< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/08/09

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:كتاب الحج/في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

قال صاحب العروة (قدس سره):

«مسألة 39 : لو أعطاه ما يكفيه للحج خمسا أو زكاة ، وشرط عليه أن يحج به فالظاهر الصحة، ووجوب الحج عليه إذا كان فقيرا ، أو كانت الزكاة من سهم سبيل الله.»[1]

قال السيد الخوئي (قدس سره) في التقريرات، بعد ما علق على قول الماتن في المقام من منع وجوب الحج في الفرض، وكذا تامله في جواز صرف الزكاة فيه من جهة تأمله في جواز صرف الزكاة من سهم سبيل الله في غيره الجهات العامة:

«اما اذا كان المدفوع زكاة من سهم سبيل الله، فلا ينبغي التأمل في وجوب الحج عليه على كلام لنا فيه قد تقدم في محله، وعلى اي حال فالحج بنفسه من سبيل الله ومصرف للزكاة، بل هو منصوص فيجب الحج لدى البذل من هذا السهم قطعاً.واما اذا دفع الى الفقير ـ من غير هذا السهم ـ وبعنوان الفقر او كان خمساً من حق السادة فالظاهر ان اشتراط الحج لا محصل له اذ لا اثر له بوجه. وتوضيحه: ـ على ما فصلنا القول حوله في كتاب المكاسب ـ:ان حقيقة الشرط عبارة عن الربط بين شيئين، ومنه اطلاقه على الشريط من اجل انه يربط احد الطرفين بالاخر، فهو في العقد عبارة عن الالتزام المرتبط بالعقد والمنوط به، لا مجرد الوعد المقارن للعقد والالتزام الابتدائي من غير اناطة وارتباط، فانه خارج عن حقيقة الشرط ومفهومه بتاتاً.وعليه فالشرط في ضمن العقد من بيع ونحوه على نحو يتحقق معه الربط يتصور على وجوه ثلاثة:

احدهما: ان يعلق الانشاء اي المنشأ وما التزم به من بيع ونحوه على تحقق ذلك الشرط خارجاً من خياطة ونحوها، فيقول: بعتك ان خطت لي ثوباً، او ان جاء المسافر، فيعلق البيع على نفس الخياطة او مجيئ المسافر على نحو الواجب المشروط بحيث لو لم يخط لم يصدر منه البيع اصلاً.

وهذا لا ريب في بطلانه، فانه من التعليق في العقود المجمع على بطلانه ما عدا موردين قد خرجا بالنص. وهو الوصية بالملك، او بالعتق اعني التدبير فيقول: هذا لك بعد وفاتی او انت حر دبر وفاتي، فيعلق التمليك او التحرير على الوفاة على نحو الواجب المشروط، فان نفوذه قد ثبت بالدليل، وما عداه باق تحت معقد الاجماع القائم على البطلان.

ثانيها: ان يعلق البيع مثلاً على التزام المشروط عليه بالوفاء بالشرط ـ لا على نفس تحقق الشرط خارجاً ـ الذي هو امر حاصل ومفروض الوجود لدى صدور العقد، وهذا وان كان ايضاً تعليقاً في العقد، الا انه ليس من التعليق الباطل لكونه تعليقاً على امر حاصل: نظير ان يبیعه بشرط ان يكون هذا اليوم يوم الجمعة او ان يكون المشتري ابن زيد، وهما يعلمان بذلك.

فان الاجماع المتقدم المدعى على البطلان غير شامل لمثل ذلك، وعليه فتشمله ادلة الشروط، ونتيجة ذلك: وجوب العمل بالشرط تكليفاً ويجري هذا في مطلق العقود، حتى ما كان منها غير قابل للفسخ كالنكاح كما لو اشترطت الزوجة على الزوج الاستقلال في السكنى، فانه يجب عليه الوفاء شرعاً وان لم يكن لها الفسخ لو تخلف.

ثالثها: ان يبيع مطلقا، ولكن التزامه بالبيع مشروط بتحقق الشرط خارجاً بحيث لو لم يتحقق لم يكن ملتزماً بالبيع، لا انه لم يبع، فلا تعليق في اصل البيع، بل في الالتزام به وانهائه العقد، ومرجع هذا الى جعل الخيار له على تقدير تخلف الشرط، فلو لم يخط او لم يكن العبد كاتباً، كان بالخيار بين الفسخ والامضاء.

ولكن هذا انما يجري في العقد القابل للفسخ دون مثل النكاح و ان قربه في الجواهر، ولكنه لا يتم لانحصار رافعه في الطلاق.فالشرط المرتبط بالعقد بالمعنى المعقول الصحيح منحصر في الاخيرين. اما بان يربط البيع بالالتزام الحاصل من الطرف المقابل. او: ان يربط التزامه بالبيع بحصول الشرط خارجاً. وشيءٌ منهما لا معنى له في المقام:

اما الاول: بان يعطي الخمس مثلاً للفقير ويجعل اعطائه معلقاً على التزامه بالذهاب الى الحج فلا محصل له.

ضرورة ان الاعطاء والدفع فعل تكويني وهو جزئي خارجي دائر امره بين الوجود والعدم ولا سعة فيه ليقيد، فلا معنى للتعليق فيه وجعله مشروطاً بشيء نظير ان يأكل شيئاً مشروطاً بان يكون الفاكهة الكذائية، او ان يضرب احداً معلقاً على كونه زيداً، فان الضرب والاكل ونحوهما من الافعال الخارجية ومنها العطاء والدفع غير قابل للتقييد بوجه، وانما القابل له الامر الاعتباري من بيع ونحوه غير المتحقق فيما نحن فيه.

نعم، يتضمن المقام التمليك الذي هو امر اعتباري، لكنه من قبل الشارع لا من قبل الدافع، فان الشارع هو الذي ملك الخمس او الزكاة ‌للسادة او الفقراء، وليس شأن المالك الا دفع ما هو ملك للغير، غايته ان المالك هو الكلي، وهذا له الولاية على التطبيق على اي فقير شاء، فالذي بيد المالك انما هو الاختيار في التطبيق دون التمليك ليقبل الاشتراط والتعليق.

وبالجملة: فالذي يقبل التقييد لم يكن امره بيد المالك، وما امره بيده وهو الاعطاء والدفع لا يعقل فيه التقييد حسبما عرفت.

اما الثاني: بان يجعل التزامه بهذا العطاء ‌ووفائه منوطاً بالذهاب الى الحج بحيث له الفسخ لو لم يحج.

فباطل ايضاً: اذ ليس للمالك الرجوع فيما اعطاه زكاة او خمساً، فان ما كان لله فلا رجوع فيه.

فاذا لم يكن شئً من الامرين، فليس في البين ما عدا مجرد الوعد والالتزام المقارن للالتزام من غير ارتباط بينهما ابداً، فهذا الشرط لا اثر له بوجه، ولا يجب الحج على الفقير من ناحية البذل.نعم، لو كان مستطيعاً بهذا المال، ولم يقع في الحرج وجب عليه الحج من ناحية الاستطاعة المالية دون البذلية.

وملخص الكلام في المقام: انه بعد الفراغ من قيام الاجماع على بطلان التعليق في العقد والايقاع فالشرط الصحيح المرتبط بالانشاء لا يخلو عن احد وجهين على سبيل منع الخلو:

اما تعليق المنشأ على الالتزام بالشرط.او تعليق الالتزام على تحقق الشرط.

ويترتب على الاول: وجوب الوفاء بالشرط.

وعلى الثاني: خيار تخلف الشرط.

والنسبة بينهما عموم من وجه:

فقد يجتمعان، فيجب الوفاء بالشرط تكليفاً، وعلى تقدير التخلف يثبت الخيار وضعاً كما: لو باعه بشرط ان يخيط له ثوباً، فانه يجب عليه الوفاء بمقتضى عموم: «المؤمنون... الخ»، ولو تخلف ثبت الخيار للشارط لان التزامه كان منوطاً بالوفاء فلم يكن ملتزماً بالعقد بدونه فتأمل.

وقد يفترق الاول:فيجب الوفاء تكليفاً فقط كما في العقد الذي لا يقبل الفسخ كالنكاح بناءً على ما هو الصحيح من عدم جريان الفسخ فيه.واوضح من ذلك الايقاعات كالطلاق والابراء ونحوهما، فان مرجع الشرط فيها الى التكليف المحض، والا فلا رجوع ولا فسخ فيها بالضرورة.وقد يفترق الثاني:ويكون من تعليق الالتزام الموجب للخيار من دون اشتمال على التكليف كما في الشروط الخارجة عن الاختيار كشرط كون العبد كاتباً او الفرش منسوجاً بالنسج الكذائي ونحو ذلك مما لا معنى للتكليف بالوفاء، فيكون مرجع الشرط الى جعل الخيار فقط حسبما عرفت.وكيفما كان:فهذان النحوان من الشرط يختصان بالامور الاعتبارية القابلة للتقييد والتعليق دون مثل المقام من الامور التكوينية كالضرب والاكل والاقتداء ونحوها، فان الواجب هنا ايتاء الزكاة اي الاعطاء والدفع الذي هو امر تكويني وجزئي خارجي، ومثله لا يقبل التقييد بوجه.كما لا معنى لتعليق الالتزام ايضاً بحيث يقبل الفسخ، لان المدفوع خمساً او زكاة ‌عبادة، فلا جرم كان لله وما کان لله لا رجوع فيه.هذا كله في مقام الثبوت.ولو تنازلنا وبنينا على جواز التعليق في المقام ومعقوليته:فالدليل عليه قاصر اثباتاً، اذ لم يثبت للمالك الا الولاية على التطبيق. واما الولاية على الشرط. فلم يقم عليها اي دليل.ولو صح ذلك وتم لعم في جميع الشروط، ولم يكن مختصاً باشتراط الحج عليه بل جرى في شرط الزيارة او الصلاة نيابة عن والده. او قراءة القرآن فيقول له: اعطيتك هذا الوجه زكاة او خمساً بشرط الاتيان بهذه الامور، وهو باطل قطعاً. هذا كله لو اعطاه من سهم الفقراء.واما لو اعطاه من سهم سبيل الله، فلا بأس به بناء على عموم هذا السهم لمطلق الامر القربي، ولو بان يعطي الزكاة لثري يزوج ابنه، حيث ان تزويج المؤمن امر قربي.

واما لو بنينا على انصراف هذا السهم الى ما يصرف في مصالح المسلمين عامة من بناء القنطرة او المدارس ونحوهما مما ينتفع به الكل، ولم يكن مختصاً بالشخص، كما لا يبعد على ما تقدم في محله، فيشكل التصرف حينئذٍ في الحج الا اذا بلغ حداً اوجب تعطيل الكعبة.»[2]

وحاصل ما افاده (قدس سره) بطوله:ان الشرط المعقول والصحيح المتصور في المقام يكون على نحوين:

1 - تعليق المنشأ على الالتزام بالشرط من ناحية من يعطى اليه.

بان يكون التزامه بالشرط متحققا حين المنشأ بالاعطاء.

تعليق الالتزام بالمنشأ على تحقق الشرط. دون تعليق نفس المنشأ، فانه يبتلي بالتعليق الممنوع في العقود.

وهذان النحوان غير قابلين للتصوير في المقام:

وذلك: لانه ليس في المقام الا اعطاء الخمس او الزكاة وهو فعل تكويني، وجزئي خارجي يدور امره بين الوجود والعدم، ولا سعة فيه حتى امكن تصوير التقييد فيه ومعه لا معنى للتعليق فيه وجعله مشروطاً بشئٍ.

وان القابل لهما هو الامر الاعتباري كالبيع وامثاله.هذا، ومع غمض العين من هذا الاشكال وهو عدم ترتب اثر على الشرط المذكور في المقام:فان هنا اشكال آخر وهو انه لا ولاية لدافع الخمس او الزكاة على الاشتراط، لانه ليس شأنه الا اعطاء ‌مال الغير له ودفع المال الى مالكه وان كان له الولاية على التطبيق، لانه افاده ان المالك الذي يدفع المال اليه في الخمس والزكاة هو الكلي وللدافع الاختيار في التعيين والتطبيق.وليس ما فعله الدافع التمليك حتى يقال انه امر اعتباري يقبل الاشتراط والتعليق.كما انه ليس للدافع الرجوع والفسخ اذا لم يعمل المدفوع اليه بمقتضى الشرط لان الخمس والزكاة امران عباديان وما كان لله لا رجوع فيه.وقد التزم (قدس سره) بانه لو صار الفقير او السادة مستطيعاً بهذا الاعطاء ‌فانما وجب عليه الحج ولكن من جهة الاستطاعة المالية دون البذلية ولا سبيل لشمول ما دل على وجوب الحج بالبذل في مثل المقام. ثم ان اعتبار اشتراط الاتيان بالحج في اعطاء الخمس او الزكاة، و ايجابه الحج على السادة او الفقراء وقع مورداً لتأمل جماعة من محشي العروة.

قال المحقق النائيني (قدس سره) في ذيل قول صاحب العروة، «فالظاهر الصحة ووجوب الحج عليه» بعد قوله: «لو اعطاه ما يكفيه للحج خمساً او زكاة وشرط عليه ان يحج به».

«فيه اشكال، بل منع. نعم لو اُعطي الزكاة ‌لان يحج به من سهم سبيل الله جاز، ولا يجوز صرفها في غيره.»وافاد السيد البروجردي (قدس سره):

«نعم، يصح اعطاؤه خمساً او زكاة، ويملكه المستحق اذا كان بعنوان الفقر، ولكن الشرط لغو، ولا يحصل به الاستطاعة البذلية على الاقوى.[3] »

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo