< قائمة الدروس

الاستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: عقود الاذعان.

اوشكنا ان ننتهي من عقود الاذعان بعد تصحيحها، وان عقود الاذعان ليس فيها اكراه بحيث يكون العقد باطلا والاضطرار الموجود في عقود الاذعان لا يفسد العقد لان حديث النهي عن ما اضطر اليه الانسان امتناني وابطال العقد الذي اضطر اليه الانسان خلاف الامتنان، نعم هناك شروط تعسفية موجودة في عقود الاذعان الخروج من هذه المشكلة ومن الشروط التعسفية يكون بالرجوع الى ولي الامر فان ولي الامر يتمكن ان يمنع الاحتكار كما يتمكن ان يسعر هذه الحاجة الضرورية الحياتية استنادا الى تقارير اهل الخبرة في سعرها الحقيقي المناسب، فتزول مشكلة عقود الاذعان.

هناك عقود مشابهة لعقود الاذعان، مثلاً اذا تواطئ اهل سلعة او حرفة معينة اذا تواطئوا على بيعها بطريقة معينة وبقيمة مرتفعة ولا يبيع واحد منهم السلعة باقل من هذا السعر، حينئذ يحصل استغلال الجمهور فيكون هذا العقد لهذه السلعة هو عقد اذعان، فلو اتفق باعة فاكهة معينة على سعر معين ولا يمكن تحصيل هذه الفاكهة من غيرهم فيكون هذا العقد شبيه بعقد الاذعان، وفرقه عن عقد الاذعان ان عقد الاذعان الحاجات والخدمات ضرورية ولايتمكن الانسان من تجاوزها لانه لا يتمكن من مسايرة الحياة العصرية بخلاف ما نحن فيه، اذاً عقود الاذعان قد يكون لها مشابه في الخارج وان كان العقد صحيحا لانه لا اكره في البين والاضطرار لا يزيل اختياره ولا يزيل رضاه بهذه السلعه نعم الشروط تعسفية يمكنه الاقدام ويمكنه عدم الاقدام.

اذاً عقود الاذعان انتهينا الى انها عقود، وكونها معاطاتية لا يزيل المشكلة وصحتها أيضا لايزيل المشكلة الاّ بتدخل ولي الامر في التسعير أو منع الاحتكار.

الآن نأتي الى موضوع آخر أيضا جديد في الساحة الفقهية، وهو:

الشرط الجزائي

أو مايعبّر عنه بالجزاء المالي او يعبر عنه بالتعويض الاتفاقي، ثلاثة عناوين لشيئ واحد، هذا الجزاء المالي قد يقصد به هو الشرط الجزائي الذي يوضع في العقد لمصلحة احد المتعاقدين ضد الاخر اذا تخلف الاخر عن التزاماته في العقد، او اذا لم يقم بالعقد.

عبارة (الشرط الجزائي) غير معروفة في كتب الفقه القديمة ولكنها معروفة في القوانين الغربية، فالقوانين الغربية فيها لفظ الشرط الجزائي، والقوانين العربية اخذت هذا التعبير من القوانين الغربية وادخلت عليه بعض التعديلات وأول قانون عربي اخذ بهذه اللفظة القانون المصري أخذ هذه اللفظة عن القانون الفرنسي وعبر عنه الدكتور السمهوري بتعبير التعويض الاتفاقي ويقصد الشرط الجزائي، وتبعت اكثر القوانين العربية تبعت القانون المصري لان واضعها هو السمهوري لانه حينما اوجدها في القانون المصري اوجدها في القانون المدني العراقي واوجدها في القانون المدني السوري، المقصود من الشرط الجزائي هو التعويض اي هناك ضرر في العقد على احد الطرفين فالشرط الجزائي هو التعويض الذي يحدده المتعاقدان مقدماً في العقد جزاء على اخلال احدهما بما تعاقدا عليه او التزم به احدهما او تعهده ولم يكن له عذر في الاخلال، وقد يكون بعد العقد وقبل حدوث الضرر، اي ان الشرط الجزائي ليس شرطا ان يكون في متن العقد بل قد يوجد بعد العقد اي في عقد آخر وقد يعبر عنه بالتعويض الاتفاقي، يعّرف بهذا التعريف اتفاق على تقدير التعويض اذا لم يقم الملتزم بالتزامه في التنفيذ، او اذا تاخر في تنفيذ التزامه فان تنفيذ الالتزام هو ان تتفق الشركة على بناء جسر خلال ثمانية عشر شهرا فتارة لاتعمل الشركة بالبناء او ان تنفيذه كان متاخرا فالشرط الجزائي هو اتفاق على تقدير ذلك الضرر الذي هو مضمون على المضرر، لان المضرر لم يكن له عذر في عدم تنفيذ العقد فيكون مقصرا أو متعديا فبتقصيره او تعديه يحصل الضررعلى الطرف الثاني فالضرر على الطرف الثاني بتقصيره او تعديه يكون مضموناً، الشرط الجزائي اتفاق على تقدير ذلك الضرر المضمون ولا نرجع الى المحكمة والى اهل الخبرة بل نحن نقدر الضرر المضمون بالشرط الجزائي.

فتعريف وتوضيح الشرط الجزائي هو: تقدير بتعويض مستحق على الملتزم، فالتعويض لازم لانه لم يقم بالتزماته اصلا او اخّر التزامه فهو مقصر وضرر الاخر فهو ضامن لهذا الضرر الذي وقع على الغير بتعديه وتقصيره، فالشرط الجزائي هو تقدير لذلك التعويض المستحق على الملتزم لانه اما متمكن من العمل حسب الاتفاق ولم يعمل فيكون مقصرا او متمكن من تسليم العمل في وقته ولم يسلّمه في وقته فهو مقصر أيضا، وحينئذ فاذا كان هناك ضرر على الطرف الآخر قد أوجده الطرف الاول ففي كلتا الحالتين وهو عدم التنفيذ او التأخير في تسليم الشيئ المتفق عليه ففي كلتا الحالتين يحب التعويض والشرط الجزائي تكفل من اول الامر تقدير التعويض المفترض.

نصت القوانين

اولاً: التعويض الاتفاقي اي الشرط الجزائي لا يكون مستحقاً اذا اثبت المدين ان الدائن لم يلحقه اي ضرر من تأخير الالتزام، اي ان الشركة ملتزمة بتسليم السلعة في الوقت المقرر فالشرط الجزائي يقول لابد من دفع مقدار الضرر لكن الشركة اذا اثبتت ان هذا المستصنع لم يتضرر بالتاخير اذاً لايستحق الشرط الجزائي لان الشرط الجزائي تعويض للضرر فلابد من وجود الضرر فاذا اثبتت الشركة عدم الضرر على الطرف الاخر فلا يكون الشرط الجزائي نافذا.

ثانياً: ان تنفيذ الالتزام اذا كان مستحيلاً، فتسليم الملتزم به في وقته اصبح مستحيلاً، وهذا يعني ان الشركة لم تكن مقصرة لان تنفيذ الالتزام اصبح مستحيلاً وهذه الاستحالة غير مرتبطة بالشركة فحينئذ لا يحق للمشتري المطالبة بالشرط الجزائي، لان الشرط الجزائي هو كون الطرف دخيلا في الضرر ومع عدم كونه دخيلا في تحقق الضرر لكون التسليم مستحيلا فلا يكون الشرط الجزائي مستحقاً على الملتزم.

ثم لو فرضنا ان تقدير الشرط الجزائي كان باطلاً، كان يكون عملا محرماً مثلا اشترطنا على الشركة انها اذا لم تسلم المبيع في وقته فأن الشرط الجزائي هو شيئ محرم كان يجب عليه قتل شخص معين، لان الشرط الجزائي قد لا يكون مالاً فاذا كان الشرط الجزائي عملا محرما فهو باطل، لكن الضرر يبقى مضموناً على من ضرر، فالضرر الذي قد سببه احد المتعاقدين على الاخر يتمكن المتضرر ان يطالب برفع الضرر الذي لحقه بسبب فعل الغير اما تعديا او تقصيرا وان بطل الشرط الجزائي لانه عمل محرم.

ايضا يقولون اذا كان الشرط الجزائي مبالغا فيه، فيستطيع من فرض عليه الشرط الجزائي ان يذهب الى القضاء ويطالب بتخفيف هذا الشرط، مثلا لو قيل له ان التاخير في الشهر الثاني فعليك مليون دولار والشهر الثاني خمسة ملايين دولار وقد تاخر شهرين ففي الشهر الاول قد خسر مليون والشهر الثاني قد خسر مليون ايضا، فلو ثبت ان الشرط الجزائي مبالغا فيه فمن عليه الشرط الجزائي له مراجعة القضاء لتخفيف هذا الشرط الجزائي الى الحد المعقول.

نحن نقول: ان الشرط الجزائي الموجود عند الغرب والمخترع من قبلهم اذا نسبناه الى القاعدة الاسلامية القائلة المسلمون عند شروطهم نراه اخص مطلقا من هذه القاعدة، فالقاعدة هي ان الشرط في الفقه الاسلامي يكون نافذا على المشروط عليه مالم يكون مخالفا للكتاب والسنة، ومعنى ذلك ان الشرط يجب على المشترط عليه تنفيذه سواء كان تعويضا عن ضرر مقدر سابقا وهو الشرط الجزائي سبّبه المشترط عليه او كان تعويضا عن ضرر بسبب غير المشترط عليه، اجنبي كان الذي سبب الضرر ام سماويا او لم يكن هناك ضرر اصلاً ولكن اشترطنا اذا تاخر في تسليم الدار الذي اشتريناه ان يدفع كل يوم مليون دينار ولا ضرر على المشتري ولكن مع هذا يكون الشرط نافذا، فالمسلمون عند شروطهم يقول ان كل شرط نافذ مالم يخالف كتاب او سنة، فاذ اشترطت عليه ان يسلمني الدار اول شهر رمضان ففي كل يوم تاخر يدفع عن كل يوم مليون فلابد من الوفاء والعمل بالشرط وان لم يكن ضرر على المشترط، فالقاعدة الاسلامية وهي المسلمون عند شروطهم يعني يجب على المسلمين ان يعملوا بشروطهم وينفذوا الشروط ما لم يكن الشرط مخالفا للكتاب او السنة، فاذا كان هذا الشرط هو عبارة عن تقدير تعويض لضرر موجود هذا الضرر من الذي اوجده فهو المشترط عليه اولا، وثانيا تقدير تعويض لضرر موجود لم يوجده المشترط عليه بل اوجده شخص آخر، ثالثا تقدير ضرر موجود لم يوجده المشترط ولا اجنبي بل اوجدته السماء فالذي سبب الضرر هنا ليس شخصا خارجيا او جيرانه او زوجته او ابنه بل السماء ولكن مع هذا يجب عليه الوفاء بما اشترط عليه، والشرط يجب الوفاء به وان لم يوجد ضرر على المشترط فيجب على المشترط عليه الوفاء به اذا لم يخالف الشرط الكتاب والسنة وقد قبله المشترط عليه باختياره ولم يكن سفيها لان الذي قبل الشرط اذا كان سفيها فيكون العقد باطلا.

نحن نقول الشرط قبله المشترط عليه ولم يكن سفيها اذاً يجب العمل بالشروط لقاعدة المسلمون عند شروطهم، او حسب آية (اوفوا بالعقود) اي اوفي بالعقد الذي فيه شرط يعني اوفي بالشرط.

اذاً الموجود في الفقه الاسلامي هو وجوب العمل طبق الشروط المتعاقد عليها وهذه القاعدة مذكورة في الفقه الاسلامي وحينئذ فيكون الشرط الجزائي شعبة من شعب نفوذ الشرط ما لم يخالف الكتاب او السنة، فان هذا الشرط الذي يسمى عندهم بالجزائي لان احد الطرفين ضررني بالتعدي والتقصير اذا الشرط الجزائي الموجود عند الغرب هو شعبة من شعب المسلمون عند شروطهم، فنقول ان هذا اللفظ غير موجود في الفقه الاسلامي القديم بلفظ الشرط الجزائي ولكن هو موجود بغير هذه اللفظة لوجود المسلمون عند شروطهم فما ذكره العالم السوداني الصديق الضرير قال اننا لانتوقع وجود نص في القران اوالسنة او قول صحابي او فقيه من المتقدمين في حكم الشرط الجزائي الذي بينا حقيقته في القانون على الوجه السابق، فهذا الكلام باطل لان دليل الفقه الجزائي موجود في الفقه الاسلامي وهو المسلمون عند شروطهم والشرط الجزائي هو شعبة من الشروط ونفوذها، نعم هذا اللفظ غير موجود في الفقه الاسلامي القديم، فهذا الكلام من قبل الصديق الضرير غير صحيح لان ادلة نفوذ الشرط مالم يخالف كتابا او سنة هو حكم لمطلق الشرط جزائيا كان او غير جزائي، وسنستدل على صحة الشرط الجزائي هو المسلمون عند شروطهم فهي مروية عن النبي ورواها ايضا اهل السنة، وسندها فيه كلام.

ثم ان الشرط الجزائي متى وجد في القوانين الوضعية الغربية؟.

ان الفقه الغربي متخلف لانه يحدد الانسان، فعندما يحتاجون شيئ فانهم يحتالون على الفقه الغربي فقد قالوا ان ايّ شرط في العقود للغير باطل، يعني ابيعك بيتي واشترط عليك ان تحول الثمن الى بغداد لسداد ديني فهم يقولون ان هذا الشرط باطل لانه أوجد حقا للغير وهو تحويل الثمن الى فلان في بغداد والشرط لا يوجد حقا للغير، او انا عندي اب كبير وتحتاج رعايتة الى راتب شهري فابيع البيت واشترط ان يكون ثمنه للراتب الشهري، فيقولون ان هذا الشرط اوجد حقا للغير وهو باطل ، ولكنهم احتاجوا الى هذه الامور فقالوا ان العقد لا يوجد حقا للغير وكل شرط اوجد حقا للغير فهو باطل فابتكروا الشرط الجزائي فانه حق للغير لكنهم جعلوه حقا لاحد المتبايعين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo