< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/02/30

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ دوران الأمر بين أقل والاكثر/ التنبيه الخامس

و قرر الشيخ الوجه الثاني من الوجوه التي تدل علي وجوب اصل الفحص :

الادلة الدالة علي وجوب تحصيل العلم مثل آيتي النفر للتفقه و سؤال اهل الذکر.

والاخبار الدالة علي وجوب تحصيل العلم، و تحصيل الفقه و الذم علي ترك السؤال.

و قد مر في کلام صاحب الکفاية " و الاخبار علي وجوب التفقه و التعلم ، و المؤاخذة علي ترك التعليم في مقام الاعتذار عن عدم العمل بعدم العلم بقوله تعالي کما في الخبر (هلا تعلّمت).

و افاد بأن هذه الآيات و الأخبار تدل علي تقييد اخبار البرائة.

فيقيد اطلاقها بلزوم الفحص .

ثم افاد (قدس سره) : انه يعتبر الفحص في التخيير العقلي ايضا بعين ما ذکر في البرائة.

و نظره قدس سره في ذلك الي ان المراد بالبيان في البرائة العقلية هو الحجة الواصلة فعلا ، و في التخيير العقلي و ان کانت الحجة الواصلة فعلا ، وفي التخيير العقلي وإن كانت الحجة واصلة بالتکليف بحسبه ، الا ان الإجمال في نوع التكليف فيه يقتضي الفحص ليحرز عدم البيان المبين الواصل ، و مع امکان التبيين بالفحص لا يتحقق الموضوع للتخيير .

ثم ان صاحب الکفاية (قدس سره) تعرض بعد تبيين شرائط الاصول العملية الثلاثة و تحقيق لزوم الفحص في الاخرين لأمرين:

الاول : في استحقاق العقوبة علي العمل بالبرائة قبل الفحص و افاد :

« أما التبعة ، فلا شبهة في استحقاق العقوبة على المخالفة فيما إذا كان ترك التعلم والفحص مؤديا إليها ، فإنها وإن كانت مغفولة حينها وبلا اختيار ، إلا أنها منتهية إلى الاختيار ، وهو كاف في صحة العقوبة.

بل مجرد تركهما كاف في صحتها ، وإن لم يكن مؤديا إلى المخالفة ، مع احتماله ، لاجل التجري وعدم المبالاة بها ... »[1]

و نظره (قدس سره) الي ان استحقاق العقوبة انما يکون علي مخالفة الواقع اذا اتفقت، و هو وإن کان في حال المخالفة غافلا عن الواقع و ترك الواقع ، و لا شبهة في قبح تکليف الغافل الا ان المخالفة للواقع انما وقعت منه مستندا الي تقصيره في ترك الفحص و التعلم ، نظير استناد ترك الواقع الى ترك بعض مقدماته الموجب لعدم اختياره حال ترك الواقع ، الا ان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار، و بما ان المخالفة منتهي الي الاختيار بترك التعلم فلا محذور في استحقاق العقوبة عليها.

و ما افاده هنا موافق لما اختاره المشهور من استحقاق العقوبة علي مخالفة الواقع التي ادي اليها ترك التعلم و الفحص.

و رد به ما قيل :

بأن استحقاق العقوبة ليس علي مخالفة الواقع بل علي ترك التعلم، و أنه يجب التعلم نفيسا و العقاب يکون علي ترك الواجب ، کما افاده المحقق الاردبيلي و تبعه السيد صاحب المدارك (قدس سره) .

و ما اختاره صاحب الکفاية في المقام موافق لما افاده الشيخ (قدس سره) في الرسائل قال (قدس سره) :

« أما العقاب : فالمشهور : أنه على مخالفة الواقع لو اتفقت ، فإذا شرب العصير العنبي من غير فحص عن حكمه ، فإن لم يتفق كونه حراما واقعا فلا عقاب ، ولو اتفقت حرمته كان العقاب على شرب العصير ، لا على ترك التعلم .»[2]

والترم المحقق النائيني (قدس سره) بأن العقاب انما يکون علي ترك التعلم المؤدي الي مخالفة الواقع لأن وجوب التعلم ليس نفيسا ، بل ان وجوبه طريقي ، و ان استحقاق العقاب ليس علي ترکه ، و ليس ايضا علي ترك الواقع لقبح العقاب علي المجهول بل يکون العقاب علي ترك التعلم المؤدي الي ترك الواقع.

و ان کان لا يمکن المساعدة عليه لعدم اقتضاء کل واحد منهما منفردا لاستحقاق العقاب .

ثم ان صاحب الکفاية تعرض لاشکال ربما يرد علي ما اختاره في المقام من استحقاق العقوبة علي مخالفة الواقع فيما اذا کان ترك التعلم و الفحص مؤديا اليها . بأنه يشکل الأمر بالنسبة اليه في الواجب المشروط و کذا الواجب الموقت.

و اساس الاشکال هو ان في الواجبات المشروطة ، سواء کانت مشروطة بالزمان کصلاة الجمعة و الصلوات اليومية او مشروطة بغيره کالحج المشروط بالاستطاعة ، لا يمکن الالتزام باستحقاق العقوبة علي مخالفة الواقع التي موجبها ترك التعلم و الفحص ، لأن قبل تحقق الشرط فيها لا وجوب ليشمل لزوم الإتيان بمقدماتها و من جملتها التعلم، وبعد تحقق الشرط، فإنه لا وجه لاستحقاق العقوبة على مخالفتها بعد تحقق شرطها ، لأن المخالفة انما تحققت في حال الغفلة، لغفلة المکلف عند الاستطاعة مثلا عن تکليف الحج، و المفروض انه لا تکليف فيها .

و هذا الاشکال أورده الشيخ (قدس سره) علي مقالة المشهور قال (قدس سره) في الرسائل:

« أنه يلزم حينئذ عدم العقاب في التكاليف الموقتة التي لا تتنجز على المكلف إلا بعد دخول أوقاتها ، فإذا فرض غفلة المكلف عند الاستطاعة عن تكليف الحج ، والمفروض أن لا تكليف قبلها ، فلا سبب هنا لاستحقاق العقاب رأسا .»[3]

و عليه فلا موجب لاستحقاق العقوبة علي ترك الواقع و ان کان ترك التعلم مؤديا اليها في الواجبات المشروطة و يلزم حصره بالواجبات المطلقة، و لعل مثل المحقق الاردبيلي و صاحب المدارك التزم باستحقاق العقاب علي ترك التعلم ، و ان التعلم ، واجب نفيسا في قبال مقالة المشهور لأجل هذا الجهة .

و افاد صاحب الکفاية (قدس سره) في مقام العلاج.

« ولا يخفى أنه لا يكاد ينحل هذا الاشكال إلا بذلك ، أو الالتزام بكون المشروط أو المؤقت مطلقا معلقا ، لكنه قد اعتبر على نحو لا تتصف مقدماته الوجودية عقلا بالوجوب قبل الشرط أو الوقت غير التعلم ، فيكون الايجاب حاليا ، وإن كان الواجب استقباليا قد أخذ على نحو لا يكاد يتصف بالوجوب شرطه ، ولا غير التعلم من مقدماته قبل شرطه أو وقته . وأما لو قيل بعدم الايجاب إلا بعد الشرط والوقت ، كما هو ظاهر الأدلة وفتاوى المشهور ، فلا محيص عن الالتزام يكون وجوب التعلم نفسيا ، لتكون العقوبة - لو قيل بها - على تركه لا على ما أدى إليه من المخالفة ، ولا بأس به كما لا يخفى ، ولا ينافيه ما يظهر من الاخبار من كون وجوب التعلم إنما هو لغيره لا لنفسه ، حيث أن وجوبه لغيره لا يوجب كونه واجبا غيريا يترشح وجوبه من وجوب غيره فيكون مقدميا ، بل للتهيؤ لايجابه ، فافهم .»[4]

حاصله : انه يمکن دفع الاشکال بالالتزام بالواجب المعلق من کون الوجوب فعليا و لو قبل تحقق شرطه کالوقت والواجب استقباليا فيجب الإتيان بجميع شروط الوجودية و منها التعلم و لو قبل تحقق الشرط و مع عدم امکان الالتزام به من جهة ذهاب المشهور و تسالمهم علي عدم وجوب تحصيل المقدمات قبل تحقق الشرط يمکن ان يقال بالتفصيل بين الشروط بعدم وجوب المقدمات قبل تحقق الشرط غير التعلم، فإن التعلم واجب قبل تحقق الشرط و مجيئ الوقت.

و افاد (قدس سره) في الحاشية علي الکفاية :الا ان يقال : بصحة المؤاخذة علي ترك المشروط او الموقت عند العقلاء اذا تمکن منهما في الجملة و لو بأن تعلم و تفحص اذا التفت و عدم لزوم التمکن منهما بعد حصول الشرط و دخول الوقت مطلقا ، كما يظهر ذلك من مراجعة العقلاء ومؤاخذتهم العبد على ترك الواجبات المشروطة او الموقت المؤدي الي ترکها بعد حصوله او دخوله فتأمل. و هذا اما افاده الشيخ (قدس سره) في الرسائل بقوله:(الا ان يقال بصحة المؤاخذة علي ترك المشروط او الموقت عند العقلاء...).

و افاد (قدس سره) بأنه لو لم يمکن الالتزام به للزم القول بوجوب التعلم وجوبا نفسياً.

و ما ورد في الأخبار من کون وجوب التعلم انما هو لغيره لا لنفسه يحمل علي کون وجوب التعلم وجوبا نفسياً تهيئيا ، اي وجب نفسياً للتهيؤ لايجاب غيره ، اي لايجاب الواجب و تشريعه .

و يمکن ان يقال :

ان المقدمات التي ينجر ترکها الي ترك الواجب في وقته او بعد تحقق شرط ربما يقال بوجوبها عقلاً ، لأن العقل الحاکم بوجوب الاطاعة انما يري ترکها مساوقاً لترك غرض المولي و يکون قبيحا عنده.

و ما افادده (قدس سره) في الحاشية تبعاً لما افاده الشيخ من جريان سيد العقلاء علي ذم من ترکها المؤدي الي ترك الواجب العقلائي انما تنشأ من الادراك العقلي المذکور، و انما يجري هذا البحث في المقدمات الوجودية ، و کذا في التعلم ، دون المقدمات و الشروط الاتفاقية کالاستطاعة.

الثاني : قال (قدس سره): « وأما الاحكام ، فلا إشكال في وجوب الإعادة في صورة المخالفة ، بل في صورة الموافقة أيضا في العبادة ، فيما لا يتأتى منه قصد القربة وذلك لعدم الاتيان بالمأمور به مع عدم دليل على الصحة والاجزاء»[5]

وطرح الشيخ البحث بقوله: اما الکلام في الحکم الوضعي و هي صحة العمل الصادر من الجاهل و فساده ، فيقع الکلام تارة في المعاملات واخري في العبادات ...

و محصل ما افاده هو بطلان العبادة و عدم صحة الفعل اذا لم يکن عبادَة اذا انکشف الخلاف ، فيجب الاعادة و عمدة الوجه فيه عدم اتيانه بما هو المأمور به، و عدم حجة له في ترکه اذا ترك الفحص و اجري البرائة.

و افاد بأن هذا يتم اذا لم يکن هنا دليل علي الصحة و الاجزاء و قد ورد الدليل علي الصحة في الاتمام في موضع القصر او الاجهار او الاخفات في موضع الآخر، و هذا بحث فقهي يأتي تفصيله في محله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo