< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/02/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

قال السيد الحكيم في المستمسك:

بعد إشكاله فى دلالة صحيح معاوية ‌بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : رجل لم يكن له مال فحج به رجل من إخوانه ، أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام ، أم هي ناقصة ؟ قال : بل هي حجة تامة. بانه وان دل على الاجزاء لا يدل على الوجوب بالبذل، والإجزاء عن حجة الاسلام أعم من الوجوب، قال:

وأكثر منه إشكالا مثل صحيح الحلبي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : - في حديث - قال : " قلت له : فإن عرض عليه ما يحج به فاستحيى من ذلك ، أهو ممن يستطيع إليه سبيلا ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم ، ما شأنه يستحيي ولو يحج على حمار أجدع أبتر ؟ فإن كان يطيق أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليحج " إذ لا مجال للعمل به .

وحمل قوله ( عليه السلام ) " ما شأنه يستحيي " على أنه بيان لحكم أخلاقي لا فقهي ، بعيد عن الظاهر فلا مجال للاعتماد عليه ، كما عرفت سابقا .

وأشكل منه صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : " فإن كان دعاه قوم أن يحجوه فاستحيى فلم يفعل ، فإنه لا يسعه إلا أن يخرج ولو على حمار أجدع أبتر "، ونحوها .

فإنه لو أمكن التفكيك بين مضامين صحيح الحلبي المتقدم - بالحمل على حكمين أخلاقي وفقهي - فلا مجال لذلك فيه ، لأنه صريح في الحكم على المقيد ، فلا مجال فيه للتفكيك المذكور ، بأن يكون الحكم على المقيد أخلاقيا ، والحكم على غيره فقهيا .

ومن ذلك تعرف الاشكال على جماعة من الأصحاب ، حيث استدلوا بهذه النصوص ، التي ليس بناؤهم على العمل بمضمونها.»[1]

ويمكن ان يقال:إن أساس اشكاله على مثل صحيحة‌ الحلبي، انه لا يمكن الالتزام بمدلولها حيث إنّ ظاهره وجوب القبول وحصول الاستطاعة به ولو كان الحج على حمار اجدع ابتر، اي ولو بذله بعنوان الراحلة ذلك.وهذا مما لا يمكن الالتزام به وصرح في آخر البحث بانه ليس بناء الإصحاب على العمل بهذا المضمون.

ثم افاد بان ما يقال في رفع هذا الإشكال بان الصحيحة وردت في بيان حكم أخلاقي بمقتضى قوله: «ما شأنه يستحيى» بمعنى انه ليس له رد الإحسان وان كان ما بذله لا يليق به.

لا يتم الالتزام به.لانه لو كانت الرواية ‌في مقام بيان حكم اخلاقي فهو في الحقيقة إرشاد الى لزوم رعاية شأن الباذل فيما بذله، فلعله لا يتمكن من بذل أزيد من ذلك وكان همه وارادته ذهاب المبذول له للحج، وان رعاية ذلك فضيلة اخلاقية، فان هذا لو تم فكانت الرواية في مقام الأرشاد الى هذه الجهة ومعه لا يمكن كونه في مقام بيان وجوب القبول شرعاً بعنوان حكم شرعي إلزامي.فانهما لا يجمعان لاستلزامه ارادة اكثر من معنى واحد من اللفظ. ثم أفاد بان هذا الجمع لو امكن فرضه بإمكان حمله على حكمين اخلاقي وفقهى فلا مجال لذلك في مثل صحيح معاوية بن عمار.

وذلك لان قوله (عليه السلام): «فان كان دعاه قوم أن يحجوه فاستحيى ولم يفعل فانه لا يسعه الا ان يخرج ولو على حمار اجدع ابتر.» صريح في الحكم على المقيد بمعنى انه يجب عليه بمجرد ذلك الخروج مع ما بذله ولو كان حماراً كذا.

هذا ولكن فيه:انه قد مر ان مضمون صحيحة معاوية بن عمار لا يقبل الحمل على وجوب قبول البذل ولو على حمار اجدع ابتر اي المعنى المقيد حسب ما عبره.

وذلك: لان خصوص هذه الرواية‌ ظاهر لو لم يكن صريحاً في انه يجب القبول اي يلزمه قبول شرعاً، واما لو لم يقبل فيما انه يستقر عليه الحج فيلزمه الاتيان به بعد ذلك ولو متسكعاً اي على حمار اجدع أبتر، وهذا ما يستفاد من قوله: «فانه لا يسعه الا ان يخرج ...» الظاهر في انه لا يسعه رد البذل الا قبول ما يترتب عليه من لزوم الاتيان بالحج ولو متسكعاً من جهة‌ استقرار الحج عليه بالبذل.

ولذا جعل بعضهم هذه الرواية قرينة على جميع ما ورد في الباب المشتمل على الذيل المذكور على ذلك اي يجب عليه القبول ويستقر عليه الحج، ورده مستلزم لاتيان الحج من قبل نفسه ولو متسكعاً. اما حديث عدم امكان الحمل في مثل صحيحة الحلبي على حكمين اخلاقي وفقهي.

فلقائل ان يقول: إن قوله «ما شأنه يستحيي» كما يمكن ان يكون المراد منه عدم الاستحياء عن الحج بالحمار الاجدع ... كذلك يمكن ان يكون المراد منه عدم الاستحياء في أصل قبول البذل، كما يقع ذلك من كثير من الناس.

هذا مع أن بعض هذه الاخبار يشتمل على صدر فيه السؤال عن المراد من السبيل في قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلاً} وقد حذفه صاحب الوسائل من جهة بنائه على التقطيع بحسب موضوع السؤال، والاخبار الغير المشتملة عليه ناظرة اليه من جهة‌ ان المرتكز في اذهان ارباب السؤال لزوم التمكن والاستطاعة في وجوب الحج، فتصير ذلك قرينة على ان مراد السائل، تحقق هذا التمكن بالبذل وان البذل مما يقتضي السبيل للحج.

الا ان في هذه الأخبار ملاحظة بمقتضى الذيل الذي قلنا انه بصدد بيان معنى كنائي، وهو عدم التصعيب في السبيل الحاصل من البذل رعاية للباذل، وكأنه قرينة على ان للبذول له قبول البذل مهما أمكن له ذلك، بانه لو لم يرَ محذوراً عرفياً من جهة رعاية الشأن او شرعياً من حيث عدم استلزامه لحرج او ضرر ان له القبول وان لم يناسب البذل المرتبة الا على من حيث رعاية شأنه وحاله.ومنه يظهر انه لا يستفاد من هذه الاخبار وجوب القبول على نحو المطلق، لانها ليست اكثر من كونها في مقام بيان امكان تحقق الاستطاعة بالبذل مع اضافة رعاية حال الباذل مهما امكن.هذا غاية ما يمكن ان يستفاد من هذه الروايات بإجمعها.ومنه يظهر عدم تمامية سقوط معايير الإستطاعة العرفية في البذل كما احتمله صاحب الجواهر، او تحقق الاستطاعة بالبذل بأي وجه ولو مع استلزامه المحاذير المتقدمة.

وربما أستدل لوجوب قبول البذل وتحقق الاستطاعة بقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلاً}.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo