< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/10/30

بسم الله الرحمن الرحیم

وثالثاً: بما عن المحقّق الهمداني من التأييد بصدور الخبر تقيّة، قال ما نصّه :

(وربّما تشابه هذه الفقرة، كما هو الشأن في جُلّ الأخبار الصادرة تقيّةً، فإنّه كما يحتمل أن يكون المراد بمعاندة الصفّ، خروجه عنه، وانفراده بصفٍّ آخر، كذلک يحتمل أن يكون المراد بها مضايقة أهله، بالدخول فيهم غصباً، كما لعلّه هو المنساق ممّا أرسله في «الدعائم»، عن عليّ(ع) في ذيله كلامه المتقدّم، الَّذي هو بحسب الظاهر ليس إِلاَّ نقلاً لما في ذيل خبر السكوني بالمعنى، فكأنّ صاحب «الدعائم» لم يكن يره من تتمّة هذا الخبر)، انتهى محلّ الحاجة[1] .

 

ورابعاً: لو أخذ بظاهر النّهي وهو الحرمة في خبر السكوني، لزم منه معارضة مع روايات صحيحة تدلّ على الجواز :

منها: صحيحة أبي الصباح، قال: «سألت أبا عبداللّه(ع) عن الرجل يقوم في الصفّ وحده؟ فقال: لا بأس، إنّما يبدأ واحد بعد واحد»[2] .

 

ومنها: خبر موسى بن بكير، أنّه سأل أبا الحسن موسى بن جعفر 8: «عن الرجل يقوم في الصفّ وحده؟ قال: لا بأس، إنّما يبدأ الصفّ واحد بعد واحد»[3] .

ومنها : خبر صحيح الأعرج، المرويّة في «التهذيب»، قال: «سألت أبا عبداللّه(ع) عن الرجل يدخل المسجد ليصلِّي مع الإمام، فيجد الصفّ متضايقاً بأهله، فيقوم وحده حتّى يفرغ الإمام من الصلاة، أيجوز ذلک له؟ قال: نعم لا بأس به» .

 

فلابدَّ عند الجمع بين الطائفتين من حمل النّهي على الكراهة، وذلک لدعوى قيام الإجماع عن صريح «المنتهى» و«التذكرة»، وظاهر «المدارک» أو صريحها، و«الغنية» على الصحّة، مضافاً إلى إمكان إنكار أنّ يكون خصوص هذا اللفظ من سياق الخبر، بقرينة حذف لفظة (فسدت) عن الخبر المرويّ في «دعائم الإسلام»، فلا تطمئنّ النفس بوجود هذه الجملة في الرواية، حتّى يلاحظ مقتضى الجمع بين خبر السكوني، وبين تلک الأخبار المجوّزة، وبالتالي فلا محيص من الحمل على الكراهة، فتكون النتيجة كراهة قيام المصلّى في الصفّ لوحده، إذا كان قادراً على الانضمام الى سائر الصفوف، من غير ضيقٍ، وهو المساعد مع لسان الأخبار.في بيان إثبات الكراهة للوقوف في الصف وحده

الجهة الثانية: الفحص عن مدلول مقطعٍ من الخبر المرويّ عن السكوني، وقد جاء فيه قوله(ع): (إن لم يمكن الدخول في الصف، قام حِذاء الإمام أجزأه)؛ ما المراد من حِذاء الإمام؟ فيه احتمالات :

الاحتمال الأوّل : أن يقوم المأموم في ناحية يمين الإمام بجناحه، بحيث يكون المأموم في هذه الحالة قدّام الصفوف، وواقفاً بجنب الإمام، ومساوياً معه.

الاحتمال الثاني: المراد أنّ عليه أن يتأخّر عن الإمام بيسير، حتّى يصدق عليه أنّه متأخِّرٌ عن الإمام في الجملة، على الاختلاف في القولين، كما هو المستفاد من ظاهر كلمات الأعلام.

الاحتمال الثالث: المراد منه هو الَّذي فهمه صاحب «الحدائق» ونسبه إلى فهم الأصحاب، بأن يكون قيامه وحده في الصف الأخير، لكن يكون موقفه محاذياً لموقف الإمام من خلفه :

بناءً على لزوم مطابقة السؤال للجواب.

ولما جاء في كتاب «فقه الرضا»: (فإن دخلت المسجد ووجدت الصف الأوّل تامّاً، فلا بأس أن تقوم في الصف الثاني وحدک، حيثُ شئت، وأفضل ذلک قُرب الإمام) . فإنَّ المراد قيامه مساوقته في الموقف.

 

ولتصريح الأصحاب، أنّه لا كراهة في الوقوف وحده مع تضايق الصف.

ولكن ردّ عليه صاحب «الجواهر»، وجوابه لا يخلو عن جَوْدَ حيث يقول :

(وإن كان قد يناقش، بأنَّ الظاهر إرادة وقوفه جناحاً للإمام، وأنّه أَولى من وقوفه وحده في الصف، وإن كان لا كراهة فيه مع التضايق).

بل نحن نزيد عليه: بأنَّ تمسّک صاحب «الحدائق» بمقطع ممّا جاء في «فقه الرضا»، وهو قوله: (فلا بأس أنْ تقوم في الصّف الثاني وحدک، حيثُ شئت، وأفضل ذلک قرب الامام) حيث اعتبر المقطع الأخير (وأفضل ذلک...) مرتبطه بما قبله وليست جملة مستقلة.

ضعيف، إذ الحال أنّه ليس كذلک، لإمكان أن تكون جملة (وأفضل ذلک قرب الإمام)؛ إشارة إلى ما ذهب إليه المشهور، ومن أفضلية أن يقوم على جناح الإمام، فيصير هذا الخبر مؤيّداً لتقدّم جناح الإمام في الموقف على الوقوف في الصف الثاني خلف الإمام وحده.

بل لا يبعد استفادة كراهة قيامه في الصف وحده، ولو عند امتلاء الصفوف، إذا أمكنه أن يكون جناحاً للإمام، فإنّه حينئذٍ يكون كقيامه في الصفوف، لعموم النّهي الوارد عن ذلک في رواية السكوني، الشامل لصورة امتلاء الصفوف أيضاً، إذا هو قادرٌ الوقوف على يمين الإمام وفي جناحه، كما لا يخفى.

هذا تمام الكلام في رواية السكوني.

 


[1] الوسائل، الباب57 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1.
[2] المستدرک، الباب45 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4.
[3] و (2) الوسائل، الباب(ع)0 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 2 و 3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo