< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/10/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الأمر الثاني : قد يقال بأنّه يحتمل أنْ يكون المراد من الأخبار الواردة بالإعادة، إنّما تجب إعادة الصلاة بسبب المشاركة في صلاة المخالفين الذين لا يتطابق صلاتهم مع شروطنا في الصحة، فضلاً عن أنّها كانت لأجل التقيّة معهم، وربّما يؤيّد ذلک لسان بعض الأخبار الواردة مثل خبر زرارة حيث جاء فيها قوله(ع) :

«لا ينبغي للرجل أن يدخل معهم في صلاتهم، وهو لا ينويها صلاة، بل ينبغي له أن ينويها، وإنْ كان قد صلّى، فإنَّ له صلاة أُخرى»[1] .

فإنَّ صدر الخبر لا يبعد أن تكون إشارة إلى جماعة المخالفين، المتعارف وجودهم في تلک الأعصار في المدينة ومكّة.

وأيضاً هناک رواية أخرى تفيد هذا المعنى، وهي الرواية التى رواها ابن بزيع، عن أبي الحسن(ع)، قال :

«إنّي أحضر المساجد مع جيراني وغيرهم، فيأمرونني بالصلاة بهم، وقد صلّيت قبل أن آتيهم، وربّما صلّى خلفي من يقتدي بصلاتي والمستضعف والجاهل الحديث»[2] .

وكذلک خبر أبي بصير، عن الصادق(ع)، قال: «قلتُ له: أُصلِّي ثمّ أدخل المسجد، فتُقام الصلاة، وقد صلّيت؟ فقال: صلِّ معهم، يختار اللّه أحبّهما إليه»[3] .

لا سيّما مع ملاحظة أنّ الحكم بالاعادة في بعض الاخبار لأجل الإمامة بهم، كما جاء في خبر ابن بزيع منها، وفي ذيل خبر زرارة، فبذلک تسقط الأخبار التى يكون الاستدلال فيها لأجل درک الجماعة، كما هو المقصود من ذكر هذه الأخبار.

فأجاب عن ذلک صاحب «الجواهر»، بقوله : (إنّه ضعيف جِدّاً، مخالفٌ لصريح بعضها، وظاهر آخر، والإجماع المحكي على لسان من عرفت إنْ لم يكن المحصّل، وذِكْر ذلک في بعض النصوص، لا يصلح شاهداً لتنزيل غيرها عليه، كما هو واضح)[4] .

 

أقول: ولقد أجاد في الجواب، مضافاً إلى إمكان أخذ هذه الأخبار أيضاً تأييداً على القول باستحباب الإعادة مع الجماعة، لا سيّما مع ملاحظة مع ما جاء في خبر أبي بصير من التعليل بأنَّ (اللّه يختار أحبّهما).

بتقريب أن يقال: إنّ الإعادة عند الصلاة في الجماعة مع المخالفين إن كان محبوباً، ففي جماعة موالينا يكون بطريق أَولى، كما أشار إلى ذلک صاحب «مصباح الفقيه» بقوله :

(فيشكل الاستشهاد بها للمدّعى، وهو استحباب الإعادة لمحض إدراک الجماعة، إِلاَّ أنّ إيرادها لا يخلو عن تأييد، مع ما فيها من الدلالة على مشروعيّة الجماعة في موردها، الَّذي هو أيضاً من جزئيّات المقام صورةً). انتهى محلّ الحاجة[5] .

 

الأمر الثالث: لا إشكال في استحباب اعادة المصلّى لصلاته التى صلّاها فرادى، إدراكاً لثواب الجماعة، وهو القدر المتيقّن في الحكم باستحباب الإعادة، إنّما الكلام والمناقشة بالنسبة إلى إعادة الجماعة بعين صلاة الجماعة التي أتى بها جماعةً، بأن يكرّر صلاته جماعةً مرّةً أخرى من دون تغيير في أفرادها ولا نوع صلاتها، فهل يجوز ذلک أم لا؟ فيه وجهان بل قولان :

قولٌ: بالمنع، وهو الظاهر من المتن، و«الوسيلة» و«التحرير» و«الإرشاد» و«القواعد»، بل في صريح «المبسوط» و«النهاية» وغيرها، حيث علّق الحكم فيها على المنفرد، بل في «الحدائق»: (أنّه المشهور) تارةً، و(أنّه الأشهر أُخرى)، بل قد يظهر من كلام صاحب «الجواهر» المنع، حيث قال :

(والأحوط أيضاً في العبادة التوقيفيّة، وإنْ كان الحكم استحبابيّاً، خصوصاً إذا لم يكن في الجماعة الجديدة مزيّة على القديمة، بكثرة المأمومين، أو فضيلتهم، أو فضيلة إمامٍ أو غير ذلک)[6] .في نقل كلمات الأعلام في جواز الإعادة وعدمها إذا صلّى جماعة

 


[1] الجواهر، ج13 / 261.
[2] مصباح الفقيه، ج16 ص224.
[3] الجواهر، ج13 / ص260.
[4] مفتاح الكرامة: ج3 / 437.
[5] مصباح الفقيه، ج16 / 224 ـ 225.
[6] الجواهر، ج13 / 260.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo