< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/02/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

بالنسبة للشرط التهديدي الذي تكلّم عنه الفقه الوضعي كلاما طويلا وقال ان هذا الشرط التهديدي لايراد بنفسه انما يراد لاجل الضغط على الملتزم لتنفيذ ماعليه فهو كالتعزير والعقوبة، وحينئذ اقر انه شرط تهديدي من الحاكم او من احد المتعاقدين لكن اذا لم ينفع في ردع الملتزم عن عدم التنفيذ فيبطل والقاضي يقدر لاضرر الذي حصل من عدم التنفيذ.

قلنا هذا الكلام في الفقه الوضعي ليس له مجال في الفقه الاسلامي مع وجود (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم) فالفقه الاسلامي يتمكن ان يقول ان المتعاقدين اذا تعاقدا وكانت شروط العوضين والعقد والمتعاقدين موجودة.

للمتعاقدين ان يشترطا في العقد كل شرط:

١ سواء كان الشرط تعويض الضرر.

٢ او يكون الشرط تقدير تعويض الضرر.

٣ او يكون الشرط دفع كمية من المال وان لم يحصل ضرر.

٤ او يكون المبلغ المشروط كبيرا وان لم يكم هناك ضرر.

فما دام المتعاقدين عاقلين ورشيدين وتوفرت شروط العقد والعوضين فلهما اشتراط ما أرادا، والشرط هو سلاح ذو حدين فاما ان تعمل ببنود العقد فهو المطلوب واما أن لاتعمل ببنود العقد فلابد من اعطاء الشرط المشترط من المال سواء كان هناك ضرر او لم يكن هناك ضرر.

ملاحظة

هذه الملاحظة تجري هنا وفي الشرط الجزائي أيضاً، وهي:

ان الشرط الجزائي الذي ذكره الفقه الغربي وقد قبلناه على انه شعبة من الشروط، فسوف يأتي ان الشرط الجزائي لا يعني ان جميع الاجرة ستنتفي بمعنى انك لوخالفت بنود الاجارة فتعطيني تسعين بالمائة من الثمن فهو ممكن ولكن لا يصح ان نشترط اعطاء جميع الاجرة، وذلك لوجود دليل في خصوص الاجارة، وكذا في الشرط التهديدي الذي صححناه خلافا للفقه الغربي فنشترط ان لايكون قد تم اسقاط جميع الثمن ويأتي عنه الكلام فيما بعد، فلاحاجة الى هذه التفصيلات التي ذكرها الفقه الغربي استنادا الى ادلة الشرع الاسلامي الذي قال (اوفوا بالعقود) وان الوفاء يعني الوفاء بالعقد وبشروط العقد وكذا (المسلمون عند شروطهم) فكل شرط توفرت فيه شروط العقد فهو صحيح ويجب الالتزام به.

ادلة نفوذ الشروط

ثم ان سندنا في نفوذ الشروط، هو:

رواية (المسلمون عند شروطهم) التي يرويها عبد الله بن سنان بسند تام عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: سمعته يقول: (من اشترط شرطا مخالفا لكتاب الله فلا يجوز له ولا يجوز على الذي اشترط عليه والمسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب الله عزوجل) وعين هذه الرواية مروية عن عبد الله بن سنان أيضا بسند آخر تام عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: (المسلمون عند شروطهم الاّ كل شرط خالف كتاب الله عزوجل فلا يجوز) وهذه الرواية الواحدة لها سندان.

وروى الشيخ الطوسي باسناده عن الصفار عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب عن اسحاق بن عمار عن جعفر عن ابيه (عليهما السلام) قال: ان على بن ابي طالب (عليه السلام) كان يقول: من شرط لامرأته شرطا فليفي لها به فان المسلمين عند شروطهم الاّ شرطا حرم حلالا او احل حراما) وهذه الرواية ايضا تامة السنه فان بعض اسانيد الشيخ الطوسي الى الصفار تامة، فان الشيخ الطوسي له اسانيد ثلاثة الى الصفار بعضها تام وبعضها غير تام وهذه سندها تام، وان غياث بن كلوب الذي في سلسلة السند يظهر توثيقه من كلام الشيخ الطوسي في كتاب العدة وحسن بن موسى الخشاب يظهر توثيقه من النجاشي حيث قال من وجوه اصحابنا مشهور كثير العلم والحديث فهذا المدح يدل على انه حسن ان لم يكن مو ثق فالرواية تامة.

والرواية الاخرى التي هي سند نفوذ الشروط ووجوب العمل بها، عن علي بن رئاب ايضا بسند تام عن ابي الحسن موسى بن جعفر (عليها السلام) سُئل وانا حاضر عن رجل تزوج امرأة على مائة دينار على ان تخرج معه الى بلاده فان لم تخرج معه فان مهرما خمسون ديناراً ان أبت ان تخرج معه الى بلاده، قال الامام (عليه السلام): ان اراد ان يخرج بها الى بلاد الشرك فلا شرط له عليها (من باب التعرب بعد الهجرة) ولها مائة دينار التي اصدقها ايها، وان اراد ان يخرج بها الى بلاد المسلمين ودار الاسلام فله ما اشترط عليها والمسلمون عند شروطهم) وهذه رواية معتبرة وهي دليل على صحة نفوذ الشروط على الاطلاق لاالشرط الجزائي فحسب.

الرواية الاخرى، عن منصور بدرج بسند تام أيضا عن عبد صالح (الامام الكاظم او الصادق (عليهما السلام) وذلك للظروف الصعبة التي أوجب العمل بالتقية، او عن الرجل وهو اشارة الى الامام) قال قلت له ان رجل من مواليك تزوج امرأة ثم طلقها فبانت منه، فاراد ان يراجعها بعد انتهاء العدة فأبت عليه الاّ ان تجعل لله عليه ان لا يطلقها ولا يتزوج عليها فاعطاها ذلك، ثم بدا له في التزويج بعد ذلك فقال الامام (عليه السلام): بئس ماصنع وما كان يدريه ما يقع في قلبه في الليل والنهار، قل له فليفي للمرأة بشرطها فان رسول الله (صلى الله عليه واله) قال: (المؤمنون عند شروطهم) وهذه الرواية في العهد، لكن الامام (عليه السلام) قال: (قل له فليفي للمراة بشرطها) فجواب الامام في الشروط، فاما ان يكون الامام (عليه السلام) قد فهم ان المراة اشترطت عليه فقبل الشرط، ولم تكتفي بذلك بل اضافت العهد، او ان نفس العهد مستبطن لشرطها عليه ذلك فشرطها ان يعاهد الله، ثم ان فقرات هذه الرواية مرتبكة فالسؤال عن العهد وجواب الامام عن الشرط، فالرواية فيها ثلاثة فقرات الاولى عن العهد والثانية عن الشرط ولا ارتباط بينهما ولكن المفيد هو الفقرة الثالثة التي تقول ان رسول الله قال: (المؤمنون عند شروطهم) فالرواية تامة وتدل على وجوب الوفاء بالشرط مطلق، فالشرط الجزائي شعبة من شعب الشرط والشرط التهديدي ايضا شعبة من شعب الشرط ولامانع منه.

اذاً عموم وجوب الوفاء بالعقد بعد كون الشرط كالجزء من العقد يوجب وجوب الوفاء بكل شرط لأن الشرط جزء من العقد فــ (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم) يعني كون المؤمن عند شرطة أي ملازمته للشرط ويتعين عليه انهائه واتمام وتنفيذ الشرط فاذا خالف يتعين عليه الجزاء، فيجب تكليفا العمل بالشرط كما يجب تكليفا العمل بالعهد، فنقول اذا وجب الوفاء بالعقد فيعني ان العقد صحيح ولازم فالصحة واللزوم يترتبان على الحكم التكليفي المستفاد من الآية، فاذا امتنع المشروط عليه من العمل بالشرط فاجبره بالقوة أو اذا ذهب الى المحكمة، اما اذا لم اتمكن من اجباره ولاتوجد محكمة فلي خيار الفسخ لان الشرط لم يتنفذ.

يوجد عنوان يقال له النظام العام لصحة الشروط ونفوذها، اي هناك شروط لصحة الشرط، فالعامة قالوا ان الاصل في العقود والشروط الحضر الاّ ما ورد من الشرع باجازته وهذا قول اهل الظاهر وكثير ممن عمل باصول ابي حنيفة ومن عمل باصول الشافعي وهو ان العقود والشروط مبنية على المنع الاّ اذا دل الدليل على الجواز، ولكن هناك من الفقهاء من قال ان الاصل في العقود الجواز والصحة ولا يبطل من العقود الاّ ما دل الدليل على بطلانه، هنا اصول احمد بن حنبل اكثرها تجري على هذا وهو ان الاصل في العقود والشروط هو الصحة والجواز، ومالك الذي هو رئس مذهب المالكية قريب من احمد ولكن احمد بن حنبل اكثر تصحيحا للشروط.

وهذا الاختلاف ايضا موجود عندنا نحن الامامية من ان الاصل في العقود المنع او الجواز: فهناك من قال الاصل في العقود المنع الاّ مادل عليه دليل فلم يقبل العقود الجديدية التي وجدت على الساحة رغم انها واجدة لشروط العقد والمتعاقدين والعوضين، والقسم الآخر وهو القسم المنصور والمؤيد يقول ان الاصل الصحة والجواز الاّ ما دل الدليل على بطلانه، فكل عقد موجود في الخارج الآن صحيح الاّ ان يدل دليل على البطلان.

شروط صحة الشرط

وقد ذكر العلماء شروط سته او سبعة لصحة الشرط:

الاول: هو هذه الرواية وهو ان الشرط ينبغي ان لا يخالف الكتاب ولا يخالف السنّة اي ان لا يكون الشرط محللا للحرام او محرما للحلال.

وهناك شروط اخرى وهو ان الشرط اذا كان صحيحا وتوفرت فيه شروط الصحة فيجب العمل به تكليفا ويجبر المشروط عليه على تنفيذه والاّ فله خيار الفسخ سواء كان الشرط الصحيح على وجود ضرر او بدون ضرر (فان المسلمين عند شروطهم)

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo