< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/11/13

بسم الله الرحمن الرحیم

ومنها: خبر محمّد بن مسلم، قال: «قلت لأبي جعفر(ع): نكون في المسجد، فتكون الصفوف مختلفة، فيه ناس، فأقبِل إليهم مشياً حتّى نتمّه؟ فقال: نعم، لا بأس به، إنّ رسول اللّه (ص) قال: يا أيّها الناس إنّي أراكم من خلفي، كما أراكم من بين يدي، لتتمّنَّ صفوفكم، أو ليخالفن اللّه بين قلوبكم»[1] .

ومنها: خبر هارون بن حمزة، حيث جاء فيه إنّ رسول اللّه (ص) حكم بإقامة الصفوف، من غير ذِكر المشي إلى تتميم الصفوف[2] .

ولذلک نصّ بعض الأصحاب على استحباب جميع ما ذكر هنا، زيادة على ما ذكره المصنّف، بل وعلى استحباب أن ينادى الإمام بذلک تأسِّياً بالنبيّ (ص).

وظاهر هذه النصوص عدم الفرق في ذلک بين مشيه إلى الخلف أو إلى الإمام، ولكن المذكور في رواية محمّد بن مسلم مخالفٌ لذلک، قال :

«قلت له: الرجل يتأخّر وهو في الصلاة؟ قال: لا، قلت: فيتقدّم؟ قال: نعم ماشياً إلى القبلة»[3] .

 

فمقتضى الجمع هو الحكم بتقديم سدّ الفرج بالإمام أوّلاً، وهو طرف القبلة، ثمّ بالتأخُّر قضيّة لمقتضى ظاهر النصّين من تجويز كلا الأمرين، كما لا يخفى.

الفرع الثاني: الظاهر من الأدلّة جريان جميع ما مرّ من الأحكام على جماعة الرجال للنساء أيضاً، بناءً على قاعدة أصالة الاشتراک، وكون جميع الأحكام متعلّقة بالإنسان المسلم، سواء كان رجلاً أو امرأة، إِلاَّ ما خرج بالدليل من تحديد الحكم بخصوص الرجل أو المرأة. ومن جملة موارد الاستثناء عدم كراهة وقوف المرأة لوحدها في الصف مع جماعة الرجال، إذا لم يكنّ هناک صفٌ للنساء، كما صرّح به الشهيد في «الذكرى» و«المدارک» وصاحب «الجواهر»، بل يكون مستحبّاً كما تقدّمت الإشارة به لأنّها معذورة، واللّه العالم.

قوله 1: ويكره أن يصلِّي المأموم نافلةً إذا أُقيمت الصّلاة (1).في كراهة صلاة النافلة عند إقامة الصلاة

(1) يكره للمأموم الإتيان بالنافلة عند إقامة الصلاة مطلقاً، أي سواء كانت النافلة من الرواتب أو غيرها، وهذا الحكم مضافاً إلى كونه هو المشهور بين الأصحاب كما في «الذخيرة»، حيث علّله بأنّه تشاغلٌ بالمرجوح في قبال الراجح، فقد نصّ عليه خبر عمر بن يزيد، قال «أنـّه سُئل أبو عبداللّه(ع) عن الرواية التي يَرُوون أنـّه لا يتطوّع في وقت فريضةٍ، ما حَدّ هذا الوقت؟ قال(ع): إذا أخذ المُقيم في الإقامة. فقال: إنّ النّاس يختلفون في الإقامة؟ فقال المُقيم الذي يُصلّي معه»[4] .

 

ثمّ إنّ ظاهر جملة: (لا ينبغي) هو الكراهة لا الحرمة، كما هو المشهور، بل هو المجمع عليه بين المُتأَخِّرين، كما أَنَّ ظاهر العبارة كراهة الشروع في الإقامة، بخلاف ما لو كان قد شرع بها قبل الإقامة، فحينئذٍ لا كراهة فيها، حتّى ولو علم حصول الإقامة في الأثناء ما لم يخف الفوات، لكن أمر صاحب «الجواهر» بالتأمّل فيه، ولعلّه أراد أنّ الحكم كذلک حتّى ولو خاف الفوت أيضاً؛ لظهور الدليل فيه.

الدليل على الجواز: الأول هو الأصل مع الشکّ في الجواز، ما لم يثبت المنع، والثاني إطلاق الأدلّة :

وعليه، فما في «الوسيلة» و«النهاية» من المنع عن التنفّل إذا أُقيمت الصلاة، ضعيفٌ لا دليل عليه، ولعلّهم توهّموا كون ذلک ممنوعاً لأجل أدلّة ممنوعيّة التطوّع في وقت الفريضة، فإنّه مع ما فيه أَنَّ البحث هنا من حيثُ إقامة صلاة الجماعة، وإن كان وقت النافلة باقياً، ولذا قال صاحب «الذكرى»: (قد يُحمل كلامهما على ما لو كانت الجماعة واجبة، وكان ذلک يؤدّي إلى فواتها)، وعليه فتخرج المسألة عن الخلافيّات.

 


[1] الوسائل، الباب44 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 1.
[2] الوسائل، الباب42 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 2.
[3] الجُدر هو جمع الجدار، ولعلّه كناية عن تشبيه المخالف بمنزلة الجدار الَّذي في مقابلالإنسان حيث يمنع الّذى خلفه عن اللحوق بالجماعة.
[4] الوسائل، الباب10 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo