< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/12/18

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

وافاد السيد الخوئي (قدس سره)«... اما التلف بعد تمامها ـ الاعمال ـ والانتهاء عنها بحيث لم تبق عنده نفقة العود الى وطنه او تلفت امواله في وطنه بحيث لم يرجع الى الكفاية على القول باعتباره في تحقق الاستطاعة فهل يمنع ذلك عن اتصاف حجه بحجة الاسلام ام انه يجزي عنها؟الظاهر هو الثاني. كما اختاره في المتن.

ضرورة انه لم يقم اي دليل على اعتبار نفقة العود في تحقق الاستطاعة، فانها قد فسرت بالزاد والراحلة للمصير الى الحج، لا حتى للعود عنه، ومن ثم لو لم يرد العود واراد البقاء في مكة لم تعتبر حينئذٍ نفقة الاياب بلا ارتياب.

وانما اعتبرنا نفقة الاياب في ايجاب الحج نظراً الى ان وجوبه بدونها حرجي، ولاجله لم تعتبر لو لم يكن المكث في مكة حرجياً كما سمعت، وهكذا العود الى الكفاية على القول به.ومن الضروري ان دليل نفي الحرج لا يشمل المقام ليحكم بعدم الاجزاء عن حجة ‌الاسلام، لانه بلسان الامتنان، ولا امتنان في الحكم بالفساد، او عدم الاجزاء، بل هو على خلاف الامتنان كما لا يخفى.ونظير ذلك:ما لو توضأ ثم تبين ان الوضوء كان ضررياً ـ ضرراً لم يبلغ حد الحرمة ـ فانه لا يمكن الحكم بفساده حينئذٍ استناداً الى دليل نفي الضرر لكونه على خلاف الامتنان، ولا يجري دليل نفي الضرر او نفي الحرج الا في مورد يكون رفع الحكم منةً لا على خلاف المنة.

ومما ذكرنا يتضح الفرق بين زوال الاستطاعة في اثناء الاعمال وبين الزوال بعدها، لان اعتبار بقائها الى نهاية الاعمال مستفاد من نفس الاخبار بالبيان المتقدم من ان الحج اسم لتمام الاعمال والاستطاعة شرط في الحج فيعتبر بقاؤها واستمرارها الى الجزء الاخير.

واما الاعتبار بعدها اعني نفقة العود او الرجوع الى الكفاية فيستفاد من دليل الحرج.» [1]

هذا وقد افاد في الوجه الذي افاده صاحب العروة بقوله: وقربه ما ورد... «لم يظهر وجه لهذا التقريب لعدم علاقة وارتباط بين المسألتين، فان الموضوع في تلك المسألة اجزاء‌ الناقص عن الكامل والاكتفاء بالجزء عن الكل، لانه قد مات وانعدم الموضوع بعد ما اتى ببعض الافعال وهو الاحرام ودخول الحرم، فيكتفى منه بهذا المقدار عن تمام الواجب، فلا يجب الاخراج بعدئذٍ عن تركته.

واما في المقام فقد اتى ـ مع الغض عما ذكرناه من دليل الحرج ـ بغير المأمور به لفقده شرط الاستطاعة حسب الفرض، فبأي دليل يحكم باجزائه عن المأمور به، فان اجزاء الناقص عن الكامل والاكتفاء به في مقام الامتثال لدليل لا يستوجب اجزاء غير المأمور به عن المأمور به بوجه، فالتأييد بذلك للمقام كانه في غير محله فلاحظ.»[2]

هذا وافاد سيدنا الاستاذ (قدس سره) في مقام بيان تصحيح ما اتي به بعنوان حجة الاسلام:«بما أن الرجوع إلى كفاية مأخوذ في موضوع وجوب الحج دون مئونة عوده إلى وطنه، إذ لا دليل عليها- كما عرفت- سوى دليل نفي الحرج لا بدّ من إيقاع البحث في تلف كل منهما على حدة.أما لو تلف مئونة عوده إلى وطنه: و كان مما لا بدّ منه الرجوع إلى وطنه، بحيث يكون البقاء عليه حرجيا- فإنه مع عدم كون البقاء حرجيا عليه فلا شبهة فى الإجزاء-. فتقريب الإجزاء في هذه الصورة بأحد وجوه ثلاثة:الأول: إجزاء المحكوم بالحكم الظاهري عن الواقع، إذ اقدامه على الحج مع احتمال تلف ماله للرجوع عقلائيا لا بدّ و أن يكون مستندا إلى استصحاب بقاء المال، فكان وجوب الحج عليه وجوبا ظاهريا. فإجزاؤه عن الواقع لا بدّ أن يكون من باب إجزاء المأمور بالأمر الظاهري عن الواقع.الثاني: واجدية الفعل المأتي به للملاك، إذ لا فرق بينه و بين غيره إلا بعدم تعلق الأمر به لاجل استلزامه العسر، و هو إنما يكون لاجل الامتنان لا لقصور في نفس العمل؛ و إلا فالعمل الحرجي كغيره في كونه واجدا للملاك، فيجزي عن الواقع لحصول فرض المولى به.الثالث: انه مأمور به بالأمر الواقعي و عدم كون استلزامه للعسر المتأخر مع عدم العلم به من أول الأمر لارتفاع الأمر به. إذ أدلة رفع العسر و الحرج انما‌ تجري في المورد الذي يكون في اجرائها امتنان على العبد برفع المشقة عنه. و جريانها فيما نحن فيه ينافي الامتنان، إذ ارتفاع الأمر عن العمل مع الإتيان به لتخيل تعلقه به يستلزم الإتيان به ثانيا، و وقوع العبد في كلفة العمل مرة ثانية لعدم كون ما أتى به واقعا، و هذا ينافي التسهيل بلا اشكال.

فخلاصة هذا الوجه: هو عدم شمول أدلة نفي العسر لمثل المورد، فيكون العمل مأمورا به، إذ لا دليل على ارتفاع الأمر به.

و أما لو تلف ما به الرجوع إلى الكفاية في وطنه: فالذي يتأتى فيه من الوجوه المذكورة هو الأول لا غير، إذ بعد دخالة الرجوع إلى كفاية في موضوع الحكم يكون دخيلا فى الملاك أيضا، فانعدامه يكشف عن عدم تحقق الملاك فى العمل كما أنه يكشف عن عدم الأمر واقعا لعدم موضوعه.

نعم، هنا وجه آخر: و هو ما أشرنا إليه من ظهور أدلة اعتبار الرجوع إلى كفاية في منافاة عدم الرجوع إلى الكفاية الناشئ من الحج لوجوبه، بمعنى ان عدم الرجوع إلى الكفاية إن كان من جهة نفس أداء الحج و لولاه لما كان كذلك، كان ذلك مانعا عن وجوب الحج، أما إذا كان من جهة أخرى غير الحج بحيث تتحقق و لو لم يحج لم يمنع ذلك من وجوب الحج.

و حينئذ نقول: إن تلف ما به الرجوع إلى الكفاية إن لم يستند إلى أداء الحج بحيث كان بسبب تكويني يتحقق سواء ذهب إلى الحج أو لم يذهب، فلا يكون ذلك كاشفا عن عدم الوجوب، لما عرفت من عدم كونه مانعا عنه. و إن استند إلى اداء الحج بحيث لو لم يذهب لم يتحقق التلف، كشف تحققه عن عدم وجوب الحج عليه لعدم تحقق موضوعه.

كما افاده (قدس سره) في وجه تقريب صاحب الكفاية. بقوله قدّس سرّه: «و يقرّ به ما ورد».

هذه النصوص أجنبية عما نحن فيه، لكون محط النظر فيها بيان إجزاء هذا المقدار من الأعمال عن الحج لا غير، من دون نظر إلى بقاء الرجوع إلى كفاية و نحوه. هذا مضافا إلى انتفاء الرجوع إلى الكفاية و مئونة العود إلى وطنه بالنسبة إلى الميت، كما لا يخفى، فلا يقاس عليه ما نحن فيه.»[3]


[3] المرتقى إلى الفقه الأرقى، السيد محمد الروحاني، ج‌1، ص100 و 102.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo