< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/01/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الشرط الجزائي.

ذكرنا امثلة متعددة للشرط الجزائي وكان بعضها عبارة عن نقد ومال يحصل عليه المشترط عند حصول الضرر وبعضها امتناع عن عمل وبعضها عمل معين، لكن المهم الذي تقدم وكان موجودا في طي المواد القانونية هو عبارة عن نقطتين:

الاول : ان الشرط الجزائي قد يكون في اتفاق لائق بعد العقد فياتي الشرط الجزائي في مرحلة لاحقة للعقد قبل حصول الضرر.

الثانية: ان الشرط الجزائي قد يكون على تقدير التعويض المستحق من مصدر غير العقد فالعمل غير المشروع لا عقد فيه وانما وجد عمل غير مشروع.

بالنسبة الى النقطة الاولى وهي ان الشرط الجزائي يكون لاحق للعقد كما اذا قال احد الطرفين نحن اشترطنا عليك ان تنفيذ العقد اول شهر رمضان، ثم يقول ان تأخرت في تنفيذ الالتزام فلك كذا ولكن اذا نفذته اول شهر رمضان فاعطيني جائزه وقبل كل منهما، فالمشترط يقول ان نفذت العقد فاعطيك هدية كذا، فصار هذا عقد جديد فتعهد من له العقد ان يدفع مكافئة لو تم تنفيذ العقد في الوقت، فلو وجد الشرط الجزائي بعد العقد بهذه الصورة في عقد فهو صحيح، فالشرط الجزائي اذا كان بهذه الصورة فهو شرط ملزم، اما اذا كان الشرط الجزائي الاحق ليس عقدا وليس هو عقد فلا يجب الوفاء به كما اذا قال المشترط عليه التنفيذ اول شهر رمضان ان لم اسلم لك السلعة في اول شهر رمضان فلك منيّ كذا من دون ان يتعهد المشترط له بدفع شيئ اذا سلم في او شهر رمضان اي من دون التزام من الطرف الثاني، فهذا الشرط الجزائي الذي هو من قبل المشترط عليه التنفيذ في اول شهر رمضان كما اذا جاء رجل من خارج العراق وقال التزم لكم ببناء مستشفى وخرج، فهذا شرط ابتدائي وهو تعهد من طرف واحد، فالشرط الجزائي الذي يكون تابع للعقد يكون صحيحا في موردين ولا يكون صحيحا في مورد واحد وهو ما اذا كان الشرط الجزائي التزام من المشروط عليه فقط من دون التزام من المشروط له، فيكون وعدا ابتدائيا والوعود اذا لم تصل الى مرحلة العهود فلا يجب الوفاءبه، وان كانت هناك ادلة مستحبة على الوفاء بالوعد.

ثم انهم يقولون ان الشرط الجزائي قد يكون على عمل غير مشروع كما لو اقول للمراة اتزوجك عند نهاية الدراسة وقالت نعم انتظرك فهنا اذا تخلف احدنا ونجعل شرط جزائي على المتخلف فالشرط صحيح لانها انتظرتني وهذا عهد لكنه غير معاوضي، فهنا تعهد من المراة فانتظرتني وتعهد مني ان اتزوجها فهذا عقد لكنه ليس عقدا معاوضيا بل هو التزام فيشمله (اوفوا بالعقود) غايته قد يكون عقدا معاوضيا وقد يكون عقدا ليس معاوضيا كما فيما نحن فيه.

ميزة الشرط الجزائي

الشرط الجزائي كما قلنا هو شعبة من الشروط كما (المؤمنون عند شروطهم)، انما ميزة الشرط الجزائي انه ليس سبب في استحقاق التعويض بل هو سبب في تقدير التعويض لا سبب في استحقاق لالتعويض اي ان هذا المتعاقد معي يجب عليه التعويض بانه قصّر او تعدى فاما ان تكون مسؤليته عقدية او مسؤليته تقصيرية اي تعدى عليّ، فاذا خالف بنود العقد فهو مسؤول مسؤلية عقدية وان تعدى بعمل غير مشروع فالمسؤلية تقصيرية فهو متعدي او مقصر اذا هو ضامن، فسبب استحقاق التعويض حصل بتعديه وتقصيره والشرط الجزائي ليس سبب باستحقاق التعويض بل استحقاق التعويض حصل بتعديه وبتفريطه فالشرط الجزائي هو سبب في تقدير هذا التعويض، اذا هو ليس التزام اصلي بالتعويض ولكن يتولد عنه التزام تبعي بتقديم التعويض، فليس الشرط هو سبب التعويض انما الشرط سبب لتقدير التعويض الذي هو ثابت لتعديه وتقصيره فهو ضامن، وبعضهم يعبر عن الشرط الجزائي بالضمان فانه فعل فعلا فيه تقصير او تعدي فهو ضامن، الشرط الجزائي يقدر ذلك الضمان، فجاء القانون وقال نحن نرى هل هذا التقدير مجحف او غير مجحف فاذا كان غير مجحفا فنتركه والاّ فنزيده او ننقصه، ثم ان نقصان الشرط الجزائي فنقول بما انه تقدير عن تعويض الضرر الذي حصل من الملتزم لانه خالف التزامه فيجوز تخفيضه.

تخفيض الشرط الجزائي في صورتين:

الصورة الاولى: اذا كان الشرط الجزائي تقديرا لتعويض ناشئ من عدم تنفيذ المعين الالتزام الاصلي، فاذا اوقف العمل في الاثناء فهل نأخذ الشرط فيقولون لا يجوز لانه في عدم العمل بالمرّة فينقص الشرط الجزائي في هذه الصورة الى النصف، وكذا اذا انهى ثلاثة ارباع العمل فياخذ منه بالمقدار، فالقاضي يخفض الشرط الجزائي بنسبة العمل اذا كان الشرط الجزائي تقديرا لعدم التنفيذ اصلاً، اما اذ كان الشرط في صورة عدم التنفيذ الكامل وان اكمل اكثر العمل فعليك هذا الشرط الجزائي فهنا ينفذ الشرط الجزائي باكمله.

وهذه الصورة الاولى نقبلها لان الشرط الجزائي اذا كان على عدم البدأ بالعمل اصلا وقد بدأ بالعمل الى النصف فلا يؤخذ منه كمال الشرط الجزائي لانه تقدير لتعويض الضرر.

الصورة الثانية: اذا اثبت المشترط عليه ان تقدير التعويض كان مبالغا فيه الى درجة كبيرة، فقالوا بان الشرط الجزائي يتمكن القاضي ان يخفضه بعد اثبات ان شرط التعويض كان مبالغا فيه الى درجة كبيرة، لان الاصل في الشرط الجزائي هو تقدير لتعويض الضرر فاذا كان مبالغا فيه فللقاضي تخفيضه.

بعض القوانين خالفت تدخل القاضي في هذه الصورة، منها لقنون المدني الفرنسي في المادة 1152 يقول: وطبق القضاء عدم تخفيض الشرط الجزائي لو اثبت انه مبالغ فيه الى درجة كبيرة لان الفائدة من الشرط الجزائي هو قطع السبيل على الملتزم المدين في المحاجة والجدل في مقدار التعويض المستحق، فالقانون المدني الفرنسي لا يقبل تدخل القاضي في تقدير الضرر لانتفاء فائدة الشرط الجزائي بذلك، وهذه المناقشة هي مناقشة صحيحة وذلك فان المدين اذا تمكن من الاتيان بمن يقدر الضرر فستنتفي فائدة الشرط الجزائي، بخلاف الصورة الاولى التي قبلناها انه كان الشرط الجزائي على عدم التنفيذ اصلا مع انه الان قد نفذ اكثر العمل فنقسّم الشرط الجزائي بمقدار العمل، فمناقشة القانون الفرنسي لابأس بها.

الشرط الجزائي قد يزاد اذا كان قليلاً في صورتين

الصورة الاولى: اذا جاوز الضرر قيمة التعويض المقدّر اي جاوز قيمة التعويض المضمون، أي أثبت ان الضرر اكثر من المضمون وذلك لان المدين غش في عمله او ارتكب خطأ جسيما فاصبح الضرر اضعاف ما تم تقديره، ففي هذ الصورة يقولون بان القاضي له زيادة التعويض لكي يكون معادلا للضرر، لان الدائن الذي اتفق مع المدين على تقدير التعويض لم يدخل في حسابه غش المدين يعني ان تقدير التعويض في الشرط الجزائي كان على تقدير خطأ عقدي اي لم يلتزم بتنفيذ الشروط كاملة، او خطأ تقصيري متعارف فهو اما متعدي واما مقصر فهذا التعدي والتقصير ينشأ من الاهمال او من السهو، اما اذا كان الدائن قد اثبت ان المدين قد غش في عمله وخطأ اخطاء جسيمة فهذا تعدي وتقصير ليس داخلا في الحسبان، فان تقدير الضرر كان على التعدي والتقصير العادي، فالمدين ضامن لخطأه الكبير والعادي، ونحن قلنا فيما اذا كان التقصير متعارفا اما الخطأ الجسيم والغش الذي هو محرم فنحن لم نقدره، فمن حق القاضي ان يتدخل ويقول ان الضرر الناشئ من الغش والخطأ الجسيم لابد من تقديره وكلما فعلتم انتم قد قدرتم الخطأ والتقصير المتعارف فهو مضمون على من عمله، وهذه نكتة مقبولة فنحن حتى لو لم يتدخل القاضي فان الضرر العادي قد قدرناه ولكن عند حصول الغش فللقاضي التدخل والتقدير، فزيادة الشرط الجزائي في هذه الصورة مقبولة.

يقولون في القوانين المدنية، يقع باطلا كل شرط يقضي بالاعفاء من المسؤلية المترتبة على العمل غير المشروع، فلو عقدت معك عقدا وقلت لك اذا حصل منك تعدي وتقصير فاعفيك من المسؤلية فيقولون ان هذا الشرط باطل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo