< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/02/20

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:المقصد السابع: اصول عمليه/ دوران الأمر بين أقل والاكثر/التنبيه الخامس

اما الجهه الثالثة في کلامه (قدس سره):

انه افاد بأن من جمله ما استدل به وبتعبيره ما قيل لوجوب الباقي بعد تعذر الجزء والشرط قاعدۀ الميسور. ومقتضي هذه القاعدة وجوب الباقي بالدليل الاجتهادي ومع تماميتها يکون حاکماً علي الاستصحاب لو قلنا بجريانه، و کذا البرائه عقلاً او نقلاً.

ثم انه (قدس سره) افاد بأنه استدل علي هذه القاعدۀ بأخبار:

منها: قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): اذا امرتکم بشي فأتوا منه ما استطعتم.

وهذه الرواية مذکورۀ في عوالي اللئالي، وأصله: قال (صلي الله عليه وآله وسلم): اذا امرتکم بأمر فأتوا منه بما استطعتم.[1]

وأفاد الطبرسي في مجمع البيان في ذيل آيه 101 من سورۀ المائدۀ.

خطب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال: " إن الله كتب عليكم الحج " فقام عكاشة بن محصن ويروى سراقة بن مالك فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثا، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): " ويحك وما يؤمنك أن أقول: نعم؟ والله ولو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم، ولو تركتم كفرتم، فاتركوني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه "[2]

ونقله الفخر الرازي في تفسيره، والبيضاوي في انوار التنزيل، قال صاحب الکفاية: ان الاستدلال بهذه الرواية مبني علي امرين:

الأول:

ان کلمه «من» في قوله (صلي الله عليه وآله وسلم): «فأتوا منه ما استطعتم» تبعيضية لأنها لو کانت بيانيه او بمعني الباء لکان المدلول وجوب الاتيان بنفس المأمور به الکلي بقدر الاستطاعه.

الثاني:

ان يکون التبعيض بحسب الاجزاء دون الافراد، لأنه لو کان التبعيض المستفاد من کلمه من بحسب الافراد لکان مدلول الرواية وجوب الاتيان بما يتسير من افراد الطبيعه، فيدل علي وجوب التکرار وعدم کفاية صرف الوجود.

ثم افاد (قدس سره):

بأن ظهور کلمه «من» في التبعيض قابل للتصوير في المقام الا ان المشکل ان ظهورها في التبعيض بحسب الاجزاء حتي مع امکان تصويره لا يمکن الالتزام به في مثل المقام بقرينه المورد، لأن موضوع السؤال والجواب في الرواية الحج، وما يقبل التصوير في مورد تکرار الحج بعد الأمر به، ويدل عليه قول السائل: في کل عام يا رسول الله، وما يقبل الاتيان في کل عام من الحج هو التکرار والتبعيض في مورده التبعيض بحسب افراد الطبيعه.

ومنها:

ما رواه في عوالي اللئالي عن علي عليه السلام: الميسور لا يسقط بالمعسور.

هذا ما نقله صاحب الکفايه وفق ما نقله الشيخ (قدس سره) بحسب المتن والمذکور في العوالي: لا يترك الميسور بالمعسور.[3]

قال صاحب الکفاية (قدس سره):انه لا يظهر من هذه الروايه عدم سقوط الميسور من الاجزاء بمعسورها، لأن الروايه تحتمل امرين عدم سقوط الميسور من افراد العام بالمعسور منها، وعدم سقوط الميسور من الاجزاء بمعسورها، وليس هنا ما يدل علي تعين الظهور الثاني اي عدم سقوط الميسور بحسب الاجزاء، بعين ما مر من التقريب في الروايه الاولي.هذا مع انه يرد علي دلالة الرواية ايضاً:

انه ليس فيها ظهور في وجوب الاتيان بالاجزاء الميسورة بعد تعذر بعضها الآخر من الاجزاء والشرائط.

وذلك: لأن عنوان الميسور عنوان عام يشمل الواجبات والمستحبات، فلو کان مدلول الخبر الميسور لخرج عن عموم العنوان المستحبات، لعدم وجوب الميسور من المستحبات في فرض تعذر بعض اجزائها و شرائطها.

 

وعليه فيلزم ان يدور الأمر في المدلول بين تخصيص عنوان الميسور بالواجبات واخراج المستحبات عنه.

وبين التصرف في ظهور الأمر في الوجوب بحمله علي مطلق الرجحان، والاول ـ اخراج المستحبات ـ مخالف لبناء الاصحاب علي جريان القاعدۀ في المستحبات کالواجبات.

وأما الثاني فمقتضاه عدم دلالۀ الخبر علي وجوب الباقي اي وجوب الاتيان بالميسور عند تعذر بعض الاجزاء او الشرائط وربما اجيب عنه ـ عن اشکال عدم ظهور الأمر في الوجوب:

بأن المراد من قوله «لا يسقط» في الخبر ـ الميسور لا يسقط بالمعسور ـ، عدم سقوط الميسور بما له من الحکم بلا فرق بين کون الحکم الوجوب او الاستحباب، ومعه لا تخرج المستحبات عن مدلول الخبر، مع التحفظ علي شمول المدلول لعدم سقوط الميسور من الواجبات عن معسورها.

وعليه لکان قوله (عليه السلام): الميسور لا يسقط بالمعسور کنايۀ عن عدم سقوط الميسور بحکمه وبما له من الحکم ـ وجوباً کان او ندباً ـ.

کما هو الحال في امثاله، وأفاد في مقام التنظير، ان مفاد قوله (عليه السلام) لا ضرر ولا ضرار، نفي الموضوع بنفي ما له من الحکم وضعياً کان او تکليفياً، وأن کل حکم ضرري مرفوع بلا فرق بين الوضع والتکليف.

وفي المقام ايضاً کذلك، وأن الميسور بما له من الحکم اي حکم کان لا يسقط بالمعسور، فيمکن فيه تصوير وجوب الباقي من غير استلزامه لخروج المستحبات.

ومنها:

ما رواه في عوالي اللئالي ايضاً عن علي عليه السلام: ما لا يدرك کله لا يترك کله.[4]

والاستدلال به يتوقف علي کون الکل ظاهراً في الکل ذي الاجزاء، اي الکل المجموعي دون الکل ذي الافراد، اي الکل الافرادي.

اذ لو کان ظاهراً في الکل الافرادي کان اجنبياً عن قاعدۀ الميسور نظير ما لو امر بصوم کل يوم من رمضان وتعذر صوم بعض الايام.

وفيما افاده اشارۀ الي الايراد الذي نقله الشيخ عن المحقق النراقي من عدم احراز کون لفظه الکل في الکل المجموعي خاصه.

قال (قدس سره) في الرسائل:

« مع احتمال كون لفظ " الكل " للعموم الأفرادي، لعدم ثبوت كونه حقيقة في الكل المجموعي، ولا مشتركا معنويا بينه وبين الأفرادي، فلعله مشترك لفظي أو حقيقة خاصة في الأفرادي، فيدل على أن الحكم الثابت لموضوع عام بالعموم الأفرادي إذا لم يمكن الإتيان به على وجه العموم، لا يترك موافقته في ما أمكن من الأفراد.»[5]

ثم افاد صاحب الکفاية (قدس سره) بأن مع تسلم ظهور الکل في الکل المجموعي امکن المناقشه في دلاله الخبر:

ان الموضوع في الخبر وهو «ما» الموصول في قوله (عليه السلام): ما لا يدرك کله عام يشمل الواجبات والمستحبات، وعليه فإن المراد من «لا يترك» في ذيل الخبر مطلق الرجحان بمقتضي المناسبة بين الحکم والموضوع، فيکون المراد رجحان الاتيان بباقي المرکب ـ اي الفعل المأمور به ـ سواء کان واجباً او مستحباً عند تعذر الاتيان بجزء.

وبالجمله:

ان ظهور «لا يترك» في وقوله: لا يترك کله، ان سلم اختصاصه بالوجوب في غير المقام، الا انه يلزم رفع اليه عن ظهوره في الالزام بمقتضي التعميم في (ما) الموصول الشامل للواجبات والمستحبات، فيصير قرينه علي ارادۀ المعني العام، وهو خصوص الکراهة او مطلق المرجوحيه من «لا يترك» ومعه فلا يتم الالتزام بظهوره في اللزوم في المورد، وإن التزمنا به في غيره.

والحاصل: ان في الاستدلال بالروايه للقاعدۀ محذوران:

1 ـ عدم تماميه ظهور لفظه «کل» في العموم المجموعي اي الکل ذي الاجزاء.

2 ـ عدم ظهور الموصول اي لفظه (ما) في الواجبات، بل يعم الواجبات والمستحبات.

ثم افاد (قدس سره):

بأن الضابط في جريان قاعدۀ الميسور، صدق الميسور عرفاً على الباقي، اي الفاقد لما هو متعذر عن اتيانه، بلا فرق بين کون المفقود المتعذر جزءاً او شرطاً، ولا يختص بفاقد الجزء.

وذلك: لأن الفاقد للشرط عند تعذره يصدق عليه عنوان الميسور کما يصدق عرفاً علي الفاقد للجزء عند تعذره.

والميزان هنا صدق الميسور علي الفاقد عند العرف. حتي لو کان فاقد الشرط مبنياً لواجده عقلاً.

ولذلك ـ اي لکون المعيار في جريان القاعدۀ صدق الميسور علي الفاقد للجزء او الشرط عرفاً ـ ربما لا يصدق علي الفاقد عنوان الميسور عرفاً نظير الفاقد لمعظم الاجزاء او الفاقد للرکن، فإنه لا موضوع لجريان قاعدۀ الميسور فيه وان کان الفاقد غير مباين للواجد بنظر العقل.

نعم، ان هذا المعيار انما يعتبر في جريان قاعدۀ الميسور اذا لم يرد من الشارع دليل علي کون الباقي داخلاً في عنوان الميسور او خارجاً عنه، فإنه لو دل دليل من الشرع علي کون الباقي داخلاً في عنوانه فإنما تجري القاعدة، وإن لم يصدق علي الفاقد والباقي عنوان الميسور عرفاً، وکذا العکس، اي دل الدليل علي عدم کون الباقي داخلاً في عنوان الميسور، مع صدق الميسور عليه عرفاً.

وذلك نظير صلاۀ فاقد الطهورين، فإنها تعد عرفاً من الميسور ولکن مقتضي الدليل، عدم کونه داخلاً في عنوان الميسور شرعاً بناءً علي ما هو المشهور بينهم.

وهذا التصرف من الشارع بالنسبه الى اخراج المورد عن عنوان الميسور انما يقدم علي ما مر من الضابط لجريان القاعدۀ من لزوم صدق عنوان الميسور علي الفاقد عرفاً، بلا فرق بين کون هذا التصرف من الشارع تخطئۀ للعرف من حيث تمييز عنوان الميسور، او تخصيصاً لعموم القاعدۀ.
وبعبارۀ اخري: ان للشارع اخراج المورد عن عنوان الميسور موضوعاً، وهي التخطئه للعرف في مقام تمييز الميسور، وأما حکماً بکونه تخصيصاً لعموم القاعدۀ.

کما ان تصرف الشارع في ادراج المورد في عنوان الميسور يکون من باب التشکيك والتنظير في الحکم من دون ان يکون تصرفه من جهه الاندراج في الموضوع. کما ورد في غيره مثل کون الطواف صلاة، الظاهر في تنزيل الطواف منزله الصلاۀ في الحکم من دون ان يکون فيه نظر الي التصرف في الموضوع، بل النظر الي التنزيل والتشريك في الحکم.

هذا ما افاده صاحب الکفايه (قدس سره) في الجهه الثالثة وهو تصحيح وجوب الاتيان بالباقي عند تعذر الجزء والشرط بمقتضي قاعدۀ الميسور.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo