< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/02/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

كنّا نتكلم في الشرط الجزائي وقلنا ان دليله عندنا (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم) الاّ شرطا خالف كتاب الله وسنّة نبيه، اما عند القوم فهم يحاولون ان يصححوا الشرط الجزائي بقياسه على العربون، وقد تقدم خطأ هذا المسلك .

الآن ننتقل الى شيئ يشبه الشرط الجزائي، وهو:

(التهديد المالي) أو (الشرط التهديدي)

والاصل في هذا في الفقه الوضعي ان يصدر من القضاء على الملتزم المتعنت في تنفيذ التزاماته، يعني انا ملتزم لك باشياء فسواء كانت هذه الالتزمات عن عقد او عن نص شرعي ولكنني أمتنع عن تنفيذ الالتزامات، او أتاخر في تنفيذها اكثر من المدة المسموحة، فهنا يوجد القضاء شرطا تهديديا على الملتزم المتعنت، فكاّن المحكمة تعاقب هذا الملتزم بالتهديد المالي فهو عقوبة من المحكمة.

لكن الفقه الوضعي قال يمكن لاحد المتعاقدين ان يجعل شرطا تهديديا على المتخلف عن تنفيذ العقد او المتاخر في تنفيذه، فالاصل فيه من القضاء ولكن الفقه الوضعي قال يمكن لأحد المتعاقدين، فهو عقوبة فرضها الدائن على المدين فكما ان المحكمة والقاضي يضع عقوبة على الملتزم بأشياء ولا ينفذها، فهنا أحد المتعاقدين يضع شرطا تهديديا على الآخر الملتزم باشياء ولا يفعلها او انه يتاخر في تنفيذها فالاصل فيه القضاء ولكن تعدينا من القضاء الى احد المتعاقدين.

الفرق بين الشرط الجزائي والشرط التهديدي

اولا: ان التهديد المالي في الفقه الوضعي تحكمي ولايقاس بالضرر، بينما الشرط الجزائي يقاس بالضرر وهذا الضرر نقدره، فالشرط الجزائي يقاس بالضرر بينما الشرط التهديدي هنا الذي يصدر من المحكمة كأصل ويجوز لأحد المتعاقدين ان يفعله فهو تهديد مالي تحكمي لا يقاس بالضرر.

ثانيا: يكون التهديد المالي فيما اذا كان هناك التزام من احد الطرفين امتنع من تنفيذه الملتزم مع ان تنفيذه العيني لا يزال قائما.

ثالثا: انّ لتدخل الملتزم الشخصي دخل في التنفيذ، فعندما نجعل غرامة تهديدية ونهدده وفعمل بالتزامه ويحصل مانريده.

رابعا: ان يطالب الشارط بالتهديد المالي والشرط التهديدي.

ميدان الشرط التهديدي

ان ميدان الشرط التهديدي واسع، مثلا قد يلتزم الانسان بعمل فنّي كتنظيم اعمال الكمبيوتر، فاذا التزم الانسان بشركة بان يعمل عملا فنيا مقابل شيئ فياتي التهديد المالي للعمل بالتزامه فهو عقوبة، كذلك الالتزام بتقديم الخدمات للمشتركين فهذا العمل مقابل اجر، فلو امتنع من التنفيذ فيمكن جعل شرط تهديدي مقابل تنفيذه للعمل، فليس المقصود اخذ الغرامة بل المقصود الاصلي هو عدم تقصيره بالعمل لكن الشرطا التهديدي هو عقوبة وغرامة ويتدخل هذا الشرط في التنفيذ العيني ونحصل على مانريد، ولابد من بقاء التنفيذ العيني في تحقق الشرط التهديدي، اما الشرط الجزائي فهو فيما كان التنفيذ مستحيلاً في الوقت المعين، والشرط التهديدي فيما اذا كان تدخل الملتزم شخصيا يحصّل التنفيذ العيني.

ومن موارد التهديد المالي هو اذا التزم الانسان ان يسلم العين المؤجرة في الوقت المعين وتخلف عن ذلك، فيأتي الشرط التهديدي لأن المراد الاصلي الالتزام بتسليم العين، ويأتي الشرط التهديدي في الاحوال الشخصية كما اذا التزم الرجل ان يسلم الاولاد الى امهم لحضانتهم فلو لم يسلم الاولاد الى امهم فعليه شرطا تهديديا، والغرض من ذلك ان يلتزم وينفذ ما التزم به فهو كالتخويف وليس مرادا أصليا بينما الشرط الجزائي هو مراد بالاصل، كذلك اذا التزمت الزوجة بالذهاب الى محل الطاعة في مقابل عقد الزواج والتزم الزوج بالانفاق عليها ورعايتها فاذا لم تلتزم بالذهاب الى محل الطاعة فيضعون عليها شرطا تهديديا والغرض من الشرط التهديدي هو الذهاب الى بيت الزوج، وكذا اذا التزم الممثل ان يمثل في مسرح معين وان لا يمثل في مسرح معين، فهنا يضعون له شرط تهديدي وهو انه اذا مثلت في مسرح آخر فعليك اضعاف ما استلمت من الاجر والغرض هو ان يختص بهذا المسرح ولا يذهب الى غيره، وكذا بالنسبة للمهندس والطيب الحاذق فيضعون شرطا تهديديا كي لا يعمل في مستشفى اخرى.

التهديد المالي او الشرط التهديدي له ميزة اخرى وهي ان الشرط الجزائي يحدد مرة واحدة والشرط التهديدي لا يحدد مرة واحدة فيقال ان المرأة اذا لم تذهب الى بيت الطاعة في الاسبوع الاول فعليها كذا واذا لم تذهب بالاسبوع الثاني فيتضاعف المبلغ واذا لم تذهب في الاسبوع الثالث فيكون اكثر وهكذا فللشرط تحديديات مختلفة بعدد المخالفات فالتهديد المالي لا يقّدر دفعة واحدة، فالملتزم يشعر بانه كلما زاد في تاخير التنفيذ فأن الغرامة التي يحكم بها ستكون أزيد.

ان هذا التهديد المالي اذا تحوّل الى تعويض نهائي فان الشرط التهديدي سيبطل لان أخذ المال ليس هو الغرض من الشرط التهديدي بل الغرض منه التخويف، فاذا لم يؤثر الشرط التهديدي بالمشروط عليه فالشرط سيبطل ويقّدر القاضي مقدار قيمة الضرر الواقع على المشترط، فالشرط التهديدي صوري وتحكمي وهذا كله ما قاله الفقه الوضعي، فالغرامة التهديدية هي وسيلة للضغط على الملتزم والتغلب على عناده ليحمل على تنفيذ الالتزام، فهو وسيلة من وسائل التنفيذ العيني الجبري كما في الملتزم بشيئ فالحاكم يجبره على تنفيذ الالتزام .

فالشرط التهديدي في الفقه الوضعي هو وسيلة للضغط على الملتزم والتغلب على عناده كما في الاجبار والتعزير قد ينفع وقد لاينفع.

دليل الشرط التهديدي

اما دليل الفقه الوضعي على التخويف والتهديد المالى الذي لا يراد لنفسه بل لأجل الضغط على المشترط عليه، فيقولون:

القوانين الغربية لايوجد فيها سند لهذا التهديد المالي وقد عمل به القضاء بدون سند قانوني، فالمحكمة بسلطة الامر حكمت بالتهديد المالي على الملتزم الممتنع من تنفيذ التزامه.

لكن هذا خروج عن قوانين القضاء لأن الشرط التهديدي لادليل ولا سند له في الشرع والقانون، فالشرط التهددي يعني ان القاضي لابد ان يبسط سلطته على جلسة القضاء ويحكم بذلك.

اما الفقه الاسلامي بما انه صادر من المشرع الاعظم العالم بما يحتاجه البشر فان قوانيه ثابتة ومتطورة من أول يوم فعندما يقول (اوفوا بالعقود) فان هذه القاعدة ثابتة ولم تتغير من اليوم الاول وكذا (المسلمون عند شروطهم) الاّ شرطا خالف كتاب الله وسنّة نبيه أو غير مقدور أو محرم أو انه غرري او غير ممكن فالحكم ثابت من الاول، بناء على هذا فان الشرط التهديدي الذي يراد منه اجبار الملتزم بالالتزام هو شرط صحيح حتى لوكان وسيلة للضغط لأجل العمل بالشرط التهديدي الذي رضي به.

فالاسلام عندما قال (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم) فالشرط الجزائي صحيح لانه شعبة من الشروط للضغط، فاما ان احصل على ما اشترطت عليه في العقد او احصل على هذا الشرط وهذا هو عين معنى الشرط، فالشرط التهديدي والشرط الجزائي في الفقه الاسلامي (اوفوا بالعقود) و (المسلمون عند شروطهم) جائز اذا كان الشرط صحيحا ولم يكشف عن سفاهة احد المتعاقدين، والاّ فيكون العقد باطلا لسفاهة احد المتعاقدين .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo