< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/11/29

بسم الله الرحمن الرحیم

أمّا المعنى اللغوى: فقد فسّر اللغويّون العدالة في اللُّغة بأنْ يكون الإنسان متعادل الأحوال متساوياً، كما في «المبسوط» و«السرائر» اليهم، والاستواء والاستقامة كما في «المدارک» و«مصباح الفقيه» و«الجواهر»، والمراد بها في إطلاقات الشارع وعُرف المتشرّعة هي الاستقامة على جادة الشرع، فرجلٌ عَدل أي مستقيمٌ على الجادّة، غير خارج عنها بارتكاب المعاصي، وإنَّما يطلق ذلک لِمَن كانت هذه الصفة خُلقاً له ناشئاً من تديّنه،

 

ولذلک اشتهر بين المُتأَخِّرين أنّها كيفيّة نفسانيّة باعثة على ملازمة التقوى، أو غيرها مع المروّة، وإن اختلفوا في التعبير عنها بأنّها الكيفيّة أو الحالة أو المَلَكَة أو غير ذلک.

أقول: ولا يبعد أن يكون الأَوْلى في تعريفها أن يقال: إنَّ العدالة عبارة عن كون الرجل يلاحظ ما يمليه عليه دينه، بحيث يبعثه تديّنه بحسب العادة على فعل الواجبات وترک المحرّمات، وإنّما ذُكرت العادة لأجل إخراج ما لو صدرَ عنه المخالفة أحياناً على خلاف ما تقتضيه عادته وديانته، فأنَّ الجواد قد يكبوا، والصارم قد ينبوا؛ حيث لا ينافي صدور ذلک عنه أحياناً مع العدالة الموجودة فيه عرفاً وشرعاً؛ فإنّها زلّة ولا تخلّ بعدالته لوضوح أنّه لو أُريد من العدالة المعلّقة عليها الأحكام في باب الشهادات والمرافعات، على مَن كان في أعلى مرتبة مِن مراتب العدالة، لزم منه تعطيل الأحكام لندرة وجوده بين الأنام.

ومن الواضح أَنَّ من لوازم حصول هذه المرتبة، هو التقوى والخوف والاعتناء بأوامر الدِّين ونواهيه، بل ربّما يحتمل اعتبار مادون ذلک؛ كعروض الندامة له لو صدر منه ذنبٌ بعد انقضاء مدّته، وانقطاع شهوته، على تقدير الالتفات إليه، لا سيّما لو تاب عنه بالاستغفار، وذلک ليس إِلاَّ لأجل كونه على مرتبة من الاعتناء بالدِّين، الَّذي يبعثه على ملازمة التقوى والصلاح عادةً، والى ذلک أراد مَن فسّر العدالة بمَلَكَة التقوى، إذ لم يقصد بالملكة ما يمتنع معها الانفكاک، كما لا يخفى.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo