< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/09/30

بسم الله الرحمن الرحیم

بل قد يقال ويحتمل لزوم تأخيرها في الجماعة، حتّى لو قلنا بجواز وقوفها بمحاذاة الرجل في صلاة الفرادى مع الكراهة، لا لكون التأخّر في الجملة من مقتضيات الجماعة، على ما نفينا البُعد عنه فيما سبق، بل لأنَّ القدر المتيقّن من التأخّر المصحّح للايتمام، ليس بمقدارٍ ينافي صدق المحاذاة، التي نقول بحرمتها أو كراهتها. وأيضاً لعدم صلاحيّة القرائن المذكورة هناک، للشهادة على إرادتها من الروايات الخاصَّة الواردة هاهنا، الظاهرة في المنع عن المحاذاة، ووجوب تأخّرها عن الإمام، بغير ما ذكرناه.

بل لا ملازمة بين الجواز مع الكراهة في الفرادى، وبين جواز ذلک في الجماعة أيضاً، لإمكان أن تكون للجماعة مدخليّةٌ في مطلوبيّة تأخّرهنّ عن الرِّجال، وامتياز صفوفهنّ عن صفوفهم، كما يساعده الاعتبار أيضاً، فلازم ذلک هو جواز القول بالتفصيل بين الجماعة بعدم الجواز وبين الفرادى بالجواز.

ولكن الَّذي يلوح من كلمات الأصحاب هو التسالم على عدم الفرق بين المقامين، أي الجماعة والفرادى، بل عن غير واحدٍ من الأصحاب التصريح بعدم القول بالفصل، فإن كان ذلک مقتضٍ لتحقّق الإجماع المركّب على عدم القول بالفصل فهو، و إِلاَّ يمكن الذهاب الى وجوب تأخّرهنّ عن الرجال في الجماعة فقط.

أقول: ويؤيّد ذلک ما ورد في صحيحة علي بن جعفر، من الحكم بوجوب الإعادة للمرأة التي صلّت بحيال الإمام، بزعم أنّه العصر فبانَ ظهراً[1] ؛ من احتمال

أنّ علّة هو الأمر بالإعادة، هو إتيان الصلاة بمحاذاة الإمام.

وعلى كلّ حال، وإن كان مقتضى بعض الأخبار هو وجوب تأخّر النساء عن الرجال في الصلاة، وأنّه المطلوب لا سيّما في الجماعة.

ولكن الَّذي يظهر من كلام صاحب «مصباح الفقيه» وصاحب «الجواهر» تقوية قول المشهور، من استحباب ذلک دون الوجوب وهو جيّد، وحمل أخبار الباب على مراتب الفضيلة، لوجود الاختلاف في لسان الأخبار، حيث إنّ بعض الأخبار كصحيحة هشام نصّ في كفاية كون سجودها مع ركبتيه، والحال أَنَّ مقتضى الجمع بينها وبين غيرها ممّا يظهر منه أزيد من ذلک، كصحيحة فضيل الآمرة بكون سجودها بحذاء قدميه، وكذا ملاحظة بعض الأخبار الآمرة بوقوفها خلفه، أو ورائه، أو في صفّ متأخِّر عن الإمام، أو عن صفوف الرجال، وغير ذلک من الأخبار الظاهرة أو الصريحة في إرادة تأخّرها عنه بجميع جسدها، هو حمل تلک الأخبار على مراتب الفضيلة والاختلاف في الفضل، كما أنّه لابدَّ من حمل نفس صحيحة هشام بن سالم على الاستحباب، لاشتمالها على القيود التي فضلاً عن الايماء فيها، يوجب استئناس الذّهن الى استحباب القيود المذكورة، إلى كون مثل كونه عن يمينه، وكون سجودها مع ركبتيه، ونظائر ذلک، الموجب لظهور كون نفس التأخّر بهذا المقدار حكمٌ استحبابى لا أكثر، كما لا يخفى.

قوله 1: ولو كان الإمام امرأة، وقف النساء إلى جانبيها (1).في حكم إمامة المرأة على النساء

(1) أي ليس حكم إمامة النساء كإمامة الرجال بأن تتقدّم على المأمومات، بل لابدَّ أن تقف في وسطهنّ من جانبيها، كما في المتن، وإنْ كَثُرن، وقال صاحب «الجواهر» بلا خلاف أجده فيه بين القائلين بجواز إمامة النساء، كما اعترف به في «التذكرة» و«الرياض» أيضاً، بل في «المنتهى»، وعن «المعتبر» دعوى قيام إجماعهم عليه، للأخبار المستفيضة فيه، وفيها الصحاح وغيرها، بل ظاهر حجيّتها وجوب ذلک وحرمة التقدّم، لكنه يقول إِلاَّ أنّي لم أجد أحداً صرّح به، وإنْ أوهمته بعض العبارات المشتملة على الأمر به كالروايات، بل التأمّل الصادق في كلماتهم يعطي إرادتهم الندب منه، كما صرّح به غير واحدٍ، بل قد يظهر من «الرياض» أنّه معقد نفي خلاف، وما حكاه من إجماع الفاضلين كغيره ممّن حكى ذلک أيضاً، ولعلّه كذلک؛ لإمكان أن يكون الوجه في ذلک هو انصراف النّهي فيها إلى رفع الوجوب أو الندب، باعتبار وروده في مقام توهّمهما، والأمر إلى إرادة الندب، لتبادر إرادة ما أُريد منه في كيفيّة جماعة الرِّجال، مؤيّداً بفتوى الأصحاب نصّاً وظاهراً، كما عرفت وبالأصل وإطلاقات الجماعة وغير ذلک.

 


[1] الوسائل، الباب52 من أبواب لباس المصلِّي، الحديث 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo