< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/02/25

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ في الشك في المكلف به

وأما الرواية:

فهي رواية عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام): " أنه أتاه رجل فقال له (في التهذيب: أتاه رجل فقال): وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت، فما ترى في أكله ؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام) (في التهذيب: قال: فقال أبو جعفر): لا تأكله (في التهذيب: فقال له الرجل)، فقال الرجل: الفأرة أهون علي من أن أترك طعامي لأجلها، فقال له أبو جعفر (عليه السلام) (في التهذيب: قال): إنك لم تستخف بالفأرة وإنما استخففت بدينك، إن الله حرم الميتة من كل شئ ".[1]

وجه الدلالة: أنه (عليه السلام) جعل ترك الاجتناب عن الطعام استخفافا بتحريم الميتة، ولولا استلزامه لتحريم ملاقيه لم يكن أكل الطعام استخفافا بتحريم الميتة، فوجوب الاجتناب عن شئ يستلزم وجوب الاجتناب عن ملاقيه.

لكن الرواية ضعيفة سندا. مع أن الظاهر من الحرمة فيها النجاسة، لأن مجرد التحريم لا يدل على النجاسة فضلا عن تنجس الملاقي، وارتكاب التخصيص في الرواية بإخراج ما عدا النجاسات من المحرمات، كما ترى، فالملازمة بين نجاسة الشئ وتنجس ملاقيه، لا حرمة الشئ وحرمة ملاقيه. فإن قلت: وجوب الاجتناب عن ملاقي المشتبه وإن لم يكن من حيث ملاقاته له، إلا أنه يصير كملاقيه في العلم الإجمالي بنجاسته أو نجاسة المشتبه الآخر، فلا فرق بين المتلاقيين في كون كل منهما أحد طرفي الشبهة، فهو نظير ما إذا قسم أحد المشتبهين قسمين وجعل كل قسم في إناء.

قلت: ليس الأمر كذلك، لأن أصالة الطهارة والحل في الملاقي - بالكسر - سليم عن معارضة أصالة طهارة المشتبه الآخر، بخلاف أصالة الطهارة والحل في الملاقى - بالفتح - فإنها معارضة بها في المشتبه الآخر.

والسر في ذلك: أن الشك في الملاقي - بالكسر - ناش عن الشبهة المتقومة بالمشتبهين، فالأصل فيهما أصل في الشك السببي، والأصل فيه أصل في الشك المسببي، وقد تقرر في محله: أن الأصل في الشك السببي حاكم على الأصل في الشك المسببي - سواء كان مخالفا له، كما في أصالة طهارة الماء الحاكمة على أصالة نجاسة الثوب النجس المغسول به، أم موافقا له كما في أصالة طهارة الماء الحاكمة على أصالة إباحة الشرب -، فما دام الأصل الحاكم الموافق أو المخالف يكون جاريا لم يجر الأصل المحكوم، لأن الأول رافع شرعي للشك المسبب بمنزلة الدليل بالنسبة إليه، وإذا لم يجر الأصل الحاكم لمعارضته بمثله زال المانع من جريان الأصل في الشك المسبب ووجب الرجوع إليه، لأنه كالأصل بالنسبة إلى المتعارضين.

ألا ترى: أنه يجب الرجوع عند تعارض أصالة الطهارة والنجاسة - عند تتميم الماء النجس كرا بطاهر، وعند غسل المحل النجس بماءين مشتبهين بالنجس - إلى قاعدة الطهارة، ولا تجعل القاعدة كأحد المتعارضين ؟

نعم، ربما تجعل معاضدا لأحدهما الموافق لها بزعم كونهما في مرتبة واحدة. لكنه توهم فاسد، ولذا لم يقل أحد في مسألة الشبهة المحصورة بتقديم أصالة الطهارة في المشتبه الملاقى - بالفتح - لاعتضادها بأصالة طهارة الملاقي، بالكسر. فالتحقيق في تعارض الأصلين مع اتحاد مرتبتهما لاتحاد الشبهة الموجبة لهما: الرجوع إلى ما وراءهما من الأصول التي لو كان أحدهما سليما عن المعارض لم يرجع إليه، سواء كان هذا الأصل مجانسا لهما أو من غير جنسهما كقاعدة الطهارة في المثالين، فافهم واغتنم.

وتمام الكلام في تعارض الاستصحابين إن شاء الله تعالى.

نعم، لو حصل للأصل في هذا الملاقي - بالكسر - أصل آخر في مرتبته كما لو وجد معه ملاقي المشتبه الآخر، كانا من الشبهة المحصورة.

ولو كان ملاقاة شئ لأحد المشتبهين قبل العلم الإجمالي وفقد الملاقى - بالفتح - ثم حصل العلم الإجمالي بنجاسة المشتبه الباقي أو المفقود، قام ملاقيه مقامه في وجوب الاجتناب عنه وعن الباقي، لأن أصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - معارضة بأصالة الطهارة في المشتبه الآخر، لعدم جريان الأصل في المفقود حتى يعارضه، لما أشرنا إليه في الأمر الثالث: من عدم جريان الأصل في ما لا يبتلي به المكلف ولا أثر له بالنسبة إليه.

فمحصل ما ذكرنا: أن العبرة في حكم الملاقي بكون أصالة طهارته سليمة أو معارضة.

ولو كان العلم الإجمالي قبل فقد الملاقى والملاقاة ففقد، فالظاهر طهارة الملاقي ووجوب الاجتناب عن صاحب الملاقى، ولا يخفى وجهه، فتأمل جيدا.»[2]

وأفاد سيدنا الاستاذ (قدس سره): ان البحث في هذا التنبيه جهتان، الجهة الفقهية، والجهة الأصولية، والبحث من الجهة الاولي انما يكون في كيفية تنجس ملاقي النجس وأنه هل يكون بنحو يكفي في تنجيزه العلم الاجمالي الذي يدور طرفه بين الملاقي وطرفه الآخر، او انه بنحو لا يتنجز الا بمنجز آخر غير العلم الاجمالي. وأما البحث في الجهة الثانية انما يكون في ان الملاقي هل يكون طرفاً لعلم اجمالي منجز آخر ليجب الاجتناب عنه، او انه ليس كذلك، فلا يجب الاجتناب عنه كسائر ما شك في طهارته ونجاسته بالشبهة البدوية.

وأفاد في الجهة الاولي: فتحقيق الكلام فيها : أنه لا إشكال في نجاسة ملاقي النجس . إنما الكلام في كيفية تنجسه فيه . وهي ثبوتا تحتمل وجوها أربعة :

الأول : أن يكون من جهة سراية النجاسة إلى الملاقي حقيقة وواقعا ، وانبساطها بنحو تشمله ، فلا يكون الحكم باجتناب الملاقي حكما جديدا ، بل هو عين الحكم الأول ، وإنما اتسعت دائرة متعلقه ، ونظيره في التكوينيات انحلال الجوهر النجس بالماء ، فيتلون جميع الماء بلون الجوهر بالسراية الحقيقية ، ويكون الحكم باجتناب الجوهر مستلزما لاجتناب جميع الماء لاتساع دائرة الجوهر ، بعد أن كانت ضيقة عند انكماشه وجموده .

الثاني: أن يكون من جهة ان الاجتناب عن ملاقي النجس من شؤون وتبعات الاجتناب عن النجس ، بحيث لا يتحقق الاجتناب عن النجس إذا لم يجتنب عن ملاقيه ، كاكرام خادم العالم أو ابنه الذي يعد اكراما للعالم نفسه عرفا .

 


[1] هذا مارواه الشيخ باسناده عن محمد بن احمد بن يحيي عن محمد بن عيسي اليقطيني عن النضر بن سويدعن عمرو بن شمر عن جابر عن ابي جعفر (عليه السلام). واسناد الشيخ فيها الي محمد بن احمد بن یحیی صحيح في المشيخة والفهرست. ومحمد بن يحيي ثقة في الحديث حسب ما افاده النجاشي و العلامه ومن الطبقة السابعة. وهو رواه عن محمد بن عيسي بن عبيد اليقطيني، قال النجاشي فيه: «ثقة عين» وكذا العلامه. وهو من الطبقة السادسة.وهو رواه عن النضر بن سويد الصيرفي، وثقه النجاشي، والشيخ في الرجال وكذا العلامه وهو من الطبقة السادسة ايضاً. وهو رواه عن عمرو بن شمر: لا تنصيص علي وثاقته، ‌ وافاد النجاشي (قدس سره) «ضعيف جداً. زيد احاديث في كتب جابر الجعفى ينسب بعضها اليه، و الامر ملتبس.» وافاد العلامه بعد نقله: «لا اعتمد علي شئٍ مما يرويه». لكنه من رجال ابن قولويه في كامل الزيارات، وكذا من رجال علي بن ابراهيم القمي في تفسيره. فيشمله التوثيق العام منهما. وروي عنه جماعة من اعلام الحديث مثل يونس بن عبدالرحمن. وهو من الطبقة الخامسة. وهو رواه عن جابر بن يزيد الجعفي، وثقه ابن الغضائري. وروي ابن عقده و العقيقي عن الصادق (عليه السلام): انه كان يصدق علينا. علي ما نقله العلامه في الخلاصه، ‌ وروي الكشي توثيقة بسند صحيح وباسانيد متعدده. جلالة قدره وهو من الطبقة الرابعة. واشكال في سندها راجع الي عمرو بن شمر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo