< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/02/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

قلنا ان الشروط الجزائية لا تصح في الموارد التي فيها تحليل الحرام فالشرط الجزائي في عقد القرض لو تاخر المقرض عن سداد الدين في وقته فعليه كذا فهذا لا يجوز لانه يحلل الربا، والشرط الجزائي في بيع النسيئة اذا تأخر المشتري عن تسديد الدين فعليه كذا فانه عين الربا لانه مدين ولم يسدد الدين في وقته فعليه الزيادة وهو معنى الربا الجاهلي، فاذا تاخر البائع في بيع السلم من تسليم البضاعة في وقتها فعليه كذا وهذا شرط جزائي محرم لانه ربا فان المسلم فيه دين في ذمة البائع فتاخير الدين في مقابل المال هو الربا، وكذلك في التوريد لو اعتبرنا المورّد مدين بالبضاعة الكلية ولابد من ان يسلمها فاذا تاخر فلابد ان يدفع كذا فهو من الربا المحرم وكذا في الاستصناع لانه عبارة عن تسليم مبيع كلي موصوف باوصاف وان كان هو عمل ومادّة فالشرط الجزائي على تأخير المستصنَع هو من الربا، هذا ماقلناه الى هنا.

ان الشرط الجزائي ليس هو فقط اعطاء مال في صورة تأخر المدين عن التزاماته او عن اصل العقد، بل قد يكون الشرط الجزائي من نحو آخر كأن نشترط على المدين بانه اذا تأخر عن سداد قسط من الاقساط الواجبة فتحل جميع الاقساط، هذا شرط جزائي الاّ انه من نوع مختلف عن دفع غرامة مالية لأن الشرط الجزائي هنا ليس مقدرا معينا من النقود بل هو تعجيل اقساط مؤجلة، ونحن وسّعنا الشرط الجزائي الذي يجب الوفاء به لان الدليل الذي دل على نفوذ الشروط هو دليل واسع فانه يشمل الشرط الجزائي والتهديد المالي ويشمل ما لا ضرر في تخلف المشروط عليه لان دليل (اوفوا بالعقود) عام يشمل صورة تضرر الدائن وعدمها، فالشرط الذي يذكره المشترط في العقد اما ان تنفذ بنود العقد كما هي والاّ فهو يستحق ما اشترط سواء كان هناك ضرر او لم يكن هناك ضرر فاما ان تنفذ بنود العقد كما اراد الشارط واما انه يستحق مااشترط فهنا الشرط قد يشمل هذه الصورة وهو حلول جميع الاقساط اذا تاخرت ايها المدين عن قسط واحد تضرر الشارط او لم يتضرر فهذا الشرط الجزائي ممكن وجائز عقلا ويشمله (اوفوا بالعقود) فهو عقد واشترط فيه حلول حميع الاقساط عند التخلف عن قسط واحد ويشمله (المسلمون عند شروطهم) لان هذا الشرط لاربا فيه، فهذا الشرط الجزائي من نوع آخر لكنه صحيح لعدم وجود أي محذور منه فلا ربا منه والمشترط له غرض صحيح من هذا الشرط فشرطه ليس مخالفا للكتاب والسنة ولالمقتضى العقد وفيه غرض صحيح فيجب ان يكون هذا الشرط صحيحا معمولا به.

لا يقال: هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد، وذلك لان العقد الذي وقع هو عقد نسيئة ونجومي فاذا اشترطت هذا الشرط وقد تخلفت بالقسط الاول فتحل جميع الاقساط ومعه فسيتحول البيع الى بيع نقدي مع انه بيع نسيئة فهذا الشرط مخالف لمقتضى العقد.

والجواب: ان هذا الشرط ليس مخالفا لمقتضى العقد بل هو شرط على حلول جميع الاقساط المؤجلة عند الاخلال بدفع قسط واحد بوقته وهذا ليس مخالف لمقتضى العقد فان المخالف هو ان يتزوج ولا يستمتع مثلا اما هنا فيكون حلول الاجل عند حدوث شيئ ما، وهذا كما في من اشترى شيئا نسيئة ثم مات فان الدين يحل بمجرد موت المدين فهل هذا يعني حكم الشارع خلاف مقتضى العقد وفيما نحن فيه ايضا ليس مخالفا لمقتضى العقد فالمخالف لمقتضى العقد كالبيع بدون ثمن، ولو سلمنا وقلنا ان هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد فان كان دليله منحصرا بـ (المسلمون عند شروطهم) اي ان هذا شرط ولابد من تطبيق شروط صحة الشرط عليه ومن جملتها ان لايكون مخالفا لمقتض العقد ولكن دليله غير منحصر بهذا، فلوفرضنا عدم شمول (المسلمون عند شروطهم) له، ولكن لدينا دليل آخر وهو نقول ان الآجال التي حصلت للدين هي من حق المدين ومن مصلحته فاذا تنازل عن هذا الحق بان قال اذا تاخرت في قسط واحد فأنا اتنازل عن حقي واتفق الطرفان على اسقاط هذا الحق في حالة تاخير المدين في دفع قسط واحد فهذا جائز بلا اشكال لانه عبارة عن اسقاط حقه في التأجيل ومن حق صاحب الحق ان يسقط حقه في التأجيل، ونقول بصحة هذا لامن باب انه شرط ويعتبر في صحة الشرط ان لا يكون مخالفا لمقتضى العقد بل نقول ان هذا حق للمدين وللمدين ان يسقط حقه، ثم لنا ان نقول ان هذا الشرط ليس شرطا ماليا وانما هو مجرد تنازل عن الزمان في اداء الدين والتنازل عن الزمان لامانع فيه شرعاً ولا يلزم منه الربا وهو صحيح فالادلة على صحة هذا الشرط كثيرة منها (المسلمون عند شروطهم) ومنها ان صاحب الحق يتنازل عن حقه ومنها ان هذا ليس شرطا ماليا وانما هو تنازل عن الزمان وليس فيه رائحة الربا فيكون صحيحا، فالاشكال بأن هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد هو اشكال غير وارد وغير صحيح، كما في المدين اذا مات فان الاقساط ستحل بحكم الشارع وكما في المدين المفلس فان اقساطه تحل، الى هنا اثبتنا ان هذا الشرط الجزائي من نوع آخر وهو حلول جميع الاقساط اذا حل قسط واحد.

في الفقه السني ذكروا شيئ واقروه أيضاً في مجمع الفقه الاسلامي لدورته السادسة، قالوا في بيع التقسط: اذا اعتبر الدين حالاّ لموت المدين أو افلاسه أو مماطلته فيجوز في جميع هذه الحالات أن يحط من الدين للتعجيل بالتراضي. وهذا القرار هل فيه دليل او ليس فيه دليل فان كان فيه دليل فلابد ان نحكم به بصورة قاطعة وان لم يكم فيه دليل فلايجوز الحكم به، فنقول لا دليل على الحط للتعجيل بهذه الموارد فلو كان هناك حط بالتراضي فلا فائدة من الشرط لانه حتى لو لم يكن شرط جزائي وحتى لو لم يكن موت المدين وحتى اذا لم يكن افلاس فالتراضي لوحده كافي فلو لم يكن دليل فالحق لا فائدة فيه مع التراضي لانه مع التراضي يجوز كل شيئ، ومجمع الفقه الاسلامي اقر هذا الامر في دورته السابعة، حيث قال: الشرط الجزائي في حالة اتفاق المتداينين على حلول سائر الاقساط عند امتناع المدين عن وفاء اي قسط من الاقساط المستحقة عليه مالم يكن معسراً، اقر هذا الشرط الجزائي ولكن لم يتعرض الى الحط من الدين في مقابل التعجيل، الاّ ان المجمع في الدورة السادسة، قال: يجوز في جميع هذه الحالات الحط من الدين للتعجيل بالتراضي، فمع التراضي لا مشكلة في الامر.

نحن الى الآن دليلنا المتين على صحة الشرط الجزائي وغيره من الشروط (اوفوا بالعقود) و(المسلمون عند شروطهم) هنا الفقه السني مع ان هذه الرواية موجودة عندهم لكنهم يتعثرون في الاستدلال على الشرط الجزائي فتارة يقيسونه بالعربون وقلنا هناك فرق بين العربون وبين الشرط الجزائي فالاستدلال باطل، وان هيئة كبار العلماء اعدت بحثا على الآلة الكاتبة وقالت بصحة الشرط الجزائي وادلتهم ليس (المسلمون عند شروطهم) بل ذكروا ادلة اخرى فقالوا: أولا: الشرط الجزائي من مصلحة العقد لان الشرط الجزائي حافز لمن شرط عليه ان ينجّز ما اشترط عليه ومساعدة عليه على الوفاء لشرطه فالشرط الجزائي يمنع التماهل في العقود فالشرط الجزائي من مصلحة العقود، ثانيا: ان الشرط الجزائي شبيه باشتراط الرهن في تنفيذ العقد، ثالثا: يصح الشرط الجزائي ويلزم الوفاء به فان لم يفي بشروط العقد وتعذر استدراك ما فات تعين لمن اشترط له شرطا جزائيا التعويض، هذا ما قالوه في هذا البحث، ولكن هذا الكلام فيه جملة من الاشكالات، اولا: فان هذا القرار عام في كل عقد فالشرط الجزائي من مصلحة العقد ولكن هل يلتزمون به ويريدون منه العموم فمن العموم القرض والبيع الأجل وقطعا فيهما لا يجوز لانه ربا، وكذلك في مورد سداد جميع الديون، وبعض اعضاء هيئة العلماء (عبد الله بن منيع) أجاز الشرط الجزائي في القرض، يقول: يلزم المدين المماطل حال المماطلة بقرار من المحكمة وهذا ليس ربا بل الربا هو الاشتراط من الاول اما اذا ماطل الشخص فللمحكمة الآن ان تحكم بشيئ زائد وهو ليس ربا وهذا الحكم من المحكمة جائز، ثانيا: قولهم ان الشرط الجزائي من مصلحة العقد هذا مما لا اشكال فيه لانه يبعث ويحفّز المدين على الوفاء بدينه لكن تشبيههم الشرط الجزائي بالرهن والكفيل غير واضح فالرهن ليس فيه تعويض عن الضرر لكن الشرط الجزائي فيه تعويض عن ضرر هكذا قال الفقه الغربي والخطأ هو سبب الضرر بينما الرهن لا ضرر فيه ولا تعويض عن ضرر ثم الكفيل في الوفاء لصاحب الشرط لشرطه هو عباره عن ان الكفيل يسعى لتنفيذ العقد وعدم تأخيره بينما الشرط الجزائي تعويض عن ضرر يلحق بالشارط من عدم التنفيذ او من التاخير فالشرط الجزائي يختلف عن الكفيل لأن الشرط الجزائي ليس هو رهن وليس هو كفيل، فكيف نشبه الشرط الجزائي الذي قوامه بخطأ المدين وضرر على الدائن فنشبّهه بشيئ ليس فيه ضرر وهو الرهن والكفالة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo