< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

قلنا فيما تقدم ان الفقه الاسلامي يرى وجوب العمل بالشروط لكن هذا الوجوب المستفاد من (اوفوا بالعقود) و (المؤمنون عند شروطهم) له قيد وهو بشرط ان يكون الشرط صحيحا فصحة الشرط لها شروط، فكل شرط في المعاملة يجب الوفاء به حسب (اوفوا بالعقود) و (المؤمنون عند شروطهم) وهو يعني لابد من الوفاء بكل عقد وشرط.

شروط صحة الشرط

الاول: وقد تقدم وهو ان لا يكون الشرط مخالفا للكتاب والسنة.

الثاني: ان يكون الشرط ملتزماً به في ضمن العقد أو مبنيا عليه العقد، فلا يكفي ان يذكر المتعاقدان شرطاً قبل العقد ولم يكن العقد مبنيا عليه، فان (المؤمنون عند شروطهم) يشمل المعاملة المعاوضية ويشمل الالتزام في مقابل الالتزام في معاملة غير معاوضية، وهذا هو المشهور عندنا.

ونحن قد ناقشنا ذلك وقلنا ان (اوفوا بالعقود) تشمل العقود المعاوضية والعقود غير المعاوضية وكذا (المؤمنون عند شروطهم) فهو التزام في مقابل التزام وشرط في مقابل شرط.

اذاً الشرط الثاني لصحة الشروط قالوا هو ان يكون الشرط في متن العقد وقد ناقشنا لزوم كون العقد معاوضيا.

الثالث: الشرط اذا كان مخالفا لمقتضى العقد فهو باطل، كما اذا اشترى سلعة بشرط ان لا يكون لها ثمن.

الرابع: ان لا يكون الشرط مجهولاً لأن جهالة الشرط تؤدي الى الغرر في البيع، لان الشرط هو جزء من العوضين وان كان لا يقسم الثمن على السلعة وعلى الشرط لكن الشرط دخيل في زيادة الثمن ونقصانه، يعني ان البايع اذا اشترط على المشتري فان الثمن سيكون اقل واما اذا اشترط المشتري على البائع فان الثمن سيكون اكثر، فالشرط يزيد وينقص في الثمن فلابد ان يكون معلوما لتفادي الغرر.

الخامس: ان يكون الشرط مقدورا عليه للمشروط عليه لأن الالتزام والشرط لا يتعلق بغير المقدور والقدرة هي شرط التكليف بالعمل، فغير المقدور لاتكليف فيه فلابد من القدرة على الشرط.

السادس: ان يكون في الشرط غرض عقلائي معتدا به، لان الشرط يوجب حقا للشارط وما لم يكن في الشرط غرض عقلائي لايعد حقا للشارط ولا يعتني به الشارع فلا يوجب الوفاء به، اذاً من صحة شروط الشرط ان يكون له غرض عقلائي لان الشرط يكون حقا للشارط.

بالاضافة الى هذه الشروط

نقول لا يوجد نص معتبر يحرم الشرط في العقد، فشرط العقد صحيح ولايوجد نص معتبر يحرم الشرط في العقد، نعم يوجد نص ولكنه غير معتبر وهو ماذكره العامة (نهى النبي عن بيع وشرط) فقد ذكروا ان هذا الحديث ليس له اصل كابن قدامة واحمد بن حنبل فلم يُرو في احد المسانيد الحديثية مع انه يوجد له معارض وهو (المسلمون عند شروطهم) اي الشرط الذي في ضمن العقد يجب الوفاء به، وقد تقدم منّا ان هذا الحديث لم يعمل به العامة على عمومهم فلم يعملوا باطلاقه.

اذاً الى هنا نحن ركزنا على ان الشرط الجزائي هو شرط صحيح لشمول (المسلمون عند شروطهم) له وان كان هو شعبة من الشروط، فاحد الشروط هو الشرط الجزائي.

ويوجد دليل آخر ورد في الاجارة يدل على نفوذ الشرط الجزائي، وقد ذكرنا هذا الدليل في كتابنا (بحوث الفقه المعاصر) حينما تعرضنا للشرط الجزائي قلنا هناك دليل خاص على نفوذ الشرط الجزائي، وهو الروايه الصحيحة الواردة في الاجارة، فقد ذكر صاحب الجواهر: لو استاجره ليحمل له متاعا الى موضع معين باجرة معينة واشترط عليه وصوله في وقت معين، فان قصّر عنه نقص من اجرته شيئاً معين جاز وفاقا للأكثر نقلا وتحصيلا، بل المشهور كذلك للأصل وقاعدة (المؤمنون عند شروطهم) والصحيح اوالموثق اوالخبر المنجبر بما عرفت عن محمد الحلبي، قال: كنت قاعدا عند قاضي من القضاة وعنده ابو جعفر(عليه السلام) جالس فاتاه رجلان فقال احدهما اني تكاريت ابل هذا الرجل ليحمل لي متاعا الى بعض المعادن واشترطت عليه ان يدخل المعدن يوم كذا وكذا، لأنها سوق اتخوف ان يفوتني فان احتبست عن ذلك حططت من الكرى بكل يوم احتبسته كذا وكذا وانه حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوما، فقال القاضي هذا شرط فاسد وفّه كراه، فلما قام الرجل اقبل اليّ ابو جعفر (عليه السلام) فقال شرط هذا جائز مالم يحط بجميع كراه. والرواية صحيحة والاجارة ليس لها خصوصية، فنقول ان الشرط الجزائي صحيح في الاجارة أو في البيع اذا تخلف عن التنفيذ والاعطاء.

ومقابل الاكثر والمشهور فقد اشكل في صحة هذا الشرط وقالوا ان هذا الشرط يوجب تعليقا وجهالة وابهاما.

واشكال آخر وهو ان هذا كالبيع بثمنين، كأن تقول بعتك هذه السلعة نقدا بكذا ونسيئة بكذا فلو لم يعين النقد او النسيئة فان البيع غير صحيح فقالوا هذا كالبيع بثمنين، ولذلك المحقق الكركي في كتابه جامع المقاصد وغيره من المحققين ذهبوا الى بطلان هذا الشرط الذي فيه رواية صحيحة وقالوا ان هذه الرواية اما ان نطرحها او نحملها على الجعالة او نحو ذلك فجامع المقاصد لأجل الاشكالين طرح هذه الرواية مع انها صحيحة.

فنقول لجامع المقاصدك ان هذا اجتهاد في مقابل النص لان الرواية هي تقول صحيح (شرط هذا في الاجارة) وانت تحملها على الجعالة، مع انه لاتعليق ولاجهالة ولاابهام في الاجارة فانه لم يستأجر بالناقص لو لم يصل في اليوم المعين بل الاجرة معينة ان وصل في اليوم المعين فان تأخر نقص من الاجرة، لا انّ الاجرة ناقصة وهذا شرط في متن العقد على نحو شرط النتيجة أو شرط الفعل فالاجرة معينة ولا تعليق فيها، فشرط النتيجة يعني انا ملكت بعض الاجرة، وشرط الفعل يعني لابد ان يعطيني شيئ، فلاتعليق ولاابهام في الاجارة ولاجهالة فالاجرة معينة، في هذا اليوم كذا وفي اليوم الاخر كذا فالاجرة غير معلقة بل هي معينة.

وثم قال ان هذا مثل البيع بثمنين فنقول ان هذا ليس صحيح ايضا لان المشابهة للبيع بثمنين ان يقول هكذا: ان خطت هذه العبائة خياطة روميّة فلك درهم وان خطتها خياطة فارسية فلك نصف درهم وهذه هي المشابهة للبيع بثمنين أما مانحن فيه فهو ليس مشابهة ولذلك من قال بالصحة هنا قال بعدم الصحة في الخياطة الرومية والفارسية وذلك لان المستأجر عليه معين ليس كالبيع بثمنين لكن اشترط ان ينقص المعين اذا تأخر وهذا شرط صحيح لعموم (المسلمون عند شروطهم) واطلاق هذه الرواية في الاجارة.

فاشكالات صاحب المقاصد غير واردة.

لكن عندنا شي في كتابنا (بحوث الفقه المعاصر) قلنا ان هذه الرواية دلت على صحة الشرط في تنقيص الاجرة، وقلنا هذه دلت على صحة الشرط الجزائي وان الشرط الجزائي هو ان يكون خطأ من المستاجَر و اوجب ضرر على المستاجر وفرق بين الخطأ والضرر وان يكون الدائن منبّها له، وهنا ليس كذلك فهنا عندما أخطأ المدين لم يتحقق ضرر على المستاجر بل حصل عدم نفع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo