< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/08/02

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:كتاب الحج/في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

اما المسألة الثالثة في هذه المسأله:فقد مر في كلام صاحب العروة قدس سره:«واما لو وهبه ولم يذكر الحج لا تعيينا ولا تخييراً، فالظاهر عدم وجوب القبول كما عن المشهور.»وظاهر هذا التعبير من صاحب العروة بقوله الظاهر عدم الوجوب واسناده الی المشهور ربما يوهم تأمله في التزامه بعدم وجوب القبول في الجمله.ولعله لاجل ان نظره الشريف الی ان التمكن للاتيان بالحج انما يحصل بالهبة علی هذا النحو. ولا يبعد كفاية هذا التمكن لتحقق الاستطاعة الا انه عدل عنه رعاية لمشهور الاصحاب.وقد افاد السيد الفيروزآبادي في حاشيته علی كلام صاحب العروة في المقام:

« لا يبعد أن يكون مقصود المشهور عدم شمول أخبار عرض الحج ولهذا أطلقوا القول بعدم الوجوب بالنسبة إلى الصورتين السابقتين أيضا وعلى أي حال الأقوى وجوب القبول هنا أيضا لصدق الاستطاعة بعد حصول إيجاب الهبة فيجب عليه القبول بعد صيرورة الوجوب منجزا من باب تحصيل شرط الوجود لا الوجوب ويجري عليه أحكام الوجوب بالاستطاعة لا الوجوب بالعرض والبذل للحج»[1]

اما استناد القول بعدم وجوب القبول في هذا الفرض الی المشهور فلعل مستند صاحب العروة قدس سره في ذلك ما افاده المحقق النراقي في المستند من حكاية نسبه الی مشهور الاصحاب وهذا الاستناد في خصوص هذه المسالة لا يخلو من تأمل.

وذلك: لان كثيراً من الاصحاب التزموا بعدم وجوب القبول لاجل ان القبول تحصيل للاستطاعة، ويرجع ايرادهم الی تحقق الاستطاعة في جميع موارد الهبة وامثاله مما يحتاج التمليك فيها الی القبول، ولا نظر لهم الی خصوص المسأله. وقد مرّ نقل ذلك من المحقق في الشرايع. والمدارك ومثله في قواعد العلامه. حتی ان بعضهم عللوا عدم وجوب القبول باشتماله علی المنة ولا يجب تحملها.

كما ان بعضهم التزموا بعدم الوجوب هنا من جهة ان المورد هذا خارج عن مسألة البذل وداخل في الاستطاعة الماليه كما عرفت في كلام السيد الفيروز آبادي.والشهرة المفيدة في مقام الاستناد في المقام اشتهار القول بعدم شمول اخبار العرض، اي عرض الحج للمقام، مع الالتزام بوجوب القبول في مثل الهبة وامثاله، وهي غير محققه في المقام. ثم ان ظاهر السيد الاستاذ قدس سره التفصيل بين ارادة التخيير في صرف المال في الحج او في شئٍ معين آخر كالزيارة مثلاً، وبين ارادة التخيير بين صرف المال في الحج وعدم صرفه، بالالتزام بوجوب القبول في الاول دون الاخير. قال قدس سره:

«الظاهر إرادة التخيير في صرف المال في الحج أو في شي‌ء معيّن آخر، كالزيارة مثلا، بحيث يكون الحج واجبا تخييريا ليصدق عرض الحج عليه. و العبارة لا تؤدي ذلك لكون الظاهر منها إرادة التخيير بين صرف المال فى الحج و عدم صرفه و هذا يرجع إلى الإطلاق و عدم الإلزام بالحج و لو تخييرا و حكمه عدم وجوب القبول لا وجوبه.»[2]

فان ظاهر قدس سره صدق عرض الحج عند ارادة التخيير في صرف المال في الحج او في شئ معين كالزيارة، وعدم صدقه عند ارادة التخيير بين صرفه في الحج وعدم صرفه، وهو وان كان اشكال في عبارة صاحب العروة من جهة ان تعبيره بقوله: «وكذا لو وهبه وخيره بين ان يحج أو لا» انما يساعد مع الاخير اي صرفه في الحج وعدم صرفه، فان معنی عدم صرفه هو ترك الحج فكانه خيره بين الاتيان بالحج وعدم الاتيان به. وفي مثله لا يصدق عرض الحج.

ووجه اختيار صاحب العروة وجوب القبول في المسأله الثانيه من هذه المسألة تمكن الموهوب له من الاتيان بالحج وهو حاصل عنده ومعه لتحققت الاستطاعة، ومعه لا يفترق رجوع التخيير الی الاطلاق ورجوعه الی التخيير بين الحج وغيره كالزيارة.

نعم، يرو عليه، ان اطلاق التخيير ليس عرضاً للحج، ولكن السيد الاستاذ قدس سره تسلم صدق العرض عند التخيير بين الحج ومثل الزيارة، وانما نفاه عند التخيير بين الحج وعدمه اي الاتيان بالحج وعدمه وعلله بانه ليس فيه الزام بالحج تخييراً، وقد مر ان اساس كلام صاحب العروة تمكنه مما يكفيه للحج، وقد صرح به في المتن.

قال صاحب العروة (قدس سره):

«مسألة 38 : لو وقف شخص لمن يحج أو أوصى أو نذر كذلك فبذل المتولي أو الوصي أو الناذر له وجب عليه، لصدق الاستطاعة ، بل إطلاق الأخبار، وكذا لو أوصى له بما يكفيه للحج بشرط أن يحج ، فإنه يجب عليه بعد موت الموصي .»[3]

وفي المسأله فرعان:

الاول: اذا وقف شخص لمن يحج او اوصی او نذر كذلك، فبذل المتولي او للوصي او الناذر له وجب عليه لصدق الاستطاعه، بل اطلاق الاخبار فوجهه قدس سره اولاً بصدق الاستطاعة.

وثانياً: باطلاق الاخبار، ومراده من صدق الاستطاعه، تحقق شرط الحج وهو التمكن من الاتيان به بالبذل بلا فرق بين كون الباذل مالكاً للمبذول، او كان تحت يده بعنوان تولي الوقف او الوصاية، او وجب عليه بمقتضی النذر، فبمجرد البذل تتحقق الاستطاعة ويجب الحج.

واما اطلاق الاخبار، فاطلاق ما ورد في وجوب القبول عند عرض الحج وهذه الموارد من مصاديق العرض.

و أفاد السيد الخوئي (قدس سره):«لاطلاق نصوص العرض الشامل لما اذا كان المال المبذول ملكاً شخصياً للباذل او ملكاً بعنوان كلي و هو تحت سيطرة الباذل و قد طبقه علي مبذول له ، فبالاعطاء، المزبور تتحقق الاستطاعة البذلية فيجب عليه الحج.

و منه ظهر فيما لو اوصي بما يكفيه للحج بشرط ان يحج، فان هذا ايضاً من مصاديق العرض والبذل.»[4]

و أفاد السيد الاستاذ (قدس سره):«هذا الفرع يتصور علي نحوين: الاول : أن يكون الوقف للحج بمعنى يصرف النماء في اداء فريضة الحج، فللولي بذله لمن يشاء، فإذا بذله وجب الحج على المبذول له لأنه من مصاديق‌ عرض الحج عليه.

الثاني: أن يكون الوقف لمن يريد الحج و يقصده، فالمكلف إذا لم يقصد الحج كان خارجا عن موضوع الوقف و لم يكن من مصاديق الموقوف عليه و له ذلك، إذ لا يلزمه أن يصيّر نفسه من أفراد موضوع الوقف و معه لا يجوز للولي بذل المال له، لأنه غير مورد الوقف.»[5]

و أساس نظره انه لو كان الوقف لمن يريد الحج و قصده، فليس الموضوع له الا من يريد الحج و يقصده، ومن يريد الحج كان ممن يستطيع قبل ذلك ويقصد الحج بمقتضي استطاعته، و مثله خارج عن موضوع الاستطاعة البذلية، وأما من لا يريد الحج فهو ليس موضوعاً للوقف اساساً، وأن يتصور في مورده الاستطاعة البذلية، الا ان موضوع الوقف لا ينطبق عليه.

وقد تعرض لهذا المعني المحقق العراقي (قدس سره) في حاشيته علي المتن بوجه اوسع، قال (قدس سره) في ذيل قول صاحب العروة : «... وجب عليه لصدق الاستطاعة ...»:

« في وجوب الحج حتى في نذره الغير المحتاج إلى القبول نظر فضلا من من وقفه أو وصيته على القول بالاحتياج إلى القبول لأن موضوع النذر المقدم بالحج في رتبة سابقة فيستحيل أن يكون هذا البذل منشأ وجوبه لأنه من قبيل الأمر بالحاصل وهو محال.»[6]

و حاصله:ان في كلام صاحب العروة وفتويه بوجوب الحج في المقام اشكالان:

1- ان الوقف و الوصية للاشخاص يحتاج الي القبول في بعض الاقوال، و القبول تحصيل للاستطاعة، فلا يتم القول بوجوبه علي ما مر، نعم النذر غير محتاج اليه، فلا يجري هذا الاشكال في مورده.

2- ان موضوع الوقف او الوصية او النذر ـ حسب ظاهر عبارة المتن ـ من يحج وهو من اراد الحج ويقصده، وهذا الموضوع لا يندرج في كبري الاستطاعة البذلية، ووجوب الحج بالبذل، لتحقق الاستطاعة بتبعها وجوب الحج قبل البذل، وهذا الاشكال عند المحقق العراقي جار في الوصية والنذر كالوقف، وإن كان ظاهر كلام السيد الاستاذ جريانه في خصوص الوقف.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo