها، وبعد انبساط التكليف عليها تنتزع الشرطية والجزئية والمانعية قهرا، ولا يعقل بعد ذلك جعل شئ آخر جزء أو شرطا للمأمور به أو مانعا عنه، إلا بنسخ التكليف الأول وإنشاء تكليف آخر يتعلق بما يعم ذلك الشئ.

والثاني: كالملكية المترتبة على العقد المركب من الايجاب والقبول بما له من الشرائط والموانع فإنه بعد ترتب الملكية عليه تنتزع جزئية الايجاب والقبول، وشرطية القبض في المجلس في بيع الصرف والسلم، ومانعية زيادة أحد العوضين عن الآخر في بيع المكيل والموزون، وذلك كله واضح مما لا إشكال فيه ولا خلاف.»[1]

ثم انه «قدس سره» افاد بالنسبة الي خصوص السببية:«وإنما الخلاف وقع في جعل السببية.

فعن بعض: أن السببية بنفسها مما تنالها يد الجعل، بل هي المجعولة في باب الوضع والتكاليف وإنما الوضع والتكليف ينتزع عنها، والمجعول الشرعي تأسيسا أو إمضاء إنما هو سببية العقد للملكية وسببية الدلوك لوجوب الصلاة والاستطاعة لوجوب الحج وغير ذلك من أسباب الوضع وموضوعات التكاليف.

وحكي عن بعض:استقلال كل من السبب والمسبب بالجعل، فللشارع جعلان: جعل تعلق بسببية العقد والدلوك للملكية ووجوب الصلاة، وجعل آخر تعلق بالملكية والوجوب عقيب العقد والدلوك.ولا يخفى استحالة ذلك:فان أحد الجعلين يغني عن الجعل الآخر، فيلزم لغوية أحدهما.بل التحقيق:استحالة جعل السببية مطلقا سواء قلنا بجعل المسبب معها أو لم نقل، وإنما المجعول الشرعي هو نفس المسبب وترتبه على سببه سواء كان المجعول من مقولة الوضع أو التكليف، وإلا يلزم أن لا يكون الوجوب فعلا اختياريا للشارع بل كان الوجوب وغيره من التكاليف والوضعيات يحصل قهرا بلا إنشاء من الشارع، فان ترتب المسبب على سببه وحصول المعلول عقيب علته أمر قهري لا يعقل فيه التخلف ولا يمكن أن يدخله الاختيار والإرادة.فلو كان المجعول هو سببية الدلوك للوجوب لزم عدم كون الوجوب من المنشآت الشرعية، وهو كما ترى مما لا يمكن الالتزام به.هذا مضافاً:إلى أن السببية لا تقبل الجعل لا تكوينا ولا تشريعا لا أصالة ولا تبعا، بل الذي يقبل الجعل هو ذات السبب ووجوده العيني، وأما السببية فهي من لوازم ذاته، كزوجية الأربعة، فان السببية عبارة عن الرشح والإفاضة القائمة بذات السبب التي تقتضي وجود المسبب، وهذا الرشح والإفاضة من لوازم الذات لا يمكن أن تنالها يد الجعل التكويني فضلا عن الجعل التشريعي، بل هي كسائر لوازم الماهية تكوينها إنما يكون بتكوين الماهية وإفاضة الوجود إلى الذات، فعلية العلة وسببية السبب - كوجوب الواجب وإمكان الممكن وامتناع - الممتنع إنما تكون من خارج المحمول تنتزع عن مقام الذات ليس لها ما بحذاء لا في وعاء العين ولا في وعاء الاعتبار، فالعلية لا تقبل الايجاد التكويني، فضلا عن الانشاء التشريعي.ودعوى:أن الانشاء خفيف المؤنة يمكن إنشاء الممتنعات.واضحة الفساد.فإنه ليس الكلام في الانشاء بمعنى حركة اللسان، بل الكلام في الانشاء الذي يتعقبه وجود المنشأ خارجا في وعاء الاعتبار والتشريع.وحاصل الكلام:

أن السببية لا يمكن أن تكون مجعولة لا تكوينا ولا تشريعا لا أصالة ولا تبعا، وإنما هي تنتزع من ذات العلة التكوينية في التكوينات، ومن ترتب المسبب الشرعي على سببه في التشريعيات، فمن قول الشارع: " تجب الصلاة عند الدلوك " و " تتحقق الملكية عند العقد " تنتزع سببية الدلوك والعقد للوجوب والملكية. »[2]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo