< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/06/31

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ دوران الأمر بين أقل والاكثر/التنبيه الخامس

ولعله إلى ذلك يرجع ما ذكره الشيخ - قدس سره - أخيرا من إبداء الفرق بين الأصول العملية والأصول اللفظية...»[1]

وافاد المحقق العراقي ناظراً الي كلام الشيخ وكذا ما افاده المحقق النائيني في مقام الاستشكال علي الشيخ، في الامر الثاني من الامور التي حققها بعنوان تنبيهات البحث:

« الظاهر أنه لا فرق في تأثير العلم الاجمالي في وجوب الموافقة القطعية، بين الموجودات فعلا، والموجودات تدريجا لجريان الأدلة المتقدمة واتحاد المناط فيهما فيجب على المرأة المضطربة التي تعلم أنها تحيض في الشهر ثلاثة أيام الاجتناب عن قراءة العزائم و دخول المساجد ويجب على زوجها الاجتناب عن وطيها في تمام الشهر.[2]

وكذا يجب على التاجر الذي يعلم ابتلائه في يومه أو شهره بالمعاملة الربوية الامساك عن ما لا يعلم حكمه من المعاملات في تمام اليوم والشهر.

من غير فرق في ذلك: بين ما يكون الزمان فيه مأخوذا على نحو الظرفية المحضة بلا دخل فيه لا في التكليف ولا في موضوعه كما في المثال الثاني، وبين ما يكون الزمان فيه مأخوذا على نحو القيدية، للمكلف به كما لو نذر أو حلف على ترك الوطء في ليلة خاصة واشتبهت بين ليلتين أو أزيد، أو لنفس التكليف كمثال الحيض المتقدم فان لأيام الحيض دخل في ملاك الحكم وفي أصل التكليف بترك الوطء والعبادة و دخول المساجد وقرأة العزائم.

فان في جميع هذه الصور: لا بد بمقتضى العلم الاجمالي من الاحتياط بالاجتناب عن جميع الأطراف. اما الصورة الأولى: كمثال العلم بالابتلاء بالمعاملة الربوية في خلال اليوم أو الشهر، فظاهرة للعلم بالتكليف الفعلي من أول اليوم أو الشهر بالاجتناب عن المعاملة الربوية في تمام اليوم أو الشهر، فلا بد من التحرز في تمام اليوم والشهر عن كل معاملة يحتمل كونها ربوية. نعم بناء على عدم التفكيك بين ظرف فعليته التكليف وظرف فاعليته الذي هو ظرف المأمورية وإرجاع الواجب المعلق لأجله إلى الواجب المشروط بزمانه. لا بد من إلحاق هذه الصورة بالواجب المشروط للاشكال حينئذ في تأثير مثل هذا العلم الاجمالي بعدم تعلقه بالتكليف الفعلي على كل تقدير.

بداهة: انه على المبنى المزبور لا يكاد يكون التكليف بالترك في اخر اليوم والشهر فعليا من أول اليوم و الشهر كي يصدق العلم الاجمالي بالتكليف الفعلي على الاطلاق من أول اليوم والشهر، بل لا بد وأن يكون التكليف بالترك في اخر اليوم مشروطا بزمانه لرجوعه إلى خل الزمان فيه في أصل الخطاب وتوجيه التكليف الفعلي بالنسبة إليه وان لم يكن له دخل في ملاك الحكم، ولازمه جريان الأصول النافية للتكليف في جميع الأطراف لولا دعوى استقلال العقل حينئذ بقبح الاقدام على ما يؤدى إلى تفويت مراد المولى.

وبما ذكرنا: ظهر الحال في مبحث مقدمة الواجب لا إشكال في وجوب الاجتناب، لامكان التكليف الفعلي من الحين بالنسبة إلى الامر الاستقبالي قبل مجئ وقته فيجب بمقتضى العلم الاجمالي الاحتياط بترك الوطء في كل من الليلتين ولزوم حفظ القدرة فعلا على الطرف الآخر في ظرفه وموطن قيده، لاقتضاء فعلية الخطاب حينئذ لاحداث الإرادة الغيرية نحو المقدمات المفوتة حتى في الموقتات قبل وقتها، كما يكون ذلك هو الشأن في فرض كون الخطاب وجوبيا. فإنه مع العلم الاجمالي بوجوب أحد الامرين يحكم العقل بلزوم الاتيان بالطرف الفعلي مع حفظ القدرة على الطرف الاخر في موطنه، من دون احتياج إلى خطاب آخر مسمى بمتمم الايجاب وبالوجوب التهيئي، ولا إلى إتعاب النفس بإثبات انه مع العلم بتحقق الملاك الملزم فيما بعد يستقل العقل بقبح تفويته.

نعم انما يتجه ذلك بناء على إرجاع المعلق إلى المشروط لعدم التفكيك بين ظرف فعلية التكليف وظرف المأمور به. فإنه بعد ما لا يكون التكليف بترك الوطء في الليلة المتأخرة فعليا من الليلة الحاضرة لخروجه عن القدوة فعلا، يحتاج في المنع عن جريان الأصول النافية إلى دعوى استقلال العقل في ظرف العلم بتحقق الغرض الملزم من المولى، بلزوم حفظ القدرة على تحصيله وقبح الاقدام على ما يوجب فواته المنتج في المقام لحكمه بترك الاقتحام في الطرف الفعلي مع حفظ القدرة على الطرف الآخر في زمانه.

وبذلك اتضح: حكم ما إذا كان للزمان دخل في كل من الملاك والخطاب كالحيض المردد بين كونه في أول الشهر أواخره.

فإنه وان لم يكن تأثير للعلم الاجمالي لعدم تعلقه بالتكليف الفعلي في شئ من آنات أزمنة الشهر.الا انه بعد استقلال العقل بقبح الاقدام على ما يوجب فوات مطلوب المولى لا بد من الاحتياط بترك الاقتحام في الطرف الفعلي مع حفظ القدرة على الطرف الآخر في زمانه، لرجوع العلم الاجمالي المزبور مع هذا الحكم العقلي إلى العلم بلزوم أحد الامرين عليه، ومعه لا يبقى المجال لجريان الأصول النافية للتكليف في الأطراف كي ينتهى الامر إلى جواز المخالفة القطعية.

ثم إن ذلك: على ما هو المشهور في الواجب المشروط من إناطة فعلية البعث والتكليف بوجود الشرط خارجا.

واما بناء على ما هو المختار فيه كما حققناه في محله من عدم إناطته الا بفرض وجود الشرط ولحاظه طريقا إلى الخارج من دون توقف لفعليته على وجوده في الخارج فالامر أوضح، نظرا إلى فعلية الايجاب والإرادة التي هي مضمون الخطاب في الفرض المزبور، غاية الأمر محركية مثل هذه الإرادة وفاعليتها انما تكون في ظرف وجود القيد في الخارج وتطبيق العبد إياه على المورد، ولكن مثل هذه المرحلة خارجة قطعا عما هو مفاد الانشاء في الخطابات التكليفية، لأنها انما تنتزع عن مرتبة تأثير الخطاب في تحريك العبد نحو الإطاعة التي هي متأخرة عن مرتبة الخطاب ومضمونه فلا يمكن أخذ مثل هذه الجهة في مضمون الخطاب في عالم جعل الاحكام ولتحقق الكلام في هذه الجهة مقام آخر،

والمقصود في المقام بيان انه على المختار في الخطابات التكليفية طرا من كفاية مجرد فرض وجود الموضوع بحدوده وقيوده في لحاظ المولى طريقا إلى الخارج في فعلية مرتبة من الإرادة الباعثة إلى التوصل إلى حفظ المراد من ناحية انشاء الخطاب و اقتضائها بحكم العقل بلزوم حفظ القدرة من ناحية غير شرط الوجوب، لا قصور في المقام في صدق العلم الاجمالي بالتكليف الفعلي و منجزيته عقلا، فإنه في ظرف العلم بحصول شرط الوجوب في موطنه بحكم العقل بمقتضى العلم الاجمالي بلزوم ترك الطرف الفعلي مع حفظ القدرة على الطرف الآخر في موطنه كما هو ظاهر. »[3]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo