< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/09/03

بسم الله الرحمن الرحیم

أقول: الذي يقتضي التحقيق في المقام، هو أن يُقال: إنَّ منشأ الحكم بالبطلان ليس إِلاَّ تحقّق الاقتران بين الائتمامين، وأمّا إذا فرض تحقّق صورة من المحتملات لم يتحقّق فيها الاقتران، إمّا واقعاً أو بالأصل، فلا منشأ حينئذٍ للحكم بالبطلان، ولو فرض تحقّق ترک القراءة، لإمكان أن يكون ترک القراءة عن نسيان وغفلة، الداخلان حينئذٍ تحت قاعدة حديث (لا تعاد الصلاة)[1] التي تحكم بالصحّة، ومن الواضح أَنَّ رفع الاقتران يحصل ويتحقّق على فروض ثلاثة :

أحدها : بأن لم يقترن شيءٌ منهما، بأن يعلم أنّ تحقّق أحدهما على الآخر كان مقدّماً، ففي هذه الصورة لم يكن منشأ البطلان محقّقاً على طبق هذا النصّ، حيث لم يتحقّق الاقتران حتّى يُحكم بالبطلان، وإن أمكن تحقّق البطلان من ناحية أُخرى، فهو على الفرض خارج من مورد البحث.

والثاني : ما لو علم بوجود الائتمام لأحدهما؛ إمّا لنفسه أو لصاحبه، فهو يفرض :

تارةً: بأنّه بنفسه يعلم الائتمام ويشکّ في صاحبه.

وأُخرى: عكس ذلک، بأن يعلم الائتمام لصاحبه، ويشکّ في نفسه.

ففي هذين الفرضين المرجع إلى الأُصول :

فتارةً: يفرض كون الائتمام عن نفسه معلوماً له، ويشکّ في حقّ صاحبه، وأنّه هل تحقّق منه الائتمام حتّى يحكم بالبطلان لأجل تحقّق الاقتران، إنْ فرض إمكان تحقّق الاقتران أم لا، لأنّه ربّما يُدّعى امتناع تحقّقه حقيقةً في الخارج، كما قاله المحقّق الخوئي؛ في «مستند العروة الوثقى» في بيان اعتبار الحديث، وانجباره بالشهرة، بقوله: (إنّها معتبرة على مسلک المشهور القائلين بانجبار الضعف بالشهرة، فإنَّ المطمئن بل المقطوع به استناد المشهور إليها في الفتوى المذكورة، بل الموجب لتحريرهم المسألة وتعرّضهم لها هي هذه الرواية، وإلّا فالفرض نادر الوقوع خارجاً جِدّاً، ولا سيّما الشقّ الثاني منه، حيث إنّه من الندرة بمكان، بل كاد يلحق بالممتنع، ضرورة أَنَّ الائتمام يتقوّم بمتابعة الإمام في كافّة الأفعال، فكيف يعقل أن يأتمّ كلّ واحدٍ منهما بالآخر، بأن يتابعه في أفعاله كلّها، فإنَّ لازمه أن يكون كلّ منهما تابعاً ومتبوعاً، وهو على حدّ الجمع بين المتقابلين، كما لا يخفى). انتهى محلّ الحاجة[2] .

 

أقول: ولا يخفى ما في كلامه من النظر؛ لأنّه إن سلّمنا حصول الامتناع من جهة التقابل، كما أشار إليه، كان ذلک فيما إذا لوحظ الاقتران في مجموع الصلاة، من أوّلها إلى آخرها، بخلاف ما لو فرض تحقّق الاقتران الموجب لترک القراءة، ولو بركعة واحدة، مع تسليم كون الاقتران ولو بهذا المقدار موجبٌ للبطلان، لأنَّ ترک القراءة حينئذٍ صادرٌ عن عمد، ولا نحتاج في الحكم بالبطلان من الاستناد الى أنّه يقتضي وقوع جميع أفعال الصلاة مع الاقتران، وهو غير ممتنع، وإن كان إشكال ندرة وقوعه خارجاً في محلّه.

وبالجملة: ملاک البطلان الَّذي دلّ الدليل عليه، وهو النصّ المذكور، هو ما لو إئتمّ المصلّي بصاحبه، وكان ائتمامه مقارناً مع ائتمام صاحبه به، الموجب غالباً لترک القراءة من ناحية المأموم، وهو السبب للبطلان بحسب دلالة هذا النصّ، وإن كان مقتضى حديث (لا تعاد الصلاة) هو الصحّة، إنْ قلنا بشمول حديث (لا تعاد) لترک العمد العُذري كما في المقام، والتزمنا الانصراف عن صورة إتيان المأموم للقراءة، فيما يجوز فيه القراءة استحباباً، كما في الصلوات الإخفاتيّة أو الجهريّة، مع عدم سماع القراءة ولو همهمةً، حتّى يحكم حينئذٍ بصحّة الصلاة لا البطلان، لندرة وقوعها في الخارج، كما لا يخفى.

وعلى فرض تسليم هذا الفرض، يلزم الحكم بتخصص قاعدة حديث (لا تعاد) هنا كما قد يُخصّص عموم هذه القاعدة في سائر الموارد.

 


[1] الوسائل، الباب53 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 2.
[2] الحدائق، ج11 / 150.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo