< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/02/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

بعد ان بينّا فيما سبق ان الشرط الجزائي في النظم الغربية يكون صحيحاً في الفقه الاسلامي وهو شعبة من شعب (المسلمون عند شروطهم) ونفوذ الشرط اذا كانت شرائط صحة الشرط موجودة.

بعد ان بيّنا الدليل على صحة الشرط الجزائي وكونه شعبة من شعب الشروط، صرنا بصدد تقييد هذا الجواز، فقلنا:

أولاً: ان الشرط الجزائي اذا كان غير مقدر وغير محدد بل يقول اذا لم تنفذ ما عليك ايها المستَأجَر أو البائع فان الثمن سينقص فالشرط الجزائي موجود لكنه غير مقّدر بمقدار معين فهنا يبطل الشرط الجزائي لأن هذا يؤدي الى غررية المعاملة لأن الثمن والاجرة غير معلومان.

ثانياً: اذا كان الشرط الجزائي عبارة عن عدم الاجرة وعدم الثمن لاالنقصان، فاذا لم تعمل ماعليك فلا اجرة لك أي اذا أوصلتني للمقصد في غير اليوم المتفق عليه فلا اجرة لك، أو اذا تخلفت في تسليم المبيع في الوقت المعين فاني سوف آخذ المبيع ولا أعطيك الثمن فهذا الشرط الجزائي باطل لأنه مخالف لمقتضى العقد لأن المبيع والاجارة لهما اجرة فيكون الشرط الجزائي باطلاً.

ثالثاً: يبطل الشرط الجزائي اذا بطل العقد، مثلاً اذا قال آجرتك على ان تقتل فلاناً بألف دولار يوم السبت فأن تأخرت الى يوم الأحد فينقص من الاجرة مائة دولار فهذا الشرط الجزائي واقع في عقد محرم وباطل فهو ايضا باطل.

رابعاً: يعتبر في الشرط الجزائي ان لايكون مستتبعا لأمر محرم كالربا، فالشرط باطل لأنه أحل الربا أي أحل الحرام، وبعبارة اخرى اذا كان الشرط الجزائي مخالفاً للكتاب والسنة أو كان الشرط الجزائي غرريا أو غير مقدور عليه أو منافيا لمقتضى العقد فيكون الشرط باطلاً.

هناك شرط ذكرناه فيما تقدم وهو ان يعطي المقاول في العمل خطاب ضمان نهائي، فذكرنا في المناقصات ان من يريد ان يدخل في المناقصة يعطي خطاب ضمان ابتدائي اي يعطي اثنان بالمائة أو واحد بالمائة من قيمة المناقصة فلو كانت قيمة المناقصة مائة مليون دولار فيعطي مليون دولار خطاب ضمان ابتدائي، فاذا رست المناقصة عليه ولم يعمل فانه سيخسر المليون اي كأن هذا شرط جزائي، وهناك خطاب ضمان انتهائي وهو اذا تمت المعاملة ورست عليه وقبلها وبدأ بالعمل ولكنه تخلف عن بعض شروط المناقصة فيأخذون من البنك ضمان بأنه اذا تخلف عن الموعد فانه سيؤخذ منه هذا المبلغ وهذا أيضاً شرط جزائي، هذا فيما اذا كان المقاول يعمل فقط فهو شرط جزائي صحيح اي خطاب ضمان ابتدائي في مقاولة الاعمال وهو شرط جزائي، فهنا تضرر المشترط للتأخير فهنا الشرط الجزائي صحيح.

هنا شي وهو مورد للكلام: هل ان الشرط الجزائي في عقد الاستصناع صحيح أو باطل، وعقد الاستصناع هو ان نتفق مع شركة بأن تبني مصنع بحيث يكون العمل ومواد العمل من الشركة، فقد يشترط الداعي للمناقصة شرطا جزائيا عند تخلف المقاول عن تسليم المصنع الذي هو عمل ومواد فيدفع كذا، فهل هذا الشرط الجزائي في الاستصناع صحيح أو باطل، وسيأتي الكلام عنه.

خامساً: اذا كان الشرط الجزائي يؤدي الى الربا كما في عقد السلم وهي ان تعطي الثمن الآن على ان تسلمني بعد خمسة اشهر خمسمائة طن من الحنطة، وهذا المقدار من الحنطة هي في ذمة البائع اي هي دين في ذمته واشترط اذا اخّر التسليم عن الموعد فيعطي عن كل يوم كذا فهذا شرط ربوي في عقود السلم، لأن المسلَم فيه دين في ذمة البائع وكلي في ذمته، فاشتراط شيئ مع التأخير هو ربا لأن المسلَم فيه دين في ذمة البائع فاخذ شيئ مع تأخر التسليم هو ربا، لأن الربا هو اخذ ثمن في مقابل الأجل في الدين سواء كان الدين نقد في الذمة أو في العقد، فالشرط الجزائي في البيوع السلميّة باطل لأنه يؤدي الى الربا، فالشرط الجزائي لايصح في السلم لانه يؤدي الى الربا.

وكذا الكلام في عقود التوريد، فلو اشترط شيئاً عند تأخير توريد السلعة الكلية فهذا ايضا هو من الربا، لأن الشيئ الكلي هو في الذمة فهو دين، وأخذ الثمن في مقابل تأخير الدين ربا فلا تصح الشروط الجزائية في عقود السلم.

وايضا كنّا نقول في كتابا (بحوث في الفقه المعاصر) لا يصح الشرط الجزائي في عقود الاستصناع، لأن المستصنع شيئ كلي في ذمة صاحب الشركة والشي الكلي هو دين واخذ شيئ في مقابل تأخير الدين هو الربا، وقد وافقنا جملة من علماء العامة فقالوا ان الاستصناع لايصح فيه الشرط الجزائي.

فان في الاستصناع يوجد عمل وتوجد مادّة، فهل هذا العمل والمادة هو دين على الشركة أو ليس دينا، فان قلنا انه دين على الشركة فلا يصح فيه الشرط الجزائي، وان قلنا انه ليس دينا بل هو التزام من الشركة وليس كل التزام ديناً فيصح الشرط الجزائي في الاستصناع، واكثر الشروط الجزائية (تسعون بالمائة) هي في عقود الاستصناع، واخترنا سابقا كون هذا من الدين المحرم وبطلان الشرط الجزائي وقد ذكرنا هذا في كتابنا (بحوث في الفقه المعاصر) عند تعرضنا للشرط الجزائي.

والآن نعيد النظر فيه، فنرى هل الاستصناع دين فيحرم الشرط الجزائي أو ان الاستصناع يختلف عن السلم والتوريد فيصح فيه الشرط الجزائي.

وكذا لا يصح الشرط الجزائي في عقود القرض لو تأخر المدين في السداد لأن هذا هو الربا الصريح.

مجلس مجمع الفقه الاسلامي، قال: يجوز ان يتضمن عقد الاستصناع شرطا جزائيا بمقتضى ما اتفق علية العاقدان مالم تكن هناك ظروف قاهرة للمستصنَع فالشرط الجزائي يكون صحيحاً.

فنقول تارة يكون الخطأ من المدين بان لم ينفذ العقد اصلا، او انه عمل العمل ولم ينجزه، وتارة الذي أخل بالعقد هو المستصنع اي الذي عليه المال .

ونستشكل على هذا القرار ثلاث اشكالات:

الأول: لو كان الشرط الجزائي للذي عليه المال فلو لم يدفع المال وتضررت الشركة، فهنا الشرط الجزائي يكون من الربا، لان المال دين في الذمة لابد من دفعه، فكيف يفتي مجلس مجمع الفقه الاسلامي بجواز ان يتضمن عقد الاستصناع شرطا جزائيا.

الثاني: اذا اخل الصانع بالتزامه فان كان اخلاله بتأخير تسليم المستصنع فهو غير جائز فهو من قبيل أتقضي أم تربي فالمستصنَع دين عليه فاذا تأخر في تسليمه يعطي مالاً وهذا ملتزم وهو من ضروب الدين فغرامات التأخير على سداد الدين هي من الربا الجاهلي.

الثالث: اذا أخل الصانع ولم يلتزم بأي شيئ ولم ينفذ العقد أصلا وكان هناك شرطاً جزائياً في صورة عدم تنفيذ العقد اصلاً، هنا يكون الشرط الجزائي صحيحا، لانه هنا لا يوجد دين بل هو شرط جزائي على عدم تنفيذ العقد، هذا ما كنّا نقوله في كتابنا وقال ان هذا التزام وليس كل التزام دين فهنا يُدعى ان عقد الاستصناع فيه التزام من قبل الشركة في التسليم.

الاّ ان هذا الالتزام ليس دينا فقد اجازوه وممن اجاه الصديق الضرير وهو برفسور عالم سوداني فقد اجاز الشرط الجزائي في عقد الاستصناع، ياتي الكلام في مناقشته او تأييده.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo