< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:البرائة في الشبهات التحريمية

ثم ان المحقق النائيني في الدورة الأولى – على ما في فوائد الاصول - قرر الكلام بقوله: « أن المراد من الضرر في حكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل، إما أن يكون هو الضرر الدنيوي من نقص في الأنفس والأطراف والأعراض.

وإما أن يكون هو الضرر الأخروي من العذاب والعقاب. وإما أن يكون هو المصالح والمفاسد التي تبتنى عليها الأحكام من القرب والبعد ونحو ذلك مما لا يرجع إلى الضرر الدنيوي ولا إلى العقاب الأخروي، فإنه يمكن أن تكون مناطات الأحكام أمورا اخر غير المضار الدنيوية والعقاب الأخروي. وحكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل في هذه الوجوه الثلاثة ليس بمناط واحد، بل حكمه بوجوب دفع الضرر الدنيوي بالنسبة إلى خصوص الأنفس والأطراف أو الأعراض أيضا يمكن أن يكون لأجل ما في الضرر الواقعي من المفسدة التي أدركها العقل فاستقل بقبح الإقدام عليه، ويتبعه حكم الشرع بحرمته لقاعدة الملازمة. فان الحكم العقلي في ذلك واقع في سلسلة علل الأحكام، وكلما كان الحكم العقلي واقعا في هذه السلسلة يكون مورد القاعدة الملازمة فيستتبعه الحكم الشرعي.فعلى هذا يكون حكمه بقبح الإقدام على ما يحتمل فيه الضرر أو يظن طريقا محضا للتحرز عن الوقوع في الضرر الواقعي، فلا يترتب على موافقته ومخالفته غير ما يترتب على نفس الواقع عند موافقة الظن أو الاحتمال للواقع أو مخالفته. ويمكن أن يكون تمام موضوع حكم العقل هو الإقدام على ما لا يأمن معه من الوقوع في الضرر الواقعي، من غير فرق بين صورة القطع بالضرر أو الظن أو الاحتمال، نظير حكمه بقبح التشريع، على ما تقدم بيان ذلك.

وعلى كل تقدير: سواء كان حكم العقل في باب الضرر الدنيوي بهذا الوجه أو بذلك الوجه يستتبع الحكم الشرعي المولوي على وفقه هذا كله إن كان المراد من الضرر في حكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل هو الضرر الدنيوي.

وإن كان المراد منه الضرر الأخروي، فحكمه بلزوم دفع المقطوع والمظنون والمحتمل بل الموهوم إنما يكون إرشادا محضا ليس فيه شائبة المولوية، ولا يمكن أن يستتبع حكما شرعيا، لأن حكم العقل في ذلك إنما يكون واقعا في سلسلة معلولات الأحكام فلا يكون موردا لقاعدة الملازمة - كما أوضحناه في محله - ولكن ذلك فرع احتمال العقاب، ومع عدم وصول التكليف بوجه لا تفصيلا ولا إجمالا يحتمل العقاب، لقبح العقاب بلا بيان...»[1]

وقال المحقق العراقي (قدس سره) بعد بيان ما قرره من الاشكال على فرض كون المراد من الضرر العقوبة: « واما لو أريد به المصالح والمفاسد التي تكون مناطات الاحكام فعليه وان كان احتمال التكليف مستتبعا لاحتمال المفسدة في مخالفته بناء على ما هو التحقيق من تبعية الاحكام لملاكات في متعلقاتها ولا يرتفع الاحتمال بقاعدة قبح العقاب بلا بيان. ولكنه تمنع كون مجرد فوات المصلحة أو الوقوع في المفسدة ضررا يحكم العقل بوجوب دفعه، فان الضرر عند العقلاء عبارة عن النقصان الوارد على النفس والبدن والمال، ومطلق المفسدة لا يكون نقصانا في العمر أو البدن والمال. وعلى فرض تسليم حكم العقل بوجوب التحرز عن مثله يمنع كونه حكما مولويا يستتبع القبح واللوم، بل هو ارشاد محض للتخلص عن الوقوع في المفسدة المحتملة نظير أوامر الطبيب ونواهيه. ومع تسليم مولويته نفسيا أو طريقيا يمنع استتباعه للحكم الشرعي في صورة القطع بالمفسدة فضلا عن فرض احتمالها، فان ذلك مبني على تمامية الملازمة بين حكم العقل بالحسن والقبح وحكم الشرع بالوجوب والحرمة وهو في محل المنع لعدم كون مجرد تحقق المناط في الشئ علة تامة للتكليف به شرعا لاحتياجه إلى أمور اخر من فقد الموانع والمزاحمات الواقعية التي لا سبيل للعقل إلى دركها. ومع الغض عن ذلك نقول انه يتم ذا إذا لم تكن المفسدة متداركة، والا فلا حكم للعقل في مطلق الضرر والمفسدة، كيف ولازمه هو عدم جريان البراءة في الشبهات الموضوعية أيضا لتحقق المناط المزبور فيها وهو كما ترى لا يلتزم به القائل المزبور، فلابد فيها من الالتزام، اما بعدم وجوب دفع المفسدة المحتملة، أو الالتزام بتخصيص الوجوب الضرر بالضرر غير المتدارك فبكلما يوجه ذلك يقال بمثله في الشبهات الحكمية أيضا.

حيث أمكن فيها دعوى الجزم بتدارك المفسدة على تقدير تحققها بمقتضى الأدلة المرخصة، إذ يستكشف من اطلاقها جبران المفسدة المحتملة وتداركها على تقدير تحققها واقعا، وبذلك لا يبقى موضوع للقاعدة المزبورة ».[2]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo