< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/12/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :کراهة قتل الاسیر صبرا

كان بحثنا في قول المصنف بكراهة قتل الأسير صبراً وذكرنا في المراد من قتل الصبر معاني مختلفة منها تجويعه و تعطيشه حتى يموت فهذا النوع من قتل الصبر لا يجوز لما قلنا بوجوب اطعام الأسير، و الظاهر من إضافة القتل الى الصبر كون الصبر سبباً لموته، فقتله جهراً بين الناس او مقيد اليدين والرجلين، ليس قتل الصبر، فما قاله في القاموس المحیط -صبر الإنسان و غيره على القتل أن يحبس و يرمى حتى يموت-[1] هو الأقرب و كذلك ما قاله الشهيد في المسالك من (أنه التعذيب حتى يموت)[2] أو لا يطعم و لا يسقى حتى يموت بالعطش و الجوع ولكن مع ذلك كله الاحتياط يقتضي الاجتناب من الإيذاء بغير القتل لان كل تصرف في الغير يحتاج الى مرخص والاصل فيه عدم الجواز.

. هناك رواية استدلوا بها على كراهة قتل الصبر وهي صحيحة الحلبي: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمْ يَقْتُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَبْراً- قَطُّ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ- وَ طَعَنَ ابْنَ أَبِي خَلَفٍ فَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ[3] . ‌ اِخبار الامام الصادق عن تقيّد رسول الله بعدم القتل صبراً دالّ على مرجوحيّته، قال في الجواهر بعد ذكر الحديث: (‌ضرورة إشعاره بمرجوحيته التي لا ينافيها وقوعه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المحتمل رجحانه لمقارنة أمر آخر ، على أن الحكم مما يتسامح فيه[4] ). وكذلك جعل صاحب الوسائل عنوان الباب (جواز قتل الأسير صبراً عن كراهية). والظاهر انهما استفادوا الجواز من فعل رسول الله صلى الله عليه وآله.

ولكن يلاحظ في هذه الاستفادة بأن قتل رسول الله لابن معيط صبرا ليس دالا على جواز القتل صبراً مطلقاً، فلعله كان إرتكب جريمة يستحق التعزير لها كمن يأتي بالزنا المحصنة فيقتل رجماً. نعم أن هذه الصحيحة ليست دالة على حرمة قتل الصبر لأن الالتزام بترك شيئ أقصاه دلالته على كراهة ذلك الشيئ.

الاستدلال علی عدم جواز القتل صبرا :

ولكن يمكن أن يستدل على عدم الجواز بصحيحة مسعدة بن زیاد الآنفة الذكر حيث ورد فيها: " قال علي عليه السلام: إطعام الأسير و الإحسان إليه حق واجب و إن قتله من الغد "[5] فوجوب الاحسان ينافي القتل صبراً وكذلك صحيحة زرارة حيث ورد فيها: "إطعام الأسير حق على من أسره و إن كان يراد من الغد قتله، فإنه ينبغي أن يطعم و يسقى و يرفق به كافرا كان أو غيره"[6] فالرفق بالأسير لا ينسجم مع تعذيبه وقتله صبراً.

وكذالك ما ورد في النهي عن التمثيل بالجثة ففي حال الحياة التمثيل أسوء ولهذه الوجوه لا اقل من وجوب الاحتياط في الاجتناب عن القتل صبرا.

لا يقال: بما اننا نشك في الحرمة فالمرجع اصالة الحل اخذا بقول رسول الله كل شيئ مطلق حتى ورد فيه النهي.

لأنّا نقول: حرمة التصرف في مال الغير و حرمة دمه واردة على اصالة الحل فيما نحن فيه فلابد من التحري عن دلیل الجواز.

الفرع الثالث: کراهة حمل الراس من المعرکة

مما ورد في هذا المقطع من كلام المحقق: كراهة حمل رأس المقتول من المشركين الى خارج المعركة قال رضوان الله عليه: و كذا يكره حمل رأسه من المعركة[7]

واستدل في الجواهر على هذا الحكم بأدلة:

الدلیل الاول: كونه تمثيلاً أو كالتمثيل[8]

ويرد عليه: بأن التمثيل بالميت هو قطع أعضاء بدنه والحمل للرأس المقطوع ليس تمثيلاً، واما كونه مثل التمثيل فما هو المراد من المماثلة؟ أقرب ما يمكن ان یقال فی المماثلة، المماثلة في القبح او الإهانة الى الجسد، وهذا الدليل أشبه بالاستحسان لان النهی عن التمثیل یمکن ان یکون لاجل شیء آخر غیر الاهانة فلایمکن قیاسه بما نحن فیه.

الدليل الثاني: إشعار عدم نقل رأس كافر قط إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله بمرجوحيته في الجملة[9]

اقول: هذا الدلیل لاباس به لان التقيد بعدم الحمل و مع انه كان من المتعارف حمل الرؤس، مشعر بكراهته عليه صلوات المصلين لهذه السنّة وتقبيحه لها.

الدليل الثالث: و للخوف من فعل مثله بالمؤمن[10]

و یرد علیه: ان هذا الدليل أخص من المدعى، فالمدعى كراهة النقل مطلقاً والدليل انّما يشمل ما اذا خيف من المعاملة بالمثل. ولكن عند ما نطمئن بعدم ارتكابهم لذلك لضعفهم او لجهة اخرى فلا يتم الدليل، كما اذا كان النقل سيرة العدو سواء فعلنا بهم ذلك او لا، فلا يبقى وجه للدليل.

ثم قال في الأخير: مع أن الحكم مما يتسامح فيه[11] و أراد بذلك نفي الحرمة ولم يبين ما وجه التساح في الحكم.

ثم يقول: (نعم لو كان في نقله نكبة للكفار و قوة للمسلمين أمكن زوالها، و لعله لذا حمل رأس أبي جهل، بل في بعض الأخبار حمل أمير المؤمنين عليه السلام رأس عمرو بن عبد ود. و اللّٰه العالم[12] ).

أقول: مجرد وجود مصلحة كنكبة الكفار لا يزول الحكم لان الهدف لا يبرّر الوسيلة الا اذا كان الهدف اهماً من حرمة الوسيلة والوسيلة هي السبب المنحصر في الوصول الى الهدف. نعم لو ثبت فعل رسول الله او امير المؤمنين عليهما السلام يكفينا في الحكم بالجواز ولكن سنده ضعيف جداً وما ورد في التاريخ انه جيئ برأس الى رسول الله وأنّ علياً القى رأس عمرو بن عبدود امام رسول الله صلى الله عليهما والهما، لم يكن حمل الرأس الى خارج المعركة بل كان داخل المعركة واثناء الحرب.

فكراهة حمل الرأس الى خارج المعركة قدرالمتیق وينبغي الاحتیاط في تركه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo