< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/10/07

بسم الله الرحمن الرحیم

فإنَّ الظاهر أنّ موردهما هو المنفرد، ففي الجماعة يكون بطريق أَولى، لو لم نقل باحتمال عدم اختصاصه بالانفراد، بل إنّ إطلاقه يشمل الموردين، خصوصاً مع ملاحظة وحدة العلّة في الموردين، وهي كونهم عُراةً.

بل قد يقال: ويدّعى أولويّة المؤمومين بذلک، لكونهم مجتمعين مع غيرهم، فكان خوفهم بعدم الأمن من المطّلع أزيد من المنفرد؛ خصوصاً مع ملاحظة وجه النّهي المذكور في حسنة زرارة ـ لأجل وجود إبراهيم بن هاشم في سنده ـ بأنّه مع الركوع أو السجود يبدو ما خلفهم، الظاهر في عدم الفرق فيه بين المنفرد والجماعة، وإن كان مورد الرواية هو الأوّل، ولكنّه من المعلوم عدم اختصاصها بذلک، بل هذه العلّة معمّمةٌ لغير المورد أيضاً، كما هو معلومٌ.

قد يقال: بأنَّ هذه الرواية لها معارض، وهو موثّقة إسحاق بن عمّار الَّذي مرَّ ذكرها في صدر المسألة، وقد ورد فيها أمر المأمومين بالركوع والسجود خلف الإمام بوجوههم، فبالتعارض يسقطان، ومرجع الحكم إلى سائر الأدلّة.

وقد أُجيب عنه: ـ كما في «الجواهر» ـ بأنَّ الرُّجحان يكون مع خبر زرارة لأنّ في سندها زرارة، وهو أوثق من إسحاق بن عمّار، كما أَنَّ دلالته أيضاً أقوى منه، كما عن «نهاية الأحكام» بأنّه مؤّل.

وأمّا تأويله: بكون ركوعهم وسجودهم على الوجه الَّذي كان لهم، وهو الإيماء؛ فهو بعيدٌ، خصوصاً إذا كان مع الأمن من المُطَّلع، بخلاف ما لو يكن كذلک، فحينئذٍ تقييده بذلک لازمٌ.

كما أنّه لو فرض جواز هذا القيد في الجواز، يلزم القول بلزوم الإتيان بالركوع والسجود، إذا كانوا في الصفّ الأخير، مع حصول الأمن من ناحية أفراد ذلک، وكذلک غيرهم الخارج عن ذلک، وهذا لم يكن إِلاَّ من جهة كون الحكم مقيّداً بالأمن من المطّلع.

وهذا بخلاف ما لو قلنا ـ بمقتضى ما دلّ عليه خبر زرارة ـ من الحكم بالإيماء جلوساً بصورة المطلق، أي سواء حصل الأمن أم لا، وكون الحكم فيه هو الإيماء بلا فرق بين كونه في آخر الصَّف أو أوّله، لأجل وجود الإطلاق في الرواية.

وثالثاً: استبعاد الفرق بين الإمام بالإيماء وغيره بالركوع والسجود، مع أنّه غير معهود في جماعة المسلمين، بخلاف ما لو كان التزمنا بوحدة الحكم سلوكاً، بأنْ نحكم على الجميع بلزوم الايماء، سواء أمنوا المطّلع، أو لم يأمنوه، كما يؤيّده لسان الأخبار الواردة في المقام، بلا فرق بين كون المأموم خلف الإمام أو غيره، كما لا فرق في المأمومين بين كونهم خلف آخرين، أو في صفّ واحد.

وبالنتيجة: ظهر من جميع ذلک، أنّ الأقوى هو الَّذي ذهب إليه كثير من الفقهاء، من كفاية الإيماء للإمام والمأمومين، سواءٌ كان مع الأمن من المطِّلع أم لم يكن، وهذا هو المختار واللّه العالم.

قوله 1: ويستحبّ أن يعيد المنفرد صلاته، إذا وجد من يصلِّي تلک الصلاة جماعةً، إماماً كان أو مأموماً (1).في الأخبار الدالّة على استحباب إعادة الصلاة جماعة

(1) هذه المسئلة تتضمّن على فروع عديدة :

الفرع الأوّل: القدر المتيقّن في المقام ـ كما هو ظاهر عبارة المتن ـ هو استحباب إعادة الصلاة التي أتى بها الشخص فرادى، ثمّ وجد وتحقّق له الجماعة؛ فيحقّ له اعادة تلک الصلاة التي أتى بها فرادى، كما هو الظاهر من الأخبار التي سنذكرها لاحقاً. بل هو المراد من أكثر عبارات الأصحاب هنا، فقد اتفق الأصحاب على استحباب إعادة هذه الصلاة، وقد نقل صاحب «الجواهر» عن «الحدائق» أنّه لا خلاف فيه، بل عن «المنتهى» و«المدارک» و«الذخيرة» و«المفاتيح»: الإجماع عليه، وذلک لدلالة أخبارٍ كثيرة مستفيضة على ذلک :

منها: صحيح هشام، عن الصادق(ع): «في الرجل يصلِّي الصلاة وحده، ثمّ يجد جماعة؟ قال: يصلِّي معهم، ويجعلها الفريضة إن شاء»[1] .

 

ومنها: خبر زرارة، عن أبي جعفر(ع)، في حديثٍ، قال: «لا ينبغي للرجل أن يدخل معهم في صلاتهم، وهو لا ينويها صلاة، بل ينبغي له أن ينويها وإنْ كان قد صلّى، فإنَّ له صلاة أُخرى» .

 


[1] و (2) الوسائل، الباب54 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 10 و 11.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo