< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/03/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: طاعة الوالدين
كنا فی بحث وجوب الطاعة للوالدین وان الأقرب هو القول الثالث من وجوب حُسن العِشرة اجمالا معهما، هنا نتعرض الى بقية الروايات التي بقيت:
صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يمين للولد مع والده، ولا للمملوك مع مولاه، ولا للمرأة مع زوجها، ولا نذر في معصية، ولا يمين في قطيعة[1]فلذا قيل باشتراط صحة نذر أو يمين الزوجة والعبد والولد اذن الأب والسيد والزوج فكأن هذه الموارد الثلاثة على نسق واحد كما في العبد
والجواب: ان غاية مفاد هذه الطائفة ليس هو وجوب الطاعة بل غاية مفاد هذه الطائفة انه مع نهي الوالدين يكون النذر مرجوحا لأنه يسبب مشاكسة وحزازة وغضاضة مع الأبوين ومع مرجوحية اليمين فانه ينحل، فالوجه ليس هو من جهة ان الطاعة واجبة للفعل في نفسه وانما مخالفتهما مع علمها بذلك يسبب نوع حزازة ومشاكسة مع الوالدين وهذا ينطبق على القول الثالث،ومعتبرة القداح أيضا بنفس هذا المضمن ولاحاجة للتعرض اليها
ورواية عيون أخبار الرضا (عليه السلام) فيما كتبة الامام الرضا (عليه السلام) للمأمون العباسي (لعنه الله) من محض الاسلام وشرايع الدين، قال (عليه السلام): وبر الوالدين واجب وإن كانا مشركين، ولا طاعة لهما في معصية الخالق ولا لغيرهما فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق [2] وهذه رواية طويلة الذيل وفيها بنود عديدة موزعة في أبواب الفقهية والأبواب الروائية في الوسائل لأنها تشتمل على أحكام كثيرة
ونظيرها رواية الأعمش سليمان بن مهران فهو عامي لكنه له ميل شديد الى أهله البيت (عليهم السلام) ولايبعد انه استبصر فهي رواية طويلة الذيل وموزعة في أبواب عديدة من الوسائل، ورواية الاربعمائة وهي ان امير المؤمنين (عليه السلام) في مجلس واحد حدث أصحابه بأربعمائة حكم او قاعدة وان أحد الجمل في هذه الرواية (لاتنقض اليقين بالشك بل انقضه بيقين آخر) وهذا هو أحد مصادر روايات الاستصحاب
وهذه الروايات طويلة الذيل التي تتضمن لأبواب وأحكام عديدة واعتناء الطائفة بها هو بنفسه دليل على ان الأقدمين من الرواة والأجّلة يعتبرون صدورها
فقوله (عليه السلام) وبر الوالدين واجب وإن كانا مشركين، ولا طاعة لهما في معصية الخالق ولا لغيرهما فقد يقال في غير المعصية الطاعة واجبة، ولكن الرواية هنا في صدد بيان ان الطاعة بمعنى وجوب الفعل في نفسه من باب الاحسان، فيرجع الى القول الثالث وليس الى القول الأول وهو وجوب الفعل في نفسه وقد مرّ الفرق الماهوي بين القول الأول والقول الثالث، ورواية الخصال التي هي رواية الاعمش عن الامام الصادق (عليه السلام) هي بنفس المضمون وبنفس المتن ومعروفة برواية شرايع الاسلام التي بنها الامام الصادق (عليه السلام) للأعمش
رواية ثالثة في مصباح الشريعة عن الامام الصادق (عليه السلام) وهذا الكتاب مضمونه جدا عالي وان كان المجلسي (رحمه الله) يقول ان روايات هذا الكتاب ليس اعتبارها من الطبقة الاولى ولا الثانية بل هو كتاب متوسط الاعتبار أو دون المتوسط
وقد مر بنا كرارا على هذا المطلب من ان اعتبار الكتاب عند القدماء أعظم من اعتبار سند الرواية ومر انه عندما يقال الكتاب صحيح فان هذه الصحة هي وصف للكتاب وليس وصف للروايات فليس المراد من صحة الكتاب صحة الطرق في الكتاب بل ان صحة الكتاب اصطلاح وله معنى آخر مغاير لصحة الطريق بل هو أعظم من صحة الطريق، كما ان السيد الخوئي مع انه قد ردّ على الاخباريين فقد وقع في هذه الغفلة بالنسبة لكتاب كامل الزيارات وكتاب تفسير القمي مع ان المراد ليس صحة طرق الكتاب بل المراد صحة نفس الكتاب
وان صحة الكتاب تعني ان الراوي الأول ان لم يكن متقن ولم يكن انضباطي في العمل العلمي فلايمكن القول بأن كتابه صحيح أو ان وصول كتابه الينا ليس وصولا موثوقا به فهنا يقع الاشكال في صحة الكتاب وان كان السند في داخل الكتاب صحيح أعلائي فقد يكون هناك من دلّس صورة لاسند فهنا لاتفيد صحة الطريق ولاصحة الرواية فان صحة السند وصحة الرواية فرع صحة الكتاب وليس العكس فلو كان صاحب الكتاب متين وضابط ومتقن فلا تكون صورة الرواية مزيفة وبمراجعة مقدمة كامل الزيارات والكافي والتهذيب والاستبصار والفقيه وعلي بن ابراهيم وغيرهم من الأعلام فهم جميعا بصدد تصحيح نفس الكتاب وليسوا بصدد تصحيح طرق روايات الكتاب
لذا فعند المشهور من الفقهاء حتى المحقق الحلي تكون الرواية الضعيفة سندا في كتاب صحيح أقوى عندهم صدورا وحجية من رواية صحيحة ومسندة في كتاب متوسط الاعتبار بسبب ان صحة الكتاب يثبت ان هذه الرواية حقيقة وغير مزورة لذا عندهم صحة واعتبار الكتاب مهم جدا وهكذا صحة المتن فهي مهمة عندهم، أما صحة صورة طريق الرواية فلها بدائل عندهم وليست هي ركن ركين إلاّ انها ليست بدرجة أهمية صحة الكتاب ولابدرجة صحة المتن
وأما صحة النسخ وفرقه عن صحة الكتاب فمثاله كأصل القران الكريم العظيم مع تعدد القراءات فان هذه القراءات عند السيد الخوئي وغيره من أعلام الامامية هي قراءات غير متواترة ولاصحيحة السند ولامسندة بل مرسلة ولا اعتبار لها فلايمكن الاحتجاج باختلاف القراءات في الاستنباط غاية الأمر تصح قراءتها في الصلاة وان مساحة القراءات هي مساحة هامشية في القران فان أصل متن القران الكريم هو متواتر وقطعي، فصحة الكتاب مثل أصل القران الكريم (بلا تشبيه) فكتاب الكافي متواتر عن الشيخ الكليني وقد الّفه بيده ومع ذلك ترى فيه اختلاف نسخ وكذا كتاب الفقيه والتهذيب والاستبصار
وان أعظم طريق لإثبات صحة الكتاب هو ان يتتبع الإنسان في كتب الفقه والحديث والتفسير وبقية العلوم الدينية بأن يرى اسم الكتاب على طول ومرّ القرون بأن يذكر مصدره فان كان موجودا ويذكر الى يومنا هذا فهذا طريق عظيم اجتهادي على صحة الكتاب

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo