< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید‌محمدجواد علوی‌بروجردی

98/08/20

بسم الله الرحمن الرحیم

لكن يمكن الإشكال عليه: بأنّه من المحتمل أن يكون حال الجماعة بالنظر إلى حالات الإمام، من حيث العدالة والكفر، والطهارة وغيرها كذلک، أي لا يحتاج إلى المطابقة مع الواقع، بل تجوز الجماعة وتصحّ، حتّى لو انكشف الخلاف لاحقاً، والشّاهد على ذلک فتوى الأصحاب بصحّة الجماعة والصلاة، لو صلّى المؤمن خلف إمام لم يكن متطهِّراً، والمأموم لا يعلم بذلک، بل بانَ له ذلک بعد الصلاة، فإنَّ هذه الصلاة بالنسبة إلى المأموم تكون صحيحة دون الإمام.

كما أن الحال كذلک فيما لو ظهر الإمام فاسقاً أو كافراً، حيث يدلّ نفس الدليل على كفاية حصول العلم بكون الإمام واجداً للشرائط حين الاقتداء في الصحّة، حتّى لو ظهر الخلاف بعد الصلاة، فيمكن إسراء هذه القاعدة في ما نحن فيه، أى فيما إذا اعتقد أَنَّ الإمام هو زيد الَّذي ثبتت عدالته عنده، ثمّ انكشف الخلاف، وظهر أنّه عمرو، وحينئذٍ :

تارةً: يكون هو عادلاً أيضاً، بحيث تكون الصلاة واقعة خلف إمام عادل وهو عمرو، وإن ظهر أنّه غير الّذى قصده.

وأُخرى: يكون غير عادل، فهو أيضاً يمكن القول بالصحّة فيه، إذا كان حين الاقتداء عالماً بعدالته، فبانَ الخلاف له لاحقاً، فهو يكون مثل ما لو صلّى باعتقاده مسلماً، ثم انكشف أَنَّ الإمام كان يهوديّاً أو نصرانيّاً، ولعلّه واستناداً الى هذا الخبر ذهب المولى الأعظم الى الحكم بالصحّة، بناءً على كفاية اعتقاد المأموم بعدالة الإمام وصحّة صلاته في صحّة الجماعة، وإن لم يكن اعتقاده موافقاً للواقع، وانكشف الخلاف له بعد الصلاة، ولعلّ الأصحاب لم يوافقوا على جريان هذه القاعدة في موردنا، ولا يكون هذا الاعراض عن جريانها فى المقام، إِلاَّ لما عرفت من اكتفائهم بمورد النصّ فيما خالف القاعدة.

أقول: المستفاد من مجموع كلام صاحب «الجواهر» هنا، هو اختلاف رأيه من الجزم بالبطلان :

بين ما إذا اقتدى بإمامٍ ظنّاً منه أنّه زيد، ثمّ بانَ خلافه بكونه عمراً، وكان قصده من الإشارة اليه، الاشارة الى أنّ المشار اليه هو مصداق الحاضر الَّذي باعتقاده أنّه زيد، واستدلّ لبطلانه بأنَّ الإشارة حينئذٍ لم تزد في نظره على الاسم، بل هو المقصود منها، فيرجع الأمر حينئذٍ إلى عدم التعيين، فيصير باطلاً.

وبين ما لو كان قصده من الإشارة مفهوم الإشارة لا مصداقها، أي بأن يجعل متعلّق الإشارة أمراً كلّيّاً انطباقيّاً على من كان باعتقاده أنّه زيد، بتخيّل أنّه قد اتّفق موردهما، ثُمّ ظهر الخلاف لاحقاً، حيث جعل هذا الفرض مورداً للتردّد بين الصحّة والبطلان.

فعلى الأوّل: ترجيح وجه الصحّة باعتبار أنّه يصدق الانتقال لما هو الواجب عليه، بكون الإشارة هو الَّذي يصدق عليه المواجهة، لانطباق ما هو المقصود منه، فيحكم بالصحّة لتناول الإطلاقات عليه، ثمّ أيّده بما يُشعرها الأدلّة الدالّة على جواز استنابة الإمام غيره في الأثناء، إذا عرض له عارضٌ، لا سيّما في الجماعات الكبيرة التي يغلب عليها عدم اطّلاع جميع المأمومين على الامام واسمه.

وعلى الثاني: وهو البطلان، بناءً على قبح الترجيح بلا مرجّح، ومجرّد كون أحدهما صواباً وهو الإشارة، والآخر خطأً وهو الاسم، لا يوجب الترجيح، بل كلٌّ يعمل عمل مقتضاه من الصحّة والبطلان، ويوجب التعارض، فيكون كلّ واحدٍ منهما خالياً من مقتضى الصحّة، فيخرج كلّ منهما لأجل التعارض عن اقتضاء الصحّة، فيصير بعد المعارضة خارجاً عن الصحّة، مضافاً إلى قيام الشکّ في تناول الإطلاقات لمثله، إنْ لم نقل ظاهر مواردها خلافه، كما لا إشعار في شمول إطلاق عنوان (الاستنابة) له أَصلاً، فبالنتيجة يرجّح طرف البطلان، وعليه فالقول بالبطلان حينئذٍ لا يخلو عن قوّة، خلافاً لما ذهب إليه المولى الأعظم على الصحّة.

ثمّ احتمل في آخر كلامه التفصيل ـ وجعله وجهاً في المسألة ـ:

بين ما لو كان الاسم و الإشارة على حدٍّ سواء في التعيين بهما فالبطلان.

وبين ما لو كان أحدهما هو العمدة والآخر مكمِّلاً له، فحينئذٍ لو كانت العمدة هي الإشارة والاسم مكمِّلاً يحكم بالصحّة، وإِلاَّ يُحكم بالبطلان.

انتهى كلام صاحب «الجواهر» ملخّصاً[1] .

 

قلنا: لا يخفى على المتأمِّل في المناقشة التى مَضت، أنّ ما يتعلّق به الإشارة مقدّمٌ على الآخر، حيث إنّ توجّه الإشارة ودلالتها على المراد يعدّ عند العُرف أقوى من الاسم، الَّذي هدفه إرشاد المخاطب إلى المسمّى فالاشارة أصرح منه؛ لأنَّ العبرة من وراء الاشارة كان بهدف وقصد الاقتداء بهذا الحاضر، وهو حاصلٌ، فبذلک يظهر عدم صحّة القول بتقديم الاسم على الإشارة، ولا على القول بعدم الترجيح لأحدهما على الآخر، كما احتمله صاحب «الجواهر»، حتّى نعود إلى القول بالتساقط والرجوع إلى مقتضى الأصل وهو عدم ترتّب الأثر على أحدهما.

وعليه، فالقول بالصحّة ـ كما هو مختار الهمداني في «مصباح الفقيه»؛ ـ هو الأقوى عندنا، واللّه العالم.فيما لو شکّ في تحقّق الائتمام أم لا

 


[1] كتاب الصلاة للشيخ الأنصاري، ج2 / 3(ص)(ص).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo