< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

98/10/17

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع : هل الواجب الاستيجار عن الميت من الميقات أو البلد

 

ويمكن أنْ يقال:

ان البحث في المقام يلزم أن يكون في مقامين:

الأول: في قضاء الحج

فانه لو استقر الحج على ذمة المكلف ومات أو عجز عن الإتيان به في حياته فانه يلزم القضاء عنه سواء أوصى به أو لم يوص، ويوخذ مونة قضائه من أصل ماله اذا لم يوص باخراجها من الثلث وكفاية الثالث به.

وأما ما يلزم قضائه فانه في المقام نفس الواجب الذي استقر على ذمته وهو الواجب الارتباطي الذي يبدأ من الاحرام من الميقات الى آخر مناسكه:

وغير ذلك مما كان له دخل فيه كمقدماته الوجودية مثل طي المسير الى المقات أو ما يترتب عليه كالتمكن من الأياب أو الرجوع الى الكفاية فغير دخيل في نفس الحج أي الواجب الذي يستقر على ذمة المكلف، بل إنَّ هذه الأُمور دخيلة في التمكن من الإتيان بالحج وتحقق الاستطاعة فتدخل في القدرة على الواجب والتمكن منه وهو خارج عن ماهية ‌الواجب.

والبحث في مقام القضاء في المقام انما هو في قضاء الواجب. ولو فرض لمكان الاتيان به من غير توقف على هذه الجهات فمقتضى القاعدة كفايته وسقوط عهدة المكلف عنه، كما هو الحال في حياته، فاذا ذهب الى الميقات لشغل، واحرز هناك تمكنه من الاتيان بالحج لكفى، وكذا لو برأ من المرض في الميقات أو بلغ غير المكلف أو أفاق المجنون.

ومثل التمكن من الذهاب الى الميقات ويتبعه التمكن من الأياب لازم قهري للحج في مقام تعلق الوجوب، ولو لا التمكن عنهما و غيرهما من سلامة الجسم وأمن الطريق وأمثاله لم يتعلق الوجوب بذمته.

وفي مقام القضاء حيث ان الاتيان بالعمل يكون من ناحية الغير ولا يمكن ذلك غالباً الا بدفع الاجرة، فلا محالة تشمل هذه الأُجرة مؤونة الذهاب والأياب في غالب الموارد مما يكون الاستئجار في بلد الميت أو ما يقربه ولا ينافي ذلك امكان الاستئجار من بلد أقرب أو من الميقات لكفاية الجميع في التمكن من الإتيان بمناسك الحج.

وعليه فانه لا بحث في مقام قضاء الحج بعنوان في لزوم كونه من البلد أو من الميقات لعدم تفاوتهما في الإتيان بالمناسك الذي هو الأساس في سقوط الذمة المشغولة به، وعليه فمقتضى القاعدة في مقام القضاء في المقام بعنوانه كفاية ‌الحج الميقاتي.

وأمَّا ما مرَّ في كلام السيد الأُستاذ من أنَّ الظاهر من أدلة وجوب الحج في مواردها المختلفة سواء في ذلك الآية والنصوص: إنَّ الواجب هو الذهاب الى مكة والسفر اليها كما هو ظاهر لفظ الحج الذي هو بمعنى القصد، وأما الأعمال المخصوصة فهي واجبة في هذا الذهاب، فالحج اسم للذهاب المقيد الى مكة المقيد بالاعمال الخاصة.

فانه لا يمكن المساعدة ‌عليه.

وذلك، لأنَّ الحج بما انه الاتيان بمناسك خاصة في أمكنة خاصة، فانه يلزم لا محالة الحضور في الامكنة المذكورة مقدمة للاتيان بها بالنسبة الى غالب المكلفين غير الحاضرين فيها.

ومدلول الآية ‌بقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت...} حيث قرر على عهدة المكلفين الحج وهو مثل أي واجب آخر مشروط بالقدرة، وبما أنَّ التمكن من الإتيان به لا يمكن الا بالحضور فيجب الحضور مقدمة للواجب.

والمشي الى الميقات ليس له شأن الا كونه وسيلة للحضور الواجب ولولاه لما تمكن من الحضور الواجب في أمكنة الحج.

ومثل الآية الأخبار الواردة في وجوب الحج على المستطيع مرة واحدة في عمره، ولا يستفاد منها تركيب الحج من المسير الى الميقات والمناسك أو أنَّ الواجب هو طي المسير وان المناسك واجب فيه.

وكون معنى الحج القصد أعم من قصد الاتيان بالمناسك أو قصد طي المسير. بل يصدق العنوان اذا قصد الحج من الميقات مع تحقق طي المسير اتفاقاً بان يأتي به لفرض آخر ولم يقصد الحج الا من الميقات.

هذا مع أنَّ الواجب على المكلف المسمى وان الاسم والعنوان لا شأن له أكثر من الحكاية عن المسمى.

وأما ما أفاده (قدس سره) في الوجه الثاني من مستنده لكون الحج من البلد قوله: فلان من يتبع الأخبار يراها متظافرة في أداء هذا المعنى ودالة بنحو قطعي على أنَّ القضاء من البلد.

فذكر من جملها محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كان علي ( عليه السلام ) يقول : لو أن رجلا أراد الحج فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطيع الخروج فليجهز رجلا من ماله ثم ليبعثه مكانه. [1]

وافاد بانها صريحة في النيابة من البلد لصراحة البعث في ذلك، وهذا يكون قرينة على ان المراد بالتجهيز هو التهيئة من البلد .

ويمكن التأمل فيه:

بانه وان كان رواية عبدالله بن ميمون القداح عن أبي جعفر بقوله:

ان علياً قال رجل كبر لم يحج قسط. ان شئت ان تجهز رجلاً ثم أبعثه يحج عنك. اصرح من حيث المدلول على مدعاه الا انه ضعيف سنداً بجعفر بن محمد الاشعري على ما مرَّ .

الا انه يمكن المناقشة في أصل المدعى بان مدلول هذا الامر الأمر بتجهيز الغير وبعثه الى الحج اذا لم يتمكن نفسه من الاتيان بما استقر على ذمته ولا شبهة في أنه أمر بتجهيز الرجل بمعنى تهيئة الزاد و الراحلة له الاتيان ما هو الواجب عليه، فان واجب الحج للبعيد يحتاج الى الزاد والراحلة، وفي فرض عدم تمكنه من الاتيان به يلزم بعث رجل آخر وبما أنَّ بعثه يتوقف على مقدمة وهو التجهيز فهذا أمر الامام بالمقدمة ولكنه ليس امراً نفسياً بان يكون نفس التجهيز والبعث واجباً مستقلاً، بل هو أمر مقدمي كالامر بطي المسير لنفسه في فرض التمكن.

وعليه فانه لا يزيد على ان الواجب عليه استئجار الغير وهو غالباً لا يمكن الا بمقدمات كالتجهيز للبعيد، ولكنه لو فرض ان رجلاً امكنه الاتيان بحجة من الميقات فان معنى تجهيز، تهيئة المقدمات والأجر، والزاد له لان يحج عنه من الميقات. فالتجهيز هو ايجاد التهيأ في الشخص وهو لازم في جميع موارد نيابة الغير في أي واجب ولو في مثل الصلاة والصوم:

وأما ما استدل به من الطائفة الثانية الواردة ‌بلسان: انه سئل عن رجل أوصى بماله في الحج فكان لا يبلغ فأي حج به من بلادة قال: فيعطي في الموضع الذي يحج به عنه. في موثقة عبدالله بن بكير عن أبي عبدالله (ع) .

حيث أفاد (قدس سره) بانه لو لم يكن الحج من البلد لازماً لبين الامام للسائل ذلك، ورفع ما هو مرتكز في ذهنه، فعدم ذلك تقرير منه للسائل.

ويمكن النظر فيه:

بان مورد الرواية الوصية، ومن المحتمل كونه أوصى بحجه من بلده أو كان ظاهر وصية الحج عنه من البلد فاذا لم يكن ما تركه أو تعينه في وصية ‌فاجابه الامام (ع) بكفاية ذلك من الميقات ومع التسلم:

فان المتعارف في استنابة البعيد الاستئجار من بلده، ولكن الاستئجار من البلد وتعارفه وعدم امكان غيره للغالب من الناس أمر وكون الواجب هو المناسك مع ضم طي المسير الى المقات أمر آخر.

وتمام هم السائل في مقام السؤال كفاية الحج الميقاتي عن البلدي.

عند عدم كفاية ما ترك، وجواب الامام (ع) ناظر الى عدم سقوط واجب الحج لعدم كفاية ما ترك للاتيان به من البلد. وكان الامام (ع) أفاد بانه لو أمكن استئجار رجل في الميقات بهذه التركة لزمه ذلك.

فيكون هذا الجواب في مقام دفع توهم سقوط الواجب بعدم امكان استئجار الغير من البلد، وقد مرَّ ان الغالب والمتعارف عند الناس الإستئجار من كان عندهم اهلاً للاتيان بالحج وواقفاً بالمسائل ومورداً لاعتمادهم ويشكل وجدانه في الميقات او لا يتمكن الاكثر منه.

هذا.

ولكنه هو أقوى الوجوه التي استدل بها في المقام. وسيأتي زيادة كلام فيه في باب القضاء بمقضى الوصية.

ومثله في القوة الطائفة الثالثة

نظير رواية «محمد بن عبدالله قال: سألت أبا الحسن ألرضا (ع) عن الرجل يموت فيوصي بالحج من أين يحج عنه؟

قال: علي قدر سعة ماله، ان وسعه ماله فمن منزله وان لم يسعه ماله فمن الكوفة، فان لم يسعه من الكوفة فمن المدينة».[2]

وسيأتي في المقام الثاني أنَّ مورد هذه الأخبار الوصية ولها اقتضاء خاص في المقام. وهو لا ينافي مقتضى القاعدة من كفاية الحج الميقاتي في مقام قضاء الحج.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo