< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/08/16

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:كتاب الحج/في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

قال صاحب العروة:

«مسألة 40: الحج البذلى مجز عن حجة‌ الاسلام، فلا يجب عليه اذا استطاع مالاً بعد ذلك على الاقوى.»[1]

و وجهه واضح، لان مقتضى ادلة البذل ثبوت الاستطاعة‌ به للحج، ومقتضاها توسعة‌ اشتراط الاستطاعة، للاستطاعة المالية والاستطاعة البذلية، فعند تحقق الاستطاعة ‌انما يتحقق الموضوع لوجوب الحج، ولا يجب عليه حجة الاسلام الا مرة واحدة ‌في عمره، فلا يجب عليه بعد ثبوت الاستطاعة ‌المالية له بعد ذلك.وما ذهب اليه صاحب العروة من اجزاء ‌الحج البذلي عن حجة الاسلام موافق لما هو المشهور بين الاصحاب، بل افاد السيد الحكيم في المستمسك:

«كما هو المشهور شهرة عظيمة كادت تكون اجماعاً. اذ لم يعرف الخلاف في ذلك الا من الشيخ (قدس سره) في الاستبصار...»[2] .

والشيخ (قدس سره) وان التزم في التهذيب بالاجزاء حيث نقل صحيح معاوية بن عمار.وهو ما رواه باسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

رجل لم يكن له مال فحج به رجل من إخوانه، أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام، أم هي ناقصة؟ قال: بل هي حجة تامة[3] .

وافاد بعد نقل هذه الرواية:ولا ينافيها صحيحة الفضل بن عبد الملك ـ البقباق ـ عن ابي عبدالله (ع) وهي ما رواه عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عدة من أصحابنا، عن أبان بن عثمان، عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال: سألته عن رجل لم يكن له مال فحج به أناس من أصحابه، أقضى حجة الاسلام؟ قال: نعم، فإن أيسر بعد ذلك فعليه أن يحج، قلت: هل تكون حجته تلك تامة أو ناقصة إذا لم يكن حج من ماله؟

قال: نعم، قضى عنه حجة الاسلام وتكون تامة وليست بناقصة، وإن أيسر فليحج... الحديث.[4]

ونحوها خبر ابي بصير عن ابي عبدالله (عليه السلام): وهو ما رواه باسناده عن محمد بن يعقوب وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد محمد وسهل بن زياد جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال: لو أن رجلا معسرا أحجه رجل كانت له حجته، فإن أيسر بعد ذلك كان عليه الحج... الحديث.

وروي محمد بن علي بن الحسين (الصدوق) بإسناده عن أبي بصير مثله.[5]

وافاد الشيخ (قدس سره) بعدم منافاة هذين الروايتين لصحيحة معاوية بن عمار وحمل الامر بالحج فيهما على الاستحباب.وافاد صاحب الوسائل في ذيل صحيحة فضل بن عبد الملك:

«حمل الشيخ الامر بالحج هنا على الاستحباب، واستدل بالتصريح في هذا الحديث وغيره بالاجزاء وهو جيّد.»[6]

هذا ما افاده الشيخ في التهذيب.

واما في الاستبصار فهو (قدس سره) عكس الامر فذكر صحيحة فضل بن عبدالملك اولاً، وقررها سنداً لعدم الاجزاء، ثم تعرض لصحيحة معاوية بن عمار وقال: انها لا تنافي تلك الصحيحة، اذ غايتها ان حجه صحيح تام، ولا يستلزم الصحيحة الاجزاء عن حجة ‌الاسلام، لان الحج الندبي ايضاً صحيح، ومع ذلك غير مجز عنها قطعاً.[7]

وافاد(قدس سره) بان مضمون صحيحة فضل بن عبدالملك، من وجوب الحج بعد اليسار هو المطابق لمقتضى القواعد والاصول، حيث انه بعد ان أيسر مستطيع ويجب الحج على كل مستطيع.وبعبارة ‌اخرى:ان مقتضى صحيحة معاوية ‌بن عمار، ان ما اتى به من الحج البذلي هو حج صحيح تام وهذا لا يستلزم الاجزاء عن حجة الاسلام، لان الحج الندبي حج صحيح ولا يجزي عن حجة الاسلام.ومقتضى صحيحة الفضل، الاتيان بالحج عند اليسار، لانه بعد اليسار صار مستطيعاً ويجب عليه الحج وفقاً للقواعد والاصول.وعليه فلا تنافي بين الخبرين وانما يجمع بينهما بحمل الصحيحة الاولى على بيان الصحة والتمامية في الحج الندبي وحمل الثانية على ما هو مقتضى القاعدة من وجوب الحج بالاستطاعة المفروض تحققها في المقام بالايسار.هذا ما افاده (قدس سره) في الاستبصار.افاد السيد الحكيم (قدس سره) في المستمسك:

«والعمدة: وهن الخبرين ـ اي صحيحة الفضل بن عبدالملك وخبر ابي بصير الدالين على عدم الاجزاء ـ بالاعراض والهجر. ولولا ذلك لأشكل الحمل على الاستحباب بأنه خلاف الظاهر. ولا يقتضيه الجمع بينهما وبين ما دل على الاجزاء عن حجة الاسلام، لتضمنها ذلك أيضا[8] .

وظاهره (قدس سره)، الاشكال فيما افاده الشيخ (قدس سره) من الجمع بانه خلاف الظاهر. ومقصوده خلاف ظاهر مثل صحيحة‌ معاوية بن عمار بل خلاف ظواهر مثل صحيحة الفضل وخبر ابي بصير، لان مقتضاهما كفاية الحج البذلي، الا في صورة الايسار فيجب عليه ان يحج ثانياً.هذا مع انه لا وجه للجمع المذكور لان صحيحة الفضل وخبر ابي بصير انما يسقطان عن الاعتبار بالاعراض، وانهما مهجوران، لعدم عمل الاصحاب بهما وعدم استنادهم اليهما مع كونهما في مرآيهم ومناظرهم. ومعه فلا يصلحان للمعارضة مع مثل صحيحة معاوية بن عمار حتى نبني على نفي التنافي بينهما بالجمع المذكور.وافاد السيد الخوئي (قدس سره):«وانت خبير بان ما ذكره في الاستبصار لا يمكن المساعدة ‌عليه بوجه، لان صحيحة معاوية لو كانت متعرضة ‌للصحة فحسب، لم تستلزم الاجزاء عن حجة الاسلام كما ذكر، ولكنها متكفلة زائداً على ذلك للاجزاء عن حجة الاسلام ايضاً بل مصرحة بذلك كما لا يخفى ومعه لا مناص من الجمع بالحمل على الاستحباب كما صنعه في التهذيب.ومنه تعرف ان القواعد والاصول تقتضي عدم وجوب الحج ثانياً بعد ما ايسر عكس ما ذكره (قدس سره) من الوجوب، اذ بعد ان اتصفت تلك الحجة بالاجزاء عن حجة ‌الاسلام بصريح هذه الصحيحة لم يكن بعدئذ مقتض للوجوب بعد ان لم تجب هي في العمر الا مرة واحدة‌ اتفاقاً، وقد نطقت به النصوص ايضاً، والتي منها: صحيحة هشام بن سالم عن ابي عبدالله (عليه السلام) حيث قال فيها:

«... وكلفهم حجة واحدة وهم يطيقون اكثر من ذلك.»[9]

بل قد صرح بالاجزاء في محل الكلام في صحيحة جميل بن دراج عن ابي عبدالله (عليه السلام) «في رجل ليس له مال فحج عن رجل، او أحجه غيره، ثم اصاب مالاً هل عليه الحج؟ فقال: يجزي عنهما جميعاً.»[10]

سواء‌ اكان مرجع ضمير التثنية ما اتى به من الحج البذلي قبل الاصابة، وما لم يات به بعد الاصابة ـ الذي كان واجباً في حد نفسه ـ ليكون مفادها: ان ما اتى به مجزٍ عن الواجب عليه بالاستطاعة البذلية، والواجب عليه بالاستطاعة المالية.

ام كان مرجع الضمير: الحج الصادر عن النائب والصادر عن المبذول له، غايته: انه تام الدليل من الخارج على عدم اجزاء الصادر عن النائب عن نفسه لو استطاع، فترفع اليد عن هذه الفقرة بالقرينة الخارجية. واما الفقرة الاخرى فلا موجب لرفع اليد عنها، وقد دلت على اجزاء الحج البذلي عن حجة الاسلام بعد ما استطاع.»[11]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo