< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/11/11

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ دوران الأمر بين أقل والاكثر/التنبيه الخامس

اما الوجه الثالث: ـ وهو ما مر في كلام الشيخ (قدس سره) من ان اخبار البرائة لا تنصرف الي نفي التعيين لأنه في معني نفي الواحد المعين فيعارض بنفي الواحد المخيّر ـ

فيمكن ان يقال فيه:

انه قد مر ان الاجمال والترديد والدوران انما يرجع الي مقام جعل الاعتبار وظرف عروض الوجوب، وإن مرجع الدوران الي ان المولي انما اكتفي في استيفاء غرض بالحيثية المتحققة في جميع الابدال، في فرض تعلق الوجوب بالافراد علي نحو التخيير، او انه لا يري استيفاء غرضه الا بالاتيان بالفرد المعين منها والبدل الخاص، وهو معني تعلق التكليف بالجامع او الخصوصية، لأن بناءً علي تعلق التكليف بالجامع، فإن كل فرد وعدل من افراده بلا فرق بين ان يكون الجامع عرفياً او انتزاعيا، وأن لا يتحقق الا في ضمن خصوصية الفردية، الا ان البحث في المقام انما هو في ان الموضوع للاعتبار الحيثية المشتركة‌في الافراد والاعدال، او الحيثية المشتركة المذكورة مع تخصصه بالخصوصيات الفردية في العدل الخاص، ومع دوران الامر بينهما ورجوعه الي اعتبار الحيثية المشتركة او هي مع خصوصية الفرد الخاص لكان المقام مجري ادلة البرائة، لأن موضوعها الشك في اعتبار امر زائد، وقد شاع في كلام الشيخ التعبير عنه بالكلفة‌ والمشقة ولا شبهة في ان في اعتبار خصوصية الفرد مضافاً الي اعتبار الحيثية المشتركة كلفة ومشقة علي المكلف فيكون مجري البرائة.

وبهذا البيان ان الشك في اعتبار المعين هو موضوع ادلة البرائة بظهورها، ومعه لا حاجة الي تحقيق انصرافه اليه او الي عدمه، لأن الانصراف صرف اللفظ الي المعني الاظهر بعد فرض التشكيك بين المعاني، وفي مثل المقام ليس لنا ظهوران في مدلول ادلة البرائة، ظهور في نفي التعيين وظهور في نفي التخيير، حتي ينصرف اللفظ الي احدهما بادعاء الاظهرية.

بل ان فيها ظهور واحد وهو نفي الاعتبار ورفعه فيما كان فيه كلفة في مقام الجعل في ظرف الشك.

ولا شبهة في ان في اعتبار خصوصية الفرد مضافاً الي اعتبار الحيثية المشتركة في الافراد والاعدال الذي يكون به قوام التخيير كلفة زائدة فهو بعينه موضوع لأدلة الرفع، ولا حاجة الي التمسك بالانصراف في مثله لانتفاء موضوعه وهو التشكيك في الصدق.

اما الوجه الرابع: ـ وهو ما مر في كلام المحقق النائيني (قدس سره) من احتياج الوجوب التخييري الي مؤونة زائدة في مقام الثبوت وفي مقام الاثبات.

ففيه:

انه قد مر في دفع الوجه السابق ان لنا في المقام اعتباران من الشرع يدور الامر بينهما.

الاول: ان الشارع اعتبر في مقام الجعل الحيثية المشتركة بين الاعدال، واكتفي بها في حصول غرضه، وهذه الحيثية متحققة في جميع الابدال، واضافتها بالخصوصيات الفردية لا يمنع عن حصول الامتثال بالاتيان بكل واحد منها.

الثاني: انه اعتبر في مقام الجعل نفس الحيثية المشتركة مع تقيدها وتخصصها بالخصوصيات الفردية في عدل خاص، بأنه يري عدم حصول غرضه وعدم الوفاء بملاكه الملزم، الا في تخصص الحيثية المشتركة‌ بالخصوصيات الفردية في عدل خاص كالعتق مثلاً، فإنه واجد لجهتي الحيثية المشتركة‌ الموجبة لتعلق الوجوب التخييري بها، بناءً علي ثبوت اعتبار التخيير، والخصوصية الزائدة عنها الموجودة فيه اضافة علي الحيثية المشتركة.

والمهم هنا ملاحظة ان المؤونة الزائدة انما تلزم في مقام الاعتبار في اي واحد من الاعتبارين.

ونحن نقول:

بأن اعتبار الحيثية المشتركة بين الاعدال الموجبة لتحقق الغرض باتيان كل واحد منها ـ علي تقدير التخيير ـ مما تيقن ثبوته، ولا نحتاج في الوجوب التخييري الي ازيد من ذلك، وأما اعتبار الخصوصية المقدمة لعدل خاص اضافة اليه، مما يحتاج الي مؤونة‌اكثر وأزيد، وإذا شك في اعتباره فهو شك في اعتبار كلفة زائدة وهي منفية بأدلة الرفع.

وعليه فإن اعتبار الوجوب التخيير لا يحتاج الي مؤونة اكثر من ذلك، وهو اعتبار الحيثية المشتركة، بخلاف اعتبار الوجوب التعييني بالنسبة الي واحد من الاعدال، فإنه يحتاج الي مؤنة اعتبار الخصوصية اضافة الي ذلك.

ومما حققناه ظهر وجه النظر.

فيما افاد السيد الخوئي (قدس سره) في خصوص التخيير الشرعي بقوله:

«نعم، فيما كان التخيير المحتمل تخييراً شرعياً يحتاج الي مؤنة زائدة، لأن الجامع في التخيير الشرعي هو عنوان احد الشيئين كما تقدم، ومن الواضح ان لحاظ احد الشيئين يحتاج الي لحاظ نفس الشيئين، فيكون الوجوب التخييري محتاجاً الي مؤونة زائدة بالنسبة‌الي الوجوب التعييني.[1]

وذلك: لأن الجاعل للاعتبار يلزمه لحاظ متعلق اعتباره وتصوره، ثم جعل الاعتبار عليه، ولا فرق في هذا المقام بينان يكون المتعلق الفرد او الجامع، كما لا تفاوت بين ان يكونالجامع عرفياً او حقيقياً وبين ان يكون الجامع انتزاعياً.

فإن في الجامع الانتزاعي يتقوم الجامع بالاعتبار والانتزاع كما في موارد التخيير الشرعي كالتخيير بين خصال الكفارة فإنه ليس بينها جامع حقيقي ظاهراً لتغاير الاعدال وجوداً، ولكن نفس تعلق الوجوب بها علي نحو التخيير انما يكشف عن وجود حيثية مشتركة موجبة لوفاء كل منها بالغرض، ولولاه لامتنع تعلق الوجوب بها تخييراً، والمتعلق للاعتبار في مقام الجعل وعروض الوجوب هو نفس هذه الحيثية، وهذا المعني جار في جميع موارد لحاظ الجامع الانتزاعي ولو في غير الشرعيات.

وهذه الحيثية هي موجودة في الجامع الحقيقي، فإن في موارد تعلق الاعتبار به ان متعلق الاعتبار هو الحيثية المشتركة، كما لو فرض كون المتعلق الطبيعي، فإنه ليس له وجود غير وجود الافراد وليس لحاظ الطبيعي بين افراده الا بالتحليل في الذهن، وكذلك الكلام في الجنس وامثاله، غير ان الحيثية المشتركة في الجامع الحقيقي او الجامع العرفي حسب تعبيره اوضح وأبين مما كان في الجامع الانتزاعي في مقام التحليل والاعتبار، والا فلا فرق بينهما في هذه الجهة.

فما يجري في الجامع الحقيقي في هذا المقام يجري بعينه في الجامع الانتزاعي، ولذلك نلتزم كالسيد الخوئي (قدس سره) بتعلق الوجوب بالجامع الانتزاعي كغيره من التكاليف، خلافاً لما افاده السيد الاستاذ (قدس سره) في المقام، من التأمل في تعلق التكليف بالجامع الانتزاعي.

كما نلتزم بأن حقيقة الوجوب التخييري تعلق التكليف بالجامع الانتزاعي.

وأن اساس الالتزام بهذا المبني هو ما عرفت.

هذا، مضافاً: الي ان المراد من المؤونة دون المؤونة الزائدة في هذا المقام المؤونة في مقام الاعتبار، والمراد به ظرف جعل التكليف او صقع عروض الوجوب، فإن مجري البرائة الشك في ما يلزم من جعله مؤونة وكلفة.

وأما مقام لحاظ المتعلق فإنما هو في مرتبة سابقة عن مقام الجعل والاعتبار، ولا عبرة في المؤونة الزائدة فيه بالنسبة الي مقام الجعل، والعبرة بالمؤونة في هذا المقام دون ما يعد من مقدماته، هذا كله بحسب مقام الثبوت.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo