< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

97/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: ادلة الاستصحاب

قال السيد الاستاذ قدس سره:

«ويمكن ان يجعل ما افاده ناظرا إلى ما أفاده المحقق الأصفهاني ههنا . فقد أفاده ( قدس سره ) : في مقام بيان عدم امكان تطبيق الاستصحاب ههنا بلحاظ الركعة المفصولة :

ان صلاة الاحتياط اما ان تكون صلاة مستقلة لها امر مستقل ، تكون جابرة لنقص الصلاة على تقديره من حيث المصلحة ، وعلى تقدير التمام تكون نافلة . واما ان تكون جزء من الصلاة المشكوكة العدد .

فعلى الأول : لا مجال لاستصحاب عدم الاتيان بالرابعة ، لان مرجعه إلى التعبد بالأمر بها بعين الامر بالصلاة . والمفروض ان الامر بصلاة الاحتياط امر مستقل ، وليس هو بقاء للامر الأول له واقعا ولا ظاهرا .

وعلى الثاني : لا مجال للاستصحاب أيضا ، إذ كونها جزء يرجع إلى كون الصلاة المأمور بها ذات تسليمتين وتكبيرتين . ومن الواضح انه يعلم بعدم كون الصلاة الواقعية كذلك ، فلا يمكن التعبد الظاهري بها بواسطة الاستصحاب .

فليس الاشكال من حيث مانعية زيادة التسليمة والتكبيرة حتى يقال بتقييد اطلاق أدلة المانعية وبقاء الامر بذوات الاجزاء على حالها .بل الاشكال من حيث وجوب هذه الزيادات بنحو الجزئية التي لا مجال لدخولها في الواجب الا بتبدل الامر بما عداها إلى الامر بما يشتمل عليها .وبعبارة أخرى :ان الامر المتيقن في السابق غير الثابت فعلا ، فلا يكون هذا الامر بقاء للسابق كي يصح إجراء الاستصحاب بلحاظه .

هذا خلاصة ما افاده في مقام بيان عدم امكان عمل " ولا ينقض . . . " على الاستصحاب»[1] .

ثم افاد في مقام الاشكال علي المحقق الاصفهاني قدس سره:«والذي ينظر اليه قدس سره: هو ان مقتضي جزئية صلاة الاحتياط تبدل الامر الصلاتي السابق إلى أمر بمركب آخر يشتمل على تسليم وتشهد زائدين . وهذا مما لا يحتمل ان يثبت في الواقع كي يتعبد به في مرحلة الظاهر .والسر فيه :هو ان مثل هذا الحكم على تقديره ثابت لموضوع خاص ، وهو خصوص من كانت صلاته في الواقع ناقصة ، إذ صلاة الاحتياط على تقدير التمام تكون لغوا . ومن الواضح ان العلم بهذا الموضوع مستلزم لارتفاع الحكم لزوال الشك ، ومع الجهل به لا يكون الحكم فعليا لان فعليته بالعلم بموضوعه . اذن فلا يكون هذا الحكم فعليا في حال من الأحوال .فهو نظير عنوان الناسي الذي لا يمكن ان يؤخذ موضوعا للحكم الشرعي ، لان العلم به ملازم لزواله فالمحذور في ثبوت مثل هذا الحكم واقعا هو المحذور في ثبوت الحكم لعنوان الناسي .ولكن هذا المحذور يتأتى فيما إذا فرض جزئية التشهد والتسليم .اما لو فرض ان مقتضى دليل صلاة الاحتياط هو عدم مانعية التشهد والتسليم الزائد ، فلا محذور ، وذلك لامكان تقيد المانعية واقعا في مرحلة البقاء بغير صورة الشك في عدد الركعات ، فلا يكون التشهد والسلام الزائدان مانعين واقعا على تقدير نقصان الصلاة .والى هذه الجهة ينظر المحقق العراقي ( رحمه الله ) في كلامه السابق . فقد ركز كلامه على تقيد أدلة المانعية بغير صورة الشك .

ومن هنا يظهر ارتباط كلامه بكلام المحقق الأصفهاني .[2]

ثم انه قدس سره اورد على المحقق العراقي قدس سره في هذا الوجه بقوله:وعليه فيقع الكلام مع المحقق العراقي في ناحيتين :الناحية الأولى :في أن مقتضى دليل صلاة الاحتياط هل هو رفع مانعية السلام في غير محله ، أو هو يتكفل اثبات جزئية هذا السلام ؟ .وهذه هي نقطة اختلاف المحقق العراقي مع المحقق الأصفهاني . ويمكن ان يرجح منظور المحقق العراقي بأنه لا دليل على ثبوت الامر الشرعي بالسلام من باب الجزئية ، وذلك لان المصلي عند الشك يتردد امره بين مانعية التسليم - لو كان صلاته ناقصة - وجزئيته - لو كانت تامة - ، فإذا رفع الشارع مانعية التسليم لو كان زائدا ، كان مقتضى الاحتياط اللازم لزوم الاتيان بالسلام لحكم العقل به ، لأنه مقتضى قاعدة الاشتغال لاحتمال انه في الركعة الأخيرة ، فيؤتى به برجاء المطلوبية .ومعه لا حاجة إلى الامر الشرعي ، بل يكون الاتيان بصلاة الاحتياط بهذا النحو مما يحكم به العقل بعد رفع مانعية التسليم لو كان زائدا .لكن هذا ان تم فهو بالنسبة إلى التسليم دون التكبير الزائد ، فان الامر به ظاهرا في كونه لاجل الجزئية ، إذ لا يحكم به العقل وإن لم يكن مانعا .

الناحية الثانية:في تمامية ما افاده من صحة تطبيق الاستصحاب على تقدير رفع الشارع مانعية السلام .

والذي يبدو لنا انه غير تام وذلك : لان مقتضى ما افاده انه لا يمكن تطبيق الاستصحاب الا بملاحظة تقييد دليل المانعية ، والا فمع المانعة كيف يصح تطبيق الاستصحاب على الركعة المنفصلة بالتسليم ؟ .إذ يكون مقتضاه ان تكون الركعة موصولة . وعليه فيعتبر ان يقوم - في مرحلة سابقة على الاستصحاب - دليل على عدم مانعية التسليم . ثم يأتي تطبيق دليل الاستصحاب بعد ذلك .وليس الامر كذلك ، لان دليل عدم مانعية التسليم هو نفس دليل الاتيان بركعة منفصلة بعنوان عدم نقض اليقين بالشك ، وليس دليل رفع المانعية في مرحلة سابقة عليه ، بل بنفس هذا الدليل ، فيمتنع حمله على الاستصحاب .

والذي يتلخص ان الاشكال على المحقق العراقي من ناحيتين . فلاحظ»[3] .

ومنها: ما افاده المحقق العراقي قدس سره ايضاً بما محصله:

ان مجري الاستصحاب في المقام ليس هو عدم الاتيان بالركعة الرابعة كي يتأتى الحديث السابق ، بل هو الاشتغال بالصلاة المتيقن سابقا المشكوك لا حقا ، فالمراد عدم نقض اليقين بالاشتغال،بالشك فيه .

وعليه ، فيلزمه البناء على اشتغال ذمته بالصلاة ، ومقتضاه لزوم الامتثال يقينا ، وهو يكون - بمقتضى الأدلة الخاصة وهذا بالخصوص - بالاتيان بصلاة الاحتياط [4] .

وأورد عليه السيد الاستاذ قدس سره:«ويمكن الخدش فيه: بأن المراد بالاشتغال المستصحب ان كان هو الاشتغال العقلي ، فهو مما لا مجال لاستصحابه لأنه حكم عقلي .وان كان المراد به وجوب الصلاة شرعا ، فمن الواضح ان وجوب الصلاة ليس إلا وجوب الاجزاء بالاسر ، لان الصلاة هي عين الاجزاء بالاسر ، وليست هي امرا مسببا عن الاجزاء وخارجا عنها .

وعليه ، فمع الاتيان بسائر الركعات لا يشك في بقاء الامر المتعلق بها ، وانما الشك في بقاء وجوب الركعة المشكوكة خاصة ، فيرجع إلى استصحاب عدم الاتيان بالركعة الرابعة الذي عرفت الكلام فيه[5] .

ومنها:ما افاده السيد الخوئي قدس سره في مصباح الاصول:فإنه قدس سره بعد ان اورد علي صاحب الكفاية قدس سره فيما ناقش علي الشيخ قدس سره بقوله:«وأما ما ذكره صاحب الكفاية من أن الصحيحة ساكتة عن قيد الاتصال والانفصال فنقيد إطلاقها بروايات اخر دالة على وجوب الاتيان بركعة منفصلة .ففيه:

أن مقتضى أدلة الاستصحاب هو البناء على اليقين السابق وعدم الاعتناء بالشك الطارئ ، وفرض وجوده بمنزلة العدم ، ولازم ذلك وجوب الاتيان بركعة أخرى متصلة ، فليس التنافي - بين الصحيحة على تقدير دلالتها على الاستصحاب وبين الروايات الاخر - بالاطلاق والتقييد ، حتى يجمع بينهما بتقييد الصحيحة بها ، بل بالتباين ، لدلالة الصحيحة على وجوب الاتيان بركعة أخرى متصلة ، والروايات الاخر على وجوب الاتيان بها منفصلة . فالأخذ بالصحيحة يستلزم رفع اليد عن الروايات الاخر التي عليها اعتماد المذهب[6] .

ثم اجاب قدس سره عن اشكال الشيخ علي دلالة الصحيحة علي الاستصحاب بقوله:«وأما ما ذكره الشيخ قدس سره من الاشكال علي الصحيحة، ففيه: انه لا تلزم من الاستدلال بها مخالفة المذهب .

وذلك : لما مر آنفا من أن معنى دلالة الامر الظاهري على الاجزاء هو توسعة الواقع ، لعدم معقولية التحفظ على الواقع مع اجزاء شئ آخر عنه ، فمعنى اجزاء الصلاة الواقعة فيها زيادة التشهد والتسليم عن الواقع هو توسعة الواقع بمعنى أن الواجب على المتيقن هو الصلاة بلا زيادة التشهد والتسليم ، وعلى الشاك بين الثلاث والأربع مثلا ، هو الصلاة الواقعة فيها زيادة التشهد والتسليم ، لكن مع التقييد بعدم الاتيان بالركعة الرابعة في الواقع ، لان المستفاد من الروايات أن وجوب الاتيان - بالركعة المنفصلة على الشاك بين الثلاث والأربع - مختص بما إذا لم يأت بالرابعة في الواقع ، فمن شك - بين الثلاث والأربع ، وبنى على الأربع وتشهد وسلم ، ثم لم يأت بالركعة المنفصلة نسيانا أو عمدا ، ثم انكشف أنه اتى بالركعة الرابعة - ليس عليه شئ .

فيكون الموضوع لوجوب الركعة المنفصلة المكلف المقيد بأمرين :

الأول: كونه شاكا .

الثاني: كونه غير آت بالرابعة .

فإذا شك المكلف بين الثلاث والأربع ، فقد حصل أحد القيدين بالوجدان وهو الشك ، والقيد الآخر - وهو عدم الاتيان بالرابعة - يحرز بالاستصحاب ، لكونه متيقنا بعدم الاتيان وشك فيه ، فيحكم بوجوب الاتيان بالركعة المنفصلة .فتلخص مما ذكرنا :أن مقتضى الاستصحاب بملاحظة الأخبار الخاصة هو الاتيان بالركعة المنفصلة لا الاتيان بالركعة المتصلة ، حتى يكون العمل به مخالفا للمذهب ، بل في نفس الصحيحة قرينة على أن المراد من قوله ( ع ) : قام وأضاف إليها ركعة أخرى ، هي الركعة المنفصلة ، وهي قوله ( ع ) في صدر الصحيحة لبيان حكم الشك بين الاثنين والأربع : يركع ركعتين بفاتحة الكتاب ، فان تعيين الفاتحة يدل على كون المراد ركعتين منفصلتين ، وإلا كان مخيرا بين الفاتحة والتسبيحات. ، بل لعل الأفضل الاتيان بالتسبيحات .

فيكون المرد من قوله ( ع ) : قام وأضاف إليها ركعة أخرى ، أيضا هي الركعة المنفصلة ، لكون هذه الركعة في الشك بين الثلاث والأربع من سنخ الركعتين السابقتين في الشك بين الاثنين والأربع . وفى الصحيحة قرينة أخرى على كون المراد هي الركعة المنفصلة ، وهي قوله ( ع ) : " ولا يدخل الشك في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر " فان ظاهر عدم خلط الشك باليقين وبالعكس هو الاتيان بالركعة المشكوكة منفصلة عن الركعات المتيقنة .

فتلخص مما ذكرنا :صحة الاستدلال بالصحيحة .

غاية الامر: أن مقتضى الاستصحاب بملاحظة الأخبار الخاصة هو الاتيان بالركعة المشكوك فيها منفصلة »[7] .

 


[7] مصباح الاصول، الواعظ الحسيني، السيد محمد، تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج3، ص64.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo